( 
وآتوا اليتامى أموالهم   ) قال 
مقاتل  والكلبي    : نزلت في رجل من 
غطفان  كان عنده مال كثير لابن أخ له يتيم ، فلما بلغ طلب المال فمنعه . ومناسبتها لما قبلها أنه لما وصل الأرحام أتبع بالأيتام ؛ لأنهم صاروا بحيث لا كافل لهم ، ففارق حالهم حال من له رحم ماسة . وظاهره الأمر بإعطاء اليتامى أموالهم . 
واليتم في بني 
آدم    : فقد الأب ، وهو جمع يشمل الذكور والإناث . وينقطع هذا الاسم شرعا بالبلوغ ، فلا بد من مجاز ، إما في اليتامى لإطلاقه على البالغين اعتبارا وتسمية بما كانوا عليه شرعا قبل البلوغ من اسم اليتم ، فيكون الأولياء قد أمروا بأن لا تؤخر الأموال عن حد البلوغ ، ولا يمطلوا إن أونس منهم الرشد ، وإما أن يكون المجاز في ( أوتوا ) ، ويكون معنى إيتائهم الأموال - الإنفاق عليهم منها شيئا فشيئا ، وأن لا يطمع فيها الأولياء والأوصياء ، ويكفوا عنها أيديهم الخاطئة . وعلى كلا المعنيين الخطاب لمن له وضع اليد على مال اليتيم شرعا . وقال 
ابن زيد    : الخطاب لمن كانت عادته من العرب أن لا يرث الصغير من الأولاد مع الكبير ، فقيل لهم : ورثوهم أموالهم ، ولا تتركوا أيها الكبار حظوظكم حلالا طيبا حراما خبيثا ، فيجيء فعلكم ذلك تبدلا . وقيل : كان الولي يربح على يتيمه فتستنفد تلك الأرباح مال اليتيم ، فنهوا عن ذلك . واحتج 
أبو بكر   [ ص: 160 ] الرازي  بهذه الآية على السفيه لا يحجر عليه بعد بلوغه خمسا وعشرين سنة . قال : لأن 
وآتوا اليتامى مطلق يتناول سفيها وغيره ، أونس منه الرشد أو لا ، ترك العمل به قبل السن المذكور بالإنفاق على أن إيناس الرشد قبل بلوغ هذا السن شرط في وجوب دفع المال إليه ، وهذا الإجماع لم يوجد بعد هذا السن ، فوجب إجراء الأمر بعد هذا السن على حكم ظاهره . وأجيب بأن هذه الآية عامة وخصصت بقوله : 
وابتلوا اليتامى ولا تؤتوا السفهاء ، ولا شك أن الخاص مقدم على العام ( 
ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب   ) قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=15990ابن المسيب  والنخعي   nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري  والضحاك  والسدي    : كان بعضهم يبدل الشاة السمينة من مال اليتيم بالهزيلة من ماله ، والدرهم الطيب بالزيف من ماله . وقال
مجاهد  وأبو صالح    : المعنى : ولا تتعجلوا أكل الخبيث من أموالهم ، وتدعوا انتظار الرزق الحلال من عند الله . وقيل : المعنى ولا تأكلوا أموالهم خبيثا وتدعوا أموالكم طيبا . وقيل : المعنى لا تأخذوا مال اليتيم وهو خبيث ليؤخذ منكم المال الذي لكم وهو طيب . وقيل : لا تأكلوا أموالهم في الدنيا ، فتكون هي نارا تأكلونها وتتركون الموعود لكم في الآخرة بسبب إبقاء الخبائث والمحرمات ، وقيل : لا تستبدلوا الأمر الخبيث ، وهو اختزال أموال اليتامى - بالأمر الطيب ، وهو حفظها والتورع منها . وتفعل هنا بمعنى استفعل كتعجل وتأخر بمعنى استعجل واستأخر . وظاهره أن الخبيث والطيب وصفان في الأجرام المتبدلة والمتبدل به ، فإما أن يكون ذلك باعتبار اللغة فيكونان بمعنى الكريه المتناول واللذيذ ، وإما أن يكون باعتبار الشرع فيكونان بمعنى الحرام والحلال . أما أن يكونا وصفين لاختزال الأموال وحفظها ففيه بعد ظاهر ، وإن كان له تعلق ما بقوله : 
وآتوا اليتامى أموالهم   . 
وقرأ 
ابن محيصن    : ( ولا تبدلوا ) بإدغام التاء الأولى في الثانية .