صفحة جزء
[ ص: 611 ] فصل

ومن المتشابه أوائل السور

والمختار فيها - أيضا - أنها من الأسرار التي لا يعلمها إلا الله تعالى .

أخرج ابن المنذر وغيره ، عن الشعبي : أنه سئل عن فواتح السور ، فقال : إن لكل كتاب سرا ، وإن سر هذا القرآن فواتح السور .

وخاض في معناها آخرون ، فأخرج ابن أبي حاتم وغيره ، من طريق أبي الضحى ، عن ابن عباس ، في قوله : الم قال : أنا الله أعلم ، وفي قوله : المص قال : أنا الله أفصل ، وفي قوله : الر أنا الله أرى .

وأخرج من طريق سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، في قوله : الم و حم و ن قال : اسم مقطع .

وأخرج من طريق عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : الر و حم و ن حروف الرحمن مفرقة .

وأخرج أبو الشيخ : عن محمد بن كعب القرظي قال : الر من الرحمن .

وأخرج عنه - أيضا - قال : المص : الألف من الله والميم من الرحمن ، والصاد من الصمد .

وأخرج أيضا عن الضحاك ، في قوله : المص قال : أنا الله الصادق .

وقيل : المص معناه : المصور .

وقيل : الر معناه : أنا الله أعلم وأرفع ، حكاهما الكرماني في غرائبه .

[ ص: 612 ] وأخرج الحاكم وغيره ، من طريق سعيد بن جبير ، عن ابن عباس في كهيعص قال : الكاف من كريم ، والهاء من هاد ، والياء من حكيم ، والعين من عليم ، والصاد من صادق .

وأخرج الحاكم - أيضا - من وجه آخر ، عن سعيد ، عن ابن عباس ، في قوله : كهيعص قال : كاف هاد أمين عزيز صادق .

وأخرج ابن أبي حاتم ، من طريق السدي : عن أبي مالك ، وعن أبي صالح ، عن ابن عباس ، وعن مرة عن ابن مسعود وناس من الصحابة في قوله : كهيعص قال : هو هجاء مقطع : الكاف من الملك ، والهاء من الله ، والياء والعين من العزيز ، والصاد من المصور .

وأخرج عن محمد بن كعب مثله ، إلا أنه قال : والصاد من الصمد .

وأخرج سعيد بن منصور وابن مردويه ، من وجه آخر ، عن سعيد ، عن ابن عباس ، في قوله : كهيعص قال : كبير ، هاد ، أمين ، عزيز ، صادق .

وأخرج ابن مردويه ، من طريق الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس ، في قوله : كهيعص قال : الكاف الكافي ، والهاء الهادي ، والعين العالم ، والصاد الصادق .

وأخرج من طريق يوسف بن عطية ، قال : سئل الكلبي عن كهيعص فحدث عن أبي صالح عن أم هانئ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : كاف ، هاد ، أمين ، عالم ، صادق .

وأخرج ابن أبي حاتم ، عن عكرمة ، في قوله كهيعص قال : يقول : أنا الكبير ، الهادي ، علي ، أمين ، صادق .

[ ص: 613 ] وأخرج عن محمد بن كعب ، في قوله : طه قال : الطاء من ( ذي الطول ) [ غافر : 3 ] .

وأخرج عنه - أيضا - في قوله : طسم قال : الطاء في ذي الطول والسين من القدوس ، والميم من الرحمن .

وأخرج عن سعيد بن جبير ، في قوله : حم قال : حاء اشتقت من الرحمن ، وميم اشتقت من الرحيم .

وأخرج عن محمد بن كعب ، في قوله : حم عسق [ الشورى : 1 - 2 ] قال : الحاء والميم من الرحمن ، والعين من العليم ، والسين من القدوس ، والقاف من القاهر .

وأخرج عن مجاهد ، قال : فواتح السور كلها هجاء مقطع .

وأخرج عن سالم بن عبد الله ، قال : المر و حم و ن ونحوها اسم الله مقطعة .

وأخرج عن السدي ، قال : فواتح السور أسماء من أسماء الرب جل جلاله ، فرقت في القرآن .

وحكى الكرماني في قوله : ق إنه حرف من اسمه قادر وقاهر .

وحكى غيره في قوله : ن إنه مفتاح اسمه تعالى : نور وناصر .

وهذه الأقوال كلها راجعة إلى قول واحد ، وهو أنها : حروف مقطعة ، كل حرف منها مأخوذ من اسم من أسمائه تعالى .

والاكتفاء ببعض الكلمة معهود في العربية ، قال الشاعر :


قلت لها قفي فقالت قاف

أي : وقفت . وقال :


بالخير خيرات وإن شرا فا     ولا أريد الشر إلا أن تا

.

أراد وإن شرا فشر وإلا أن تشاء . وقال :

ناداهم ألا الجموا ألا تا     قالوا جميعا كلهم ألا فا
.

[ ص: 614 ] أراد : ألا تركبون ، ألا فاركبوا .

وهذا القول اختاره الزجاج ، وقال : العرب تنطق بالحرف الواحد تدل به على الكلمة التي هو منها .

وقيل : إنها الاسم الأعظم : إلا أنا لا نعرف تأليفه منها . كذا نقله ابن عطية .

وأخرج ابن جرير - بسند صحيح - ، عن ابن مسعود ، قال : هو اسم الله الأعظم .

وأخرج ابن أبي حاتم ، من طريق السدي : أنه بلغه عن ابن عباس ، قال : الم اسم من أسماء الله تعالى الأعظم .

وأخرج ابن جرير وغيره ، من طريق علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، قال : الم و طسم و ص وأشباهها قسم أقسم الله به ، وهو من أسماء الله .

وهذا يصلح أن يكون قولا ثالثا ، أي : أنها برمتها أسماء الله . ويصلح أن يكون من القول الأول ومن الثاني . وعلى الأول : مشى ابن عطية وغيره .

ويؤيده ما أخرجه ابن ماجه في تفسيره ، من طريق نافع : عن أبي نعيم القارئ عن ، فاطمة بنت علي بن أبي طالب : أنها سمعت علي بن أبي طالب يقول : يا كهيعص اغفر لي .

وما أخرجه ابن أبي حاتم ، عن الربيع بن أنس ، في قوله : كهيعص قال : يا من يجير ولا يجار عليه .

وأخرج عن أشهب ، قال : سألت مالك بن أنس : أينبغي لأحد أن يتسمى ب ( يس ) ؟ .

فقال : ما أراه ينبغي ، لقول الله يس والقرآن الحكيم [ يس : 1 - 2 ] ، يقول : هذا اسم تسميت به .

[ ص: 615 ] وقيل : هي أسماء للقرآن : كالفرقان والذكر ، أخرجه عبد الرزاق ، عن قتادة . وأخرجه ابن أبي حاتم بلفظ : كل هجاء في القرآن فهو اسم من أسماء القرآن .

وقيل : هي أسماء للسور : نقله الماوردي وغيره عن زيد بن أسلم ، ونسبه صاحب الكشاف إلى الأكثر .

وقيل : هي فواتح للسور كما يقولون في أول القصائد ( بل ) و ( لا بل ) .

أخرج ابن جرير ، من طريق الثوري ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قال : الم و حم و المص و ص ونحوها فواتح افتتح الله بها القرآن .

وأخرج أبو الشيخ ، من طريق ابن جريج قال : قال مجاهد الم و المر فواتح افتتح الله بها القرآن .

قلت : ألم يكن يقول : هذه هي أسماء ؟

قال : لا .

وقيل : هذا حساب أبي جاد : لتدل على مدة هذه الأمة .

وأخرج ابن إسحاق ، عن الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس ، عن جابر بن عبد الله بن رياب قال : مر أبو ياسر بن أخطب في رجال من يهود برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يتلو فاتحة سورة البقرة : الم ذلك الكتاب لا ريب فيه فأتى أخاه حيي بن أخطب في رجال من اليهود ، فقال : تعلمون والله لقد سمعت محمدا يتلو فيما أنزل عليه : الم ذلك الكتاب . قال : أنت سمعته ؟ قال : نعم . فمشى حيي في أولئك النفر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا ألم تذكر أنك تتلو فيما أنزل عليك : الم ذلك ؟ فقال : " بلى " . فقالوا : لقد بعث الله قبلك أنبياء ، ما نعلمه بين لنبي ما مدة ملكه ، وما أجل أمته غيرك ، الألف واحدة ، واللام ثلاثون ، والميم أربعون ، فهذه إحدى وسبعون سنة أفندخل في دين نبي إنما مدة ملكه وأجل أمته إحدى وسبعون سنة ؟ ! ثم قال : يا محمد ، هل مع هذا غيره ؟ قال : نعم : [ ص: 616 ] المص قال : هذه أثقل وأطول ، الألف واحدة ، واللام ثلاثون ، والميم أربعون والصاد تسعون ، فهذه إحدى وثلاثون ومائة سنة ، هل مع هذا غيره ؟ قال : نعم ; الر . قال : هذه أثقل وأطول ; الألف واحدة ، واللام ثلاثون ، والراء مائتان ، هذه إحدى وثلاثون ومائتا سنة . هل مع هذا غيره ؟

قال : نعم المر .

قال : هذه أثقل وأطول هذه إحدى وسبعون ومائتان ، ثم قال : لقد لبس علينا أمرك حتى ما ندري أقليلا أعطيت أم كثيرا . ثم قال : قوموا عنه
.

ثم قال أبو ياسر لأخيه ومن معه : ما يدريكم لعله قد جمع هذا كله لمحمد ، إحدى وسبعون ، وإحدى وثلاثون وستون ومائة وإحدى وثلاثون ومائتان ، وإحدى وسبعون ومائتان ، فذلك سبعمائة وأربع وثلاثون سنة . فقالوا : لقد تشابه علينا أمره ، فيزعمون أن هؤلاء الآيات نزلت فيهم : هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات [ آل عمران : 7 ] .

أخرجه ابن جرير من هذا الطريق ، وابن المنذر من وجه آخر ، عن ابن جرير معضلا .

وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن أبي العالية في قوله : الم قال : هذه الأحرف الثلاثة من الأحرف التسعة والعشرين ، دارت بها الألسن ، ليس منها حرف إلا وهو مفتاح اسم من أسمائه تعالى ، وليس منها حرف إلا وهو من آلائه وبلائه ، وليس منها حرف إلا وهو في مدة أقوام وآجالهم ، فالألف مفتاح اسمه : الله ، واللام مفتاح اسمه : لطيف ، والميم مفتاح اسمه : مجيد ، فالألف آلاء الله واللام لطف الله ، والميم مجد الله ، فالألف سنة ، واللام ثلاثون ، والميم أربعون .

قال الخويي : وقد استخرج بعض الأئمة من قوله تعالى : الم غلبت الروم [ الروم : 1 - 2 ] أن البيت المقدس تفتحه المسلمون في سنة ثلاثة وثمانين وخمسمائة ، ووقع كما قاله .

وقال السهيلي : لعل عدد الحروف التي في أوائل السور - مع حذف المكرر - للإشارة إلى مدة بقاء هذه الأمة .

قال ابن حجر : وهذا باطل لا يعتمد عليه ، فقد ثبت عن ابن عباس - رضي الله عنه - الزجر عن عد أبي جاد . والإشارة إلى أن ذلك من جملة السحر ، وليس ذلك ببعيد ، فإنه لا أصل له في الشريعة ، وقد قال القاضي أبو بكر بن العربي في فوائد رحلته : ومن الباطل علم الحروف المقطعة في أوائل السور .

[ ص: 617 ] وقد تحصل لي فيها عشرون قولا وأزيد ، ولا أعرف أحدا يحكم عليها بعلم ولا يصل منها إلى فهم .

والذي أقوله : إنه لولا أن العرب كانوا يعرفون أن لها مدلولا متداولا بينهم لكانوا أول من أنكر ذلك على النبي - صلى الله عليه وسلم - بل تلا عليهم حم فصلت و ص وغيرهما فلم ينكروا ذلك بل صرحوا بالتسليم له في البلاغة والفصاحة ، مع تشوفهم إلى عثرة وحرصهم على زلة ، فدل على أنه كان أمرا معروفا بينهم لا إنكار فيه . انتهى .

وقيل : وهي تنبيهات كما في النداء : عده ابن عطية مغايرا للقول بأنها فواتح ، والظاهر أنه بمعناه .

قال أبو عبيدة : الم افتتاح كلام .

وقال الخويي : القول بأنها تنبيهات جيد ; لأن القرآن كلام عزيز وفوائده عزيزة ، فينبغي أن يرد على سمع متنبه ، فكان من الجائز أن يكون الله قد علم في بعض الأوقات كون النبي - صلى الله عليه وسلم - في عالم البشر مشغولا ، فأمر جبريل بأن يقول عند نزوله : الم و الر و حم ليسمع النبي - صلى الله عليه وسلم - صوت جبريل فيقبل عليه ، ويصغي إليه . قال : وإنما لم تستعمل الكلمات المشهورة في التنبيه ك " ألا " و " أما " لأنها من الألفاظ التي يتعارفها الناس في كلامهم ، والقرآن كلام لا يشبه الكلام ، فناسب أن يؤتى فيه بألفاظ تنبيه لم تعهد ، لتكون أبلغ في قرع سمعه . انتهى .

وقيل : إن العرب كانوا إذا سمعوا القرآن لغوا فيه ، فأنزل الله هذا النظم البديع ليعجبوا منه ، ويكون تعجبهم منه سببا لاستماعهم ، واستماعهم له سببا لاستماع ما بعده ، فترق القلوب ، وتلين الأفئدة .

وعد هذا جماعة قولا مستقلا ، والظاهر خلافه ، وإنما يصلح هذا مناسبة لبعض الأقوال ، لا قولا في معناه ، إذ ليس فيه بيان معنى .

وقيل : إن هذه الحروف ذكرت لتدل على أن القرآن مؤلف من الحروف التي هي أ ب ت ث . . . . : فجاء بعضها مقطعا ، وجاء تمامها مؤلفا ، ليدل القوم الذين نزل القرآن بلغتهم أنه بالحروف التي يعرفونها ، فيكون ذلك تعريفا لهم ، ودلالة على عجزهم أن يأتوا بمثله ، بعد أن علموا أنه منزل بالحروف التي يعرفونها ، ويبنون كلامهم منها .

وقيل : المقصود بها الإعلام بالحروف التي يتركب منها الكلام : فذكر منها أربعة عشر حرفا ، وهي نصف جميع الحروف ، وذكر من كل جنس نصفه :

[ ص: 618 ] فمن حرف الحلق : الحاء ، والعين ، والهاء . ومن التي فوقها القاف ، والكاف .

ومن الحرفين الشفهيين : الميم .

ومن المهموسة : السين ، والحاء ، والكاف ، والصاد ، والهاء .

ومن الشديدة : الهمزة ، والطاء ، والقاف ، والكاف .

ومن المطبقة : الطاء ، والصاد .

ومن المجهورة : الهمزة ، والميم ، واللام ، والعين ، والراء ، والطاء ، والقاف ، والياء ، والنون .

ومن المنفتحة : الهمزة ، والميم ، والراء ، والكاف ، والهاء ، والعين ، والسين ، والحاء ، والقاف ، والياء ، والنون .

ومن المستعلية : القاف ، والصاد ، والطاء .

ومن المنخفضة : الهمزة ، واللام ، والميم ، والراء ، والكاف ، والهاء ، والياء ، والعين ، والسين ، والحاء ، والنون .

ومن القلقلة : القاف ، والطاء .

ثم إنه تعالى ذكر حروفا مفردة ، وحرفين حرفين ، وثلاثة ثلاثة ، وأربعة ، وخمسة ; لأن تراكيب الكلام على هذا النمط ، ولا زيادة على الخمسة .

وقيل : هي أمارة جعلها الله لأهل الكتاب : أنه سينزل على محمد كتابا في أول سور منه حروف مقطعة :

هذا ما وقفت عليه من الأقوال في أوائل السور من حيث الجملة ، وفي بعضها أقوال أخر ; فقيل : إن ( طه ) و ( يس ) بمعنى : يا رجل ، أو : يا محمد ، أو : يا إنسان ، وقد تقدم في المعرب .

وقيل : هما اسمان من أسماء النبي - صلى الله عليه وسلم - .

قال الكرماني في غرائبه : ويقويه في ( يس ) قراءة ( ياسين ) بفتح النون وقوله ( إل ياسين ) . وقيل : طه أي : طأ الأرض أو اطمئن ، فيكون فعل أمر والهاء مفعول ، أو للسكت ، أو مبدلة من الهمزة .

أخرج ابن أبي حاتم ، من طريق سعيد بن جبير : عن ابن عباس في قوله : طه هو كقولك : فاعل . وقيل : ( طه ) أي : يا بدر ; لأن الطاء بتسعة ، والهاء بخمسة ، فذلك أربع [ ص: 619 ] عشرة إشارة إلى البدر ; لأنه يتم فيها . ذكره الكرماني في غرائبه .

وقيل : في قوله يس : أي : يا سيد المرسلين ، وفي قوله ص معناه صدق الله .

وقيل : أقسم بالصمد الصانع الصادق .

وقيل : معناه صاد يا محمد عملك بالقرآن ، أي : عارضه به ، فهو أمر من المصاداة .

وأخرج عن الحسين ، قال : صاد : حادث القرآن ، يعني : انظر فيه .

وأخرج عن سفيان بن حسين ، قال : كان الحسن يقرؤها ( صاد والقرآن ) يقول : عارض القرآن . وقيل : ص اسم بحر عليه عرش الرحمن .

وقيل : اسم بحر يحيي به الموتى .

وقيل : معناه صاد محمد قلوب العباد حكاها الكرماني كلها .

وحكى في قوله : المص أي : معناه : ( ألم نشرح لك صدرك وفي حم أنه صلى الله عليه وسلم . وقيل : معناه حم ما هو كائن ، وفي حم عسق [ الشورى : 1 - 2 ] أنه جبل قاف . وقيل : ق جبل محيط بالأرض . أخرجه عبد الرزاق ، عن مجاهد .

وقيل : أقسم بقوة قلب محمد - صلى الله عليه وسلم - .

وقيل : هي القاف من قوله : ( وقضي الأمر ) دلت على بقية الكلمة .

وقيل : معناها قف يا محمد على أداء الرسالة ، والعمل بما أمرت ، حكاها الكرماني .

وقيل : ن هو الحوت . أخرج الطبراني ، عن ابن عباس مرفوعا : أول ما خلق الله القلم والحوت . قال : اكتب ، قال ما أكتب ؟ قال : كل شيء كائن إلى يوم القيامة ثم قرأ ( ن والقلم ) فالنون الحوت ، والقاف القلم .

[ ص: 620 ] وقيل : هو اللوح المحفوظ
.

أخرجه ابن جرير ، من مرسل ابن قرة مرفوعا .

وقيل : هو الدواة ، أخرجه عن الحسن وقتادة .

وقيل : هو المداد ، حكاه ابن قتيبة في غريبه .

وقيل : هو القلم ، حكاه الكرماني عن الجاحظ .

وقيل : هو اسم من أسماء النبي - صلى الله عليه وسلم - حكاه ابن عساكر في مبهماته .

وفي " المحتسب " لابن جني : أن ابن عباس قرأ ( حم سق ) بلا عين ، ويقول : السين كل فرقة تكون ، والقاف كل جماعة تكون .

قال ابن جني : وفي هذه القراءة دليل على أن الفواتح فواصل بين السور ، ولو كانت أسماء الله لم يجز تحريف شيء منها ; لأنها لا تكون حينئذ أعلاما ، والأعلام تؤدى بأعيانها ، ولا يحرف شيء منها .

وقال الكرماني في غرائبه في قوله تعالى : الم أحسب الناس [ العنكبوت : 1 - 2 ] : الاستفهام هنا يدل على انقطاع الحروف عما بعدها في هذه السورة وغيرها .

التالي السابق


الخدمات العلمية