صفحة جزء
( قلت ) : ومما يدل على أنهم أرادوا حذف الزيادة كما قال الداني : قول الحلواني فيما رواه الأهوازي ، عنه ، عن القواس حيث استثنى الكلم الثلاث ومدها مدا وسطا كما قدمنا ، والله أعلم .

وها أنا أذكر كلا من هذه المراتب على التعيين ومذاهب أهل الأداء فيها لكل من أئمة القراء ورواتهم ، منبها على الأولى من ذلك ، ثم أذكر النصوص ليأخذ المتقن بما هو أقرب ، ويرجع عن التقليد إلى الأصوب ، والله المستعان .

[ ص: 321 ] ( فالمرتبة الأولى ) قصر المنفصل ، وهي حذف المد العرضي ، وإبقاء ذات حرف المد على ما فيها من غير زيادة ، وذلك هو القصر المحض ، وهي لأبي جعفر وابن كثير بكمالها من جميع ما علمناه ورويناه من الكتب والطرق ، حسبما تضمنه كتابنا سوى تلخيص أبي معشر ، وكامل الهذلي ، فإن عبارتهما تقتضي الزيادة له على القصر المحض ، كما سيأتي نصهما ، واختلف ، عن قالون والأصبهاني ، عن ورش ، وعن أبي عمرو من روايتيه ، وعن يعقوب ، وعن هشام من طريق الحلواني . وعن حفص ، من طريق عمرو بن الصباح ، أما قالون فقطع له بالقصر أبو بكر بن مجاهد وأبو بكر بن مهران وأبو طاهر بن سوار وأبو علي البغدادي وأبو العز في إرشاديه من جميع طرقه . وكذلك ابن فارس في جامعه ، والأهوازي في وجيزه ، وسبط الخياط في مبهجه من طريقيه ، وابن خيرون في كفايته ، وجمهور العراقيين . وكذلك أبو القاسم الطرسوسي ، وأبو الطاهر بن خلف ، وبعض المغاربة ، وقطع له به من طريق الحلواني ابن الفحام صاحب " التجريد " ، و " مكي " صاحب " التبصرة " ، و " المهدوي " صاحب " الهداية " ، وابن بليمة في تلخيصه ، وكثير من المؤلفين كابني غلبون والصفراوي ، وهو أحد الوجهين في " التيسير " و " الشاطبية " ، وبه قرأ الداني على أبي الفتح فارس بن أحمد ، وأما الأصبهاني ، عن ورش فقطع له بالقصر أكثر المؤلفين من المشارقة والمغاربة ، كابن مجاهد ، وابن مهران ، وابن سوار وصاحب " الروضة " ، وأبي العز وابن فارس ، وسبط الخياط والداني ، وغيرهم ، وهو أحد الوجهين في الإعلان ، نص عليهما تخييرا بعد ذكره القصر ، وأما أبو عمرو فقطع له بالقصر من روايتيه ابن مهران ، وابن سوار وابن فارس وأبو علي البغدادي وأبو العز ، وابن خيرون ، والأهوازي ، وصاحب " العنوان " ، وشيخه ، والأكثرون ، وهو أحد الوجهين عند ابن مجاهد من جهة الرواية ، وفي " جامع البيان " من قراءته على أبي الفتح أيضا ، وفي " التجريد " و " المبهج " و " التذكار " ، إلا أنه مخصوص بوجه الإدغام . نص على ذلك سبط الخياط وأبو الفتح بن شيطا ، والقصاع في طرق التجريد وغيرهم [ ص: 322 ] وهو الصحيح الذي لا نعلم نصا بخلافه ، وهو الذي نقرأ به ونأخذ ، وقطع له بالقصر من رواية السوسي فقط ابن سفيان وابن شريح ، والمهدوي ، ومكي ، وصاحبا " التيسير " و " الشاطبية " ، وابن بليمة ، وسائر المغاربة . وكذا ابنا غلبون ، والفراوي ، وغيرهم ، وهو المشهور عنه ، وأحد الوجهين للدوري في " الكافي " و " الإعلان " و " الشاطبية " وغيرهما ، وأما يعقوب فقطع له بالقصر ابن سوار ، والمالكي وابن خيرون وأبو العز ، وجمهور العراقيين ، وكذلك الأهوازي وابنا غلبون ، وصاحبا " التجريد " في مفردته ، وكذلك الداني ، وابن شريح ، وغيرهم ، وهو المشهور عنه ، وأما هشام فقطع له بالقصر من طريق ابن عبدان عن الحلواني أبو العز القلانسي ، وقطع له به من طريق الحلواني ابن خيرون ، وابن سوار ، والأهوازي وغيرهم ، وهو المشهور عند العراقيين عن الحلواني من سائر طرقه ، وقطع به ابن مهران لهشام بكماله ، وكذلك في " الوجيز " ، وأما حفص فقطع له بالقصر أبو علي البغدادي من طريق زرعان ، عن عمرو ، عنه ، وكذلك ابن فارس في جامعه ، وكذلك صاحب " المستنير " من طريق الحمامي ، عن الولي ، عنه ، وكذلك أبو العز من طريق الفيل ، عنه ، وهو المشهور عند العراقيين من طريق الفيل .

( والمرتبة الثانية ) فوق القصر قليلا ، وقدرت بألفين ، وبعضهم بألف ونصف ، وهو مذهب الهذلي ، وعبر عنه ابن شيطا بزيادة متوسطة ، وسبط الخياط بزيادة أدنى وأبو القاسم بن الفحام بالتمكين من غير إشباع ، ثم هذه المرتبة هي في المتصل لأصحاب قصر المنفصل مثل الدوري ، والسوسي عند من جعل مراتب المتصل أربعا كصاحب " التيسير " و " التذكرة " ، و " تلخيص " العبارات وغيرهم كما تقدم ، وهي في المنفصل عند صاحب " التيسير " لأبي عمرو من رواية الدوري ، وذلك قرأته على أبي الحسن وأبي القاسم الفارسي ولقالون بخلاف عنه فيه ، وبهذه المرتبة قرأ على أبي الحسن من طريق أبي نشيط وهي في " الهادي " و " الهداية " و " التبصرة " ، و " تلخيص العبارات " وعامة كتب والد المغاربة لقالون ، وروي بلا خلاف [ ص: 323 ] وكذا في " الكافي " ، إلا أنه قال : وقرأت لها بالقصر وهي في " المبهج " ليعقوب ، وهشام وحفص من طريق عمرو ، ولأبي عمرو إذا أظهر ، وفي " التذكار " لنافع وأبي جعفر والحلواني ، عن هشام والحمامي ، عن الولي ، عن حفص ولأبي عمرو إذا ظهر ، وفي " الروضة " لخلف ، وفي اختياره ، وللكسائي سوى قتيبة ، وفي " غاية " أبي العلاء لأبي جعفر ونافع وأبي عمرو ويعقوب ، والحلواني ، عن هشام ، والولي ، عن حفص ، وفي " تلخيص الطبري " لابن كثير ، ولنافع غير ورش وللحلواني ، عن هشام ، ولأبي عمرو ويعقوب ، وفي " الكامل " لقالون من طريق الحلواني وأبي نشيط ، وللسوسي وغيره ، عن أبي عمرو ، وللحلواني ، عن أبي جعفر - يعني في رواية ابن وردان - وللقواس عن ابن كثير - يعني قنبلا وأصحابه .

( والمرتبة الثالثة ) فوقها قليلا ، وهي التوسط عند الجميع ، وقدرت بثلاث ألفات وقدرها الهذلي وغيره بألفين ونصف ، ونقل عن شيخه عبد الله بن محمد الطيرائي الذراع قدر ألفين . وهو ممن يقول : إن التي قبلها قدر ألف ونصف ، ثم هذه المرتبة في " التيسير " و " التذكرة " و " تلخيص العبارات " لابن عامر والكسائي في الضربين ، وكذا في " جامع البيان " سوى قتيبة عن الكسائي . وهي عند ابن مجاهد للباقين سوى حمزة والأعمش ، وسوى من قصر ، وأحد الوجهين لأبي عمرو من جهة الأداء ، وكذلك هي للباقين سوى حمزة وورش ، أي : من طريق الأزرق عند من جعل المد في الضربين مرتبتين : طولى ووسطى ، كصاحب " العنوان " وشيخه الطرسوسي ، وهو اختيار الشاطبي . وكذلك هي عند هؤلاء في المتصل لمن قصر المنفصل ، وهي فيهما عند صاحب " التجريد " للكسائي ، ولعاصم من قراءته على عبد الباقي ، ولابن عامر من قراءته على الفارسي ولأبي نشيط ، عن قالون ، وللأصبهاني ، عن ورش ، ولأبي عمرو بكماله من قراءته على الفارسي والمالكي ، يعني من رواية الإظهار ، وهي في المنفصل عند صاحب " المبهج " للكوفيين سوى حمزة ، وسوى عمرو ، عن حفص ، ولابن عامر سوى هشام ، وعند صاحب [ ص: 324 ] " المستنير " للعبسي ، عن حمزة ، ولعلي بن مسلم ، عن سليم ، عنه ، ولسائر من يقصره سوى حمزة غير من تقدم عنه ، وغير الأعشى وقتيبة والحمامي ، عن النقاش ، عن ابن ذكوان . وكذا في جامع ابن فارس سوى حمزة والأعشى ، وكذا عند ابن خيرون سوى حمزة والأعشى والمصريين ، عن ورش ، وفي " الروضة " لعاصم سوى الأعشى ، ولقتيبة عن الكسائي والمصريين ، عن ورش ، وفي " الروضة " لعاصم سوى الأعشى ، ولقتيبة عن الكسائي ، وفي " الوجيز " للكسائي وابن ذكوان ، وفي إرشاد أبي العز لمن يمد المنفصل سوى حمزة والأخفش ، عن ابن ذكوان ، وهي في " الكامل " لابن عامر ، وللأصبهاني ، عن ورش ولبقية أصحاب أبي جعفر ، وللدوري وغيره ، عن أبي عمرو ، ولحفص من غير طريق عمرو ، ولباقي أصحاب ابن كثير يعني البزي ، وغيره في " مبسوط " ابن مهران ، لسائر القراء غير ورش ، وحمزة ، والأعشى ، وفي " روضة " أبي علي ، لعاصم في غير رواية الأعشى .

( والمرتبة الرابعة ) فوقها قليلا وقدرت بأربع ألفات عند بعض من قدر الثالثة بثلاث ، وبعضهم بثلاث ونصف ، وقال الهذلي : مقدار ثلاث ألفات عند الجميع ، أي : عند من قدر الثالثة بألفين ونصف ، ثم هذه المرتبة في الضربين لعاصم عند صاحب " التيسير " و " التذكرة " ، وابن بليمة ، وكذا في " التجريد " من قراءته على عبد الباقي ، ولابن عامر أيضا من قراءته على الفارسي سوى النقاش ، عن الحلواني ، عن هشام كما سيأتي ، وهي في المنفصل لعاصم أيضا عند صاحب " الوجيز " و " الكفاية الكبرى " و " الهادي " ، و " الهداية " و " الكافي " و " التبصرة " ، وعند ابن خيرون لعاصم ، ولحمزة من طريق الرزاز ، عن إدريس ، عن خلف ، عنه ، وفي غاية أبي العلاء لحمزة وحده ، وفي تلخيص أبي معشر لورش وحده ، وفي " الكامل " لأبي بكر ، ولحفص من طريق عبيد ، والأخفش عن ابن ذكوان ، وللدوري عن الكسائي ، وفي مبسوط ابن مهران للأعشى ، عن أبي بكر ، وفي روضة [ ص: 325 ] أبي علي المالكي لابن عامر فقط ، ولم يكن طريق الحلواني عن هشام فيها ، بل الداجوني فقط .

( والمرتبة الخامسة ) فوقها قليلا ، وقدرت بخمس ألفات ، وبأربع ونصف ، وبأربع بحسب اختلافهم في تقدير ما قبلها ، وهي في الضربين لحمزة ولورش من طريق الأزرق عند صاحب " التيسير " و " التذكرة " و " تلخيص العبارات " ، و " العنوان " وشيخه ، وغيرهم ، وفي " جامع البيان " لحمزة من رواية خلاد وورش من طريق المصريين ، وفي " التجريد " لحمزة وورش من طريق الأزرق ويونس ، ولهشام من طريق النقاش ، عن الحلواني ، وهي قراءته على الفارسي ، انفرد بذلك عنه في " الروضة " لأبي علي لحمزة والأعشى فقط ، وهي في المنفصل عند صاحب " المبهج " لحمزة وحده ، وفي " المستنير " لحمزة سوى العبسي وعلي بن سلم ، عن سليم عنه ، ولقتيبة عن الكسائي ، وللأعشى عن أبي بكر قال : وكذلك ذكر شيوخنا عن الحمامي ، عن النقاش ، عن ابن ذكوان ، وفي " الروضة " لحمزة والأعشى ، وكذا في جامع ابن فارس ، وفي إرشاد أبي العز لحمزة والأخفش عن ابن ذكوان ، وفي كفايته لحمزة ، والأعشى ، وقتيبة والحمامي على ابن عامر - يعني في رواية ابن ذكوان - وفي كتابي ابن خيرون لحمزة والأعشى وقتيبة والمصريين ، عن ورش ، وفي غاية أبي العلاء للأعشى وحده ، وفي تلخيص أبي معشر لحمزة وحده . وكذا في مبسوط ابن مهران ، وفي " الوجيز " لحمزة وورش ، وفي " التذكار " لحمزة والأعشى وقتيبة والحمامي ، عن النقاش ، عن الأخفش ، عن ابن ذكوان ، وفي " الكامل " لمن لم يذكر لحمزة في المرتبة الآتية ، وهم من لم يسكت عنه ، وللأعشى عن أبي بكر ، ولقتيبة غير النهاوندي ، وينبغي أن تكون هذه المرتبة في المتصل للجماعة كلهم ، عن من لم يجعل فيه تفاوتا ، وإلا فيلزمهم تفضيل مد المنفصل ، إذ لا مرتبة فوق هذه لغير أصحاب السكت في المشهور ولا قائل به . وكذا يكون لهم أجمعين في المد اللازم للازم المذكور ، إذ سببه أقوى بالإجماع .

[ ص: 326 ] ( مرتبة سادسة ) فوق ذلك قدرها الهذلي بخمس ألفات ، ونقل ذلك عن ابن غلبون ، وقيل بأقل ، والصحيح أنها على ما تقدم وهي في " الكامل " للهذلي ، عن حمزة لرجاء وابن قلوقا ، وابن رزين ، وخلف ، من طريق إدريس والمحفي وغيرهم من أصحاب السكت عنه وللشموني عن الأعشى غير ابن أبي أمية ، وللزند ولأبي ، عن قتيبة ، ولورش غير الأصبهاني عنه ، وغير من يأتي في المرتبة السابعة ، وهذه المرتبة أيضا في غاية أبي العلاء لقتيبة عن الكسائي ، وفي مبسوط ابن مهران لورش ، وهي أيضا في " جامع البيان " لحمزة في غير رواية خلاد ولأبي بكر من رواية الشموني ، عن الأعشى ، عنه ولحفص في رواية الأشناني ، عن أصحابه ، عنه ، وللكسائي في رواية قتيبة ; لأن هؤلاء يسكتون على الساكن ، بل الهمزة فهم لذلك أشد تحقيقا وأبلغ تمكينا .

( قلت ) : وقد خلف هذا القول في " التيسير " ومفرداته فجعل مد حمزة في رواية خلف وخلاد وسائر رواته واحدا ، والصواب - والله أعلم - أن هذه المرتبة ، إنما تتأتى لأصحاب السكت مطلقا ، فإن من يسكت على حروف المد قبل الهمز كما يسكت على الساكن غيره قبل الهمز - لا بد لهم من زيادة قدر السكت بعد المد ، فمن ألحق هذه الزيادة بالمد زاد مرتبة على المرتبة الخامسة ، ومن لم يلحقها بالمد لم يتجاوز المرتبة الخامسة ، ومن عدل عن ذلك فقد عدل عن الأصوب والأقوى ، والله تعالى أعلم .

( مرتبة سابعة ) فوق ذلك وهي الإفراط قدرها الهذلي بست ألفات ، وذكرها في كامله لورش فيما رواه الحداد ، وابن نفيس ، ، وابن سفيان وابن غلبون ، وقد وهم عليهم في ذلك ، وانفرد بهذه المرتبة ، وشذ عن إجماع أهل الأداء ، وهؤلاء الذين ذكرهم ، فالأداء عنهم مستفيض ، ونصوصهم صريحة بخلاف ما ذكره ، ولم يتجاوز أحد منهم المرتبة الخامسة ، وكلهم سوى بين ورش من طريق الأزرق وبين حمزة ، وسيأتي حكاية نصوصهم ، والله الموفق .

التالي السابق


الخدمات العلمية