صفحة جزء
قال تعالى : ( قال عما قليل ليصبحن نادمين ( 40 ) ) .

قوله تعالى : ( عما قليل ) : " ما " زائدة .

وقيل : هي بمعنى شيء ، أو زمن . وقيل : بدل منها .

وفي الكلام قسم محذوف جوابه : " ليصبحن "

و " عن " يتعلق بيصبحن ، لم تمنع اللام ذلك كما منعتها لام الابتداء ، وأجازوا : زيد لأضربن ; لأن اللام للتوكيد ; فهي مثل قد ، ومثل لام التوكيد في خبر إن ; كقوله : ( بلقاء ربهم لكافرون ) [ الروم : 8 ] .

وقيل : اللام هنا تمنع من التقديم إلا في الظروف ، فإنه يتوسع فيها .

قال تعالى : ( ثم أرسلنا رسلنا تترى كلما جاء أمة رسولها كذبوه فأتبعنا بعضهم بعضا وجعلناهم أحاديث فبعدا لقوم لا يؤمنون ( 44 ) ) .

قوله تعالى : ( تترى ) : التاء بدل من الواو ; لأنه من المواترة ، وهي المتابعة ; وذلك من قولهم : جاءوا على وتيرة ; أي طريقة واحدة ، وهو نصب على الحال ; أي متتابعين ، وحقيقته أنه مصدر في موضع الحال . وقيل : هو صفة لمصدر محذوف ; أي إرسالا متواترا .

وفي ألفها ثلاثة أوجه ; أحدها : هي للإلحاق بجعفر ، كالألف في أرطى ; ولذلك تؤنث في قول من صرفها . والثاني : هي بدل من التنوين . والثالث : هي للتأنيث ، مثل سكرى ; ولذلك لا تنون على قول من منع الصرف .

قال تعالى : ( ثم أرسلنا موسى وأخاه هارون بآياتنا وسلطان مبين ( 45 ) ) .

قوله تعالى : ( هارون ) : هو بدل من " أخاه " .

قال تعالى : ( فقالوا أنؤمن لبشرين مثلنا وقومهما لنا عابدون ( 47 ) ) .

قوله تعالى : ( مثلنا ) : إنما لم يثن لأن " مثلا " في حكم المصدر ، وقد جاءت تثنيته وجمعه في قوله : ( يرونهم مثليهم ) [ آل عمران : 13 ] وفي قوله تعالى : ( ثم لا يكونوا أمثالكم ) [ محمد : 38 ] .

[ ص: 237 ] وقيل : إنما وحد لأن المراد المماثلة في البشرية ، وليس المراد الكمية .

وقيل : اكتفى بالواحد عن الاثنين .

قال تعالى : ( وجعلنا ابن مريم وأمه آية وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين ( 50 ) ) .

قوله تعالى : ( وأمه آية ) : قد ذكر في الأنبياء .

قوله تعالى : ( ومعين ) : فيه وجهان ; أحدهما : هو فعيل من المعن ، وهو الشيء القليل ، ومنه الماعون . وقيل : الماعون : الماء ، فالميم أصل . والثاني : الميم زائدة ، وهو من عنته إذا أبصرته بعينك ، وأصله معيون .

قال تعالى : ( وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون ( 52 ) فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا كل حزب بما لديهم فرحون ( 53 ) ) قوله تعالى : ( وإن هذه ) : يقرأ بفتح الهمزة . وفيه ثلاثة أوجه ; أحدها : تقديره : ولأن ، واللام المقدرة تتعلق بـ " فاتقون " أي فاتقون لأن هذه . . . . وموضع أن نصب ، أو جر على ما حكينا من الاختلاف في غير موضع . والثاني : أنه معطوف على ما قبله ، تقديره : إني بما تعملون عليم وبأن هذه . والثالث : أن في الكلام حذفا ; أي واعلموا أن هذه .

ويقرأ بتخفيف النون ، وهي مخففة من الثقيلة .

ويقرأ بالكسر على الاستئناف .

و ( أمتكم أمة واحدة ) : قد ذكر في الأنبياء ، وكذلك : " فتقطعوا أمرهم بينهم " و ( زبرا ) بضمتين : جمع زبور ، مثل رسول ورسل .

ويقرأ بالتسكين على هذا المعنى .

ويقرأ بفتح الباء ، وهو جمع زبرة ، وهي القطعة أو الفرقة ; والنصب على الوجه الأول على الحال من " أمرهم " أي مثل كتب . وقيل : من ضمير الفاعل . وقيل : هو مفعول ثان لتقطعوا ; وعلى الوجه الثاني : هو حال من الفاعل .

التالي السابق


الخدمات العلمية