صفحة جزء
من المتوسط المتحرك بعد المتحرك المفتوح بعد الفتح مسألة ( سأل ، وسألهم ، وملجأ ، وسألت ، ورأيت ، وشنآن ، والمآرب ) ونحوه ، ففيه وجه واحد ، وهو بين بين ، وحكي فيه وجه آخر ، وهو إبدال الهمزة ألفا ، ذكره في " الكافي " ، و " التبصرة " ، وقال : وليس بالمطرد ، وحكى ذلك أبو العز المالكي ، وقد ذكره من يخفف باتباع الرسم ، وليس بصحيح ؛ لخروجه عن القياس وضعفه رواية ، ولا يصح في مواضع نحو ( سالت ) لاجتماع ثلاثة سواكن فيه ، ولم يرد سكون ذلك في لغة العرب ، ولكن يقوى في نحو ( ملجا ، ومتكا ) على لغة من حمل على فعله . وقد نص على البدل فيه الهذلي ، وقد يكون على لغة من أجرى المنصوب مجرى المرفوع والمخفوض ، لكنه لم ترد به القراءة ، وكذلك الحكم فيما وقع بعد الهمزة فيه ألف نحو ( المآب ، وشنآن ) ولكن تحذف الألف من أجل اجتماعهما ، فيزداد ضعفا ، وكذلك حكم ( آناء ، ورأى ) لا يصح فيه سوى بين بين كما قدمنا ، وعلى الإبدال مع ضعفه بقدر الحذف ، أو الإثبات فيجتمع ساكنان فيمد ويتوسط وكله لا يصح ، ثم إنه لا فرق [ ص: 484 ] بين ما كان بعده ساكن نحو ( رأى القمر ) وبين غيره ، فإن الألف فيه هي صورة الهمزة ، والألف بعدها حذفت اختصارا لاجتماع المثلين لا لالتقاء الساكنين ، والدليل على حذفها اختصارا للتماثل إثباتها ياء في حرف النجم كما قدمنا ، وعلى أن حذفها ليس للساكنين حذفها فيما لم يكن بعد ساكن ، وتكلف بعض المتأخرين في ذلك ما لا يصح ، وحمل هشاما من ذلك ما لا يحمل كما زعم في ( تراي ) وليس في ذلك شيء يصح : ( وأما اشمازت ، واطمانوا ، وأملان ، وأرايت ) وبابه فقد حكي فيها وجه ثالث ، وهو الحذف على رسم بعض المصاحف ، وليس بصحيح ، وإن كان قد صح في ( أرايت ) وبابه من رواية الكسائي ، فإنه لا يلزم أن كل ما صح عن قارئ يصح عن قارئ آخر ، والله أعلم .

وأما المفتوح بعد كسر وبعد ضم فلا إشكال في إبدال همزته من جنس ما قبلها وجها واحدا ، وما حكي فيه من تسهيل بين بين فلا يصح .

ومن المضموم بعد الفتح مسألة ( رؤف ، وتؤزهم ) ونحوه فيه وجه واحد ، وهو بين بين ، وحكي فيه وجه ثان ، وهو واو مضمومة للرسم ولا يصح ، وأما نحو ( يطؤن ، ويطؤهم ، ويطؤكم ) ففيه وجه آخر ، وهو الحذف كقراءة أبي جعفر ، نص عليه الهذلي وغيره ، ونص صاحب " التجريد " على الحذف في ( يؤده ) ، وقياسه ( يؤسا ) وهو موافق للرسم فهو أرجح عند من يأخذ به ، وقال الهذلي : إنه الصحيح ، وحكي وجه ثالث وهو إبدالها واوا ، ذكره أبو العز القلانسي ، وقال ليس بشيء .

ومن المضموم بعد الضم مسألة ( بروسكم ، وروس الشياطين ) فيه وجهان : بين بين على القياس والثاني الحذف ، وهو الأولى عند الآخذين باتباع الرسم ، وقد نص عليه غير واحد .

ومن المضموم بعد الكسر مسألة ( ينبئك ، وسيئة ) ففيه وجهان : أحدهما بين بين ، أي : بين الهمزة والواو على مذهب سيبويه ، وهو الذي عليه الجمهور [ ص: 485 ] والثاني : إبدال الهمزة ياء على ما ذكر من مذهب الأخفش ، وهو المختار عند الآخذين بالتخفيف الرسمي كالداني وغيره كما تقدم ، وحكي فيه وجه ثالث ، وهو التسهيل بين الهمزة والياء ، وهو الوجه المعضل كما تقدم ، وحكي وجه رابع ، وهو إبدال الهمزة واوا ، وكلاهما لا يصح ، وأما إذا وقع بعد الهمزة واو نحو ( قل استهزئوا ، و يطفئوا ، ويستنبئونك ) ففيه وجه آخر ، وهو الحذف مع ضم ما قبل الواو كما تقدم ، وهو المختار عند أبي عمرو الداني ، ومن أخذ باتباع الرسم وذكر فيه كسر ما قبل الواو ، وهو الوجه الخامل فيصير فيه ستة أوجه ، الصحيح منها ثلاثة ، وهو التسهيل بين الهمزة والواو ، وحذف الهمزة والواو ، وحذف الهمزة مع ضم ما قبلها وإبدال الهمزة ياء ، وأما نحو ( يستهزون ، ومالئون ، ومتكئون ) مما يجتمع فيه ساكنان للوقف فيجوز في كل وجه من الأوجه المذكورة كل من الثلاثة الأوجه من المد والتوسط والقصر .

ومن المكسور بعد الفتح مسألة ( ييئس ، ويطمين ) ، ونحوه ، فيه وجه واحد ، وهو بين بين ، حكي فيه وجه ثان ، وهو إبدالها ياء ، ولا يجوز كذلك الحكم في ( جبريل ) وحكي فيه ياء واحدة مكسورة اتباعا للرسم ، ولا يصح من أجل أن ياء البنية لا تحذف ، وكذلك لا يجوز حذف الهمزة على الرسم أيضا لتغير البنية بفتح الراء قبل الياء الساكنة ، ونص الهذلي على إبدال همزته ياء ، وهو ضعيف . وكذلك ( بعذاب بئيس ) .

ومن المكسور بعد الكسرة مسألة ( باريكم ) فيه وجه واحد ، وهو بين بين ، وحكى إبدالها ياء على الرسم ونص عليه أبو القاسم الهذلي وغيره ، وهو ضعيف ، وأما ما وقع بعد همزته ياء نحو ( الصابئين ، و الخاطئين ، و خاسئين ، و متكئين ) ففيه وجه ثان ، وهو حذف الهمزة ، حكاه جماعة ، وهو المختار عند الآخذين باتباع الرسم ، وحكي فيه وجه ثالث ، وهو إبدال الهمزة ، ذكره الهذلي وغيره ، وهو ضعيف .

[ ص: 486 ] ومن المكسور بعد الضم مسألة ( سئل ، و سئلوا ) فيه وجهان أحدهما : بين الهمزة والياء على مذهب سيبويه ، وهو قول الجمهور ، والثاني : إبدال الهمزة واوا على مذهب الأخفش ، نص عليه الهذلي ، والقلانسي ، وجاء منصوصا عن خالد الطبيب .

فهذه جمل من مسائل الهمز المتوسط بنفسه والمتطرف

أوضحناها وشرحناها إجمالا وتفصيلا ليقاس عليها ما لم نذكره بحيث لم ندع في ذلك إشكالا ولله الحمد .

وأما المتوسط بغيره من زائد اتصل به رسما ولفظا ، أو لفظا فقط فلا إشكال فيه ; لأن حكمه حكم غيره ، وقد بينا ذلك فيما سلف ، ولكن نزيده بيانا وإيضاحا ليتم مقصودنا من إيصال دقائق هذا العلم لكل أحد ليحصل الثواب المأمول من كرم الله تعالى .

التالي السابق


الخدمات العلمية