صفحة جزء
( ولله غيب السماوات والأرض وإليه يرجع الأمر كله فاعبده وتوكل عليه وما ربك بغافل عما تعملون )

لا يخفى عليه شيء من أعمالكم ، ولا حظ لمخلوق في علم الغيب ، وقرأ نافع وحفص : ( يرجع ) مبنيا للمفعول ، ( الأمر كله ) أمرهم وأمرك ، فينتقم لك منهم ، وقال أبو علي الفارسي : علم ما غاب في السماوات والأرض ، أضاف الغيب إليهما توسعا ، انتهى . والجملة الأولى دلت على أن علمه محيط بجميع الكائنات كليها وجزئيها حاضرها وغائبها ؛ لأنه إذا أحاط علمه بما غاب فهو بما حضر محيط ، إذ علمه تعالى لا يتفاوت .

والجملة الثانية دلت على القدرة النافذة والمشيئة .

والجملة الثالثة دلت على الأمر بإفراد من هذه صفاته بالعبادة الجسدية والقلبية ، والعبادة أولى الرتب التي يتحلى بها العبد .

والجملة الرابعة دلت على الأمر بالتوكل ، وهي آخرة الرتب ؛ لأنه بنور العبادة أبصر أن جميع الكائنات معذوقة بالله تعالى ، وأنه هو المتصرف وحده في جميعها ، لا يشركه في شيء منها أحد من خلقه ، فوكل نفسه إليه تعالى ، ورفض سائر ما يتوهم أنه سبب في شيء منها .

والجملة الخامسة : تضمنت التنبيه على المجازاة ، فلا يضيع طاعة مطيع ولا يهمل حال متمرد ، وقرأ الصاحبان و حفص وقتادة والأعرج وشيبة وأبو جعفر والجحدري : ( تعملون ) بتاء الخطاب ؛ لأن قبله ( اعملوا على مكانتكم ) ، وقرأ باقي السبعة : بالياء على الغيبة ، واختلف عن الحسن وعيسى بن عمر .

التالي السابق


الخدمات العلمية