صفحة جزء
8607 ( أخبرنا ) أبو عبد الله الحافظ ، ثنا أبو الفضل بن إبراهيم ، ثنا الحسين بن محمد بن زياد ، وأحمد بن سلمة ، قالا : ثنا إسحاق [ ص: 7 ] بن إبراهيم ، أنبأ حاتم بن إسماعيل ، ( ح وأخبرنا ) أبو علي الروذباري واللفظ له ، أنبأ أبو بكر : محمد بن بكر بن داسة ، ثنا أبو داود السجستاني ، ثنا عبد الله بن محمد النفيلي ، وعثمان بن أبي شيبة ، وهشام بن عمار ، وسليمان بن عبد الرحمن الدمشقيان ، وربما زاد بعضهم على بعض الكلمة والشيء ، قالوا : ثنا حاتم بن إسماعيل ، ثنا جعفر بن محمد ، عن أبيه ، قال : دخلنا على جابر بن عبد الله ، فلما انتهينا إليه سأل عن القوم حتى انتهى إلي ، فقلت : أنا محمد بن علي بن حسين ، فأهوى بيده إلى رأسي ، فنزع زري الأعلى ، ثم نزع زري الأسفل ، ثم وضع كفه بين ثديي وأنا يومئذ غلام شاب ، فقال : مرحبا بك وأهلا يا ابن أخي . سل عما شئت . فسألته وهو أعمى ، وجاء وقت الصلاة ، فقام في نساجة ملتحفا بها - يعني ثوبا ملففا - كلما وضعها على منكبه رجع طرفاها إليه من صغرها ، فصلى بنا ورداؤه إلى جنبه على المشجب ، فقلت : أخبرني عن حجة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال بيده : فعقد تسعا ثم قال : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكث تسع سنين لم يحج ، ثم أذن في الناس في العاشرة : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حاج فقدم المدينة بشر كثير كلهم يلتمس أن يأتم برسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويعمل بمثل عمله ، فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وخرجنا معه حتى أتينا ذا الحليفة ، فولدت أسماء بنت عميس رضي الله عنها محمد بن أبي بكر ، فأرسلت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كيف أصنع ؟ فقال : " اغتسلي واستذفري بثوب وأحرمي " . فصلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المسجد ، ثم ركب القصواء حتى إذا استوت به ناقته على البيداء ، قال جابر : نظرت إلى مد بصري من بين يديه من راكب وماش ، وعن يمينه مثل ذلك ، وعن يساره مثل ذلك ، ومن خلفه مثل ذلك ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين أظهرنا ، وعليه ينزل القرآن وهو يعلم تأويله ، فما عمل به من شيء عملنا به ، فأهل بالتوحيد : " لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك ، لا شريك لك " . وأهل الناس بهذا الذي يهلون به فلم يرد عليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئا منه ولزم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تلبيته ، قال جابر : لسنا ننوي إلا الحج لسنا نعرف العمرة ، حتى إذا أتينا البيت معه استلم الركن ، فرمل ثلاثا ، ومشى أربعا ، ثم تقدم إلى مقام إبراهيم ، فقرأ : ( واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى ) فجعل المقام بينه وبين البيت ، قال : فكان أبي يقول : قال ابن نفيل وعثمان ، ولا أعلمه ذكره إلا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال سليمان : ولا أعلمه إلا قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في الركعتين : ( قل هو الله أحد ) و : ( قل يا أيها الكافرون ) ، ثم رجع إلى البيت فاستلم الركن ، ثم خرج من الباب إلى الصفا ، فلما دنا من الصفا قرأ : ( إن الصفا والمروة من شعائر الله ) نبدأ بما بدأ الله به ، وبدأ بالصفا فرقي عليه ، حتى رأى البيت فكبر وحده ، وقال : " لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير . لا إله إلا الله وحده ، أنجز وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده " . ثم دعا بين ذلك ، وقال مثل هذا ثلاث مرات ، ثم نزل إلى المروة حتى إذا انصبت قدماه رمل في بطن الوادي ، حتى إذا صعد مشى ، حتى أتى المروة فصنع على المروة مثل ما صنع على الصفا ، حتى إذا كان آخر الطواف على المروة قال : " إني لو استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي ، ولجعلتها عمرة . فمن كان منكم ليس معه هدي فليحلل ، وليجعلها عمرة " . فحل الناس كلهم وقصروا إلا النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن كان معه هدي ، فقام سراقة بن جعشم ، فقال : يا رسول الله ألعامنا هذا أم للأبد ؟ فشبك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصابعه في الأخرى ، ثم قال : " دخلت العمرة في الحج " . هكذا مرتين : " لا ، بل لأبد أبد . لا ، بل لأبد أبد " . قال : وقدم علي رضي الله عنه من اليمن ببدن النبي - صلى الله عليه وسلم - فوجد فاطمة رضي الله عنها ممن حل ولبست ثيابا صبيغا واكتحلت فأنكر علي رضي الله عنه ذلك عليها ، وقال : من أمرك هذا ؟ قالت : أبي ، قال : وكان علي رضي الله عنه يقول بالعراق : ذهبت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - محرشا على فاطمة في الأمر الذي صنعته مستفتيا لرسول الله - صلى الله عليه [ ص: 8 ] وسلم - في الذي ذكرت عنه فأخبرته أني أنكرت ذلك عليها ، فقالت : أبي أمرني بهذا ، فقال : " صدقت صدقت ، ماذا قلت حين فرضت الحج " . قال : قلت : اللهم إني أهل بما أهل به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " فإن معي الهدي فلا تحلل " . قال : وكان جماعة الهدي الذي قدم به علي رضي الله عنه من اليمن والذي أتى به النبي - صلى الله عليه وسلم - من المدينة مائة فحل الناس كلهم وقصروا إلا النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن كان معه هدي ، قال : فلما كان يوم التروية ووجهوا إلى منى أهلوا بالحج ، فركب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصلى بمنى الظهر والعصر والمغرب والعشاء والصبح ، ثم مكث قليلا حتى طلعت الشمس وأمر بقبة له من شعر فضربت بنمرة ، فسار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا تشك قريش أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واقف عند المشعر الحرام بالمزدلفة كما كانت قريش تصنع في الجاهلية ، فأجاز رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أتى عرفة ، فوجد القبة قد ضربت له بنمرة ، فنزل بها حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء فرحلت له ، فركب حتى أتى بطن الوادي ، فخطب الناس ، فقال : " إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا ، في شهركم هذا ، في بلدكم هذا . ألا إن كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع ، ودماء الجاهلية موضوعة ، وأول دم أضعه دماؤنا " . قال عثمان : " دم ابن ربيعة " . وقال سليمان : " دم ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب " . وقال بعض هؤلاء : " كان مسترضعا في بني سعد ، فقتلته هذيل ، وربا الجاهلية موضوع . وأول ربا أضع ربانا ؛ ربا عباس بن عبد المطلب فإنه موضوع كله . اتقوا الله في النساء ؛ فإنكم أخذتموهن بأمانة الله ، واستحللتم فروجهن بكلمة الله . وإن لكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه ، فإن فعلن فاضربوهن ضربا غير مبرح . ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف . وإني قد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به : كتاب الله ، وأنتم مسئولون عني ، فما أنتم قائلون ؟ " قالوا : نشهد أنك بلغت وأديت ونصحت ، ثم قال بإصبعه السبابة يرفعها إلى السماء وينكبها إلى الناس : " اللهم اشهد ، اللهم اشهد ، اللهم اشهد " . ثم أذن بلال ، ثم أقام فصلى الظهر ، ثم أقام فصلى العصر لم يصل بينهما شيئا ، ثم ركب القصواء حتى أتى الموقف فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات ، وجعل حبل المشاة بين يديه فاستقبل القبلة ، فلم يزل واقفا حتى غربت الشمس وذهبت الصفرة قليلا حين غاب القرص ، وأردف أسامة خلفه ، فدفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد شنق للقصواء الزمام حتى إن رأسها ليصيب مورك رحله ويقول بيده اليمنى : " السكينة أيها الناس ، السكينة أيها الناس " . كلما أتى جبلا من الجبال أرخى لها قليلا حتى تصعد ، حتى أتى المزدلفة فجمع بين المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين . قال عثمان : ولم يسبح بينهما شيئا ، ثم اتفقوا ، ثم اضطجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى طلع الفجر ، فصلى الفجر حين تبين له الصبح . قال سليمان : بأذان وإقامة ، ثم اتفقوا ، ثم ركب القصواء حتى أتى المشعر الحرام فرقي عليه . قال عثمان وسليمان : فاستقبل القبلة ، فحمد الله وكبره وهلله . زاد عثمان : ووحده فلم يزل واقفا حتى أسفر جدا ، ثم دفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل أن تطلع الشمس ، وأردف الفضل بن عباس وكان رجلا حسن الشعر أبيض وسيما . فلما دفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مر الظعن يجرين ، فطفق الفضل ينظر إليهن ، فوضع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يده على وجه الفضل ، وصرف الفضل وجهه إلى الشق الآخر ، وحول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجهه إلى الشق الآخر ، وصرف الفضل وجهه إلى الشق الآخر ينظر حتى إذا أتى محسرا حرك قليلا ، ثم سلك طريق الوسطى التي تخرجك على الجمرة الكبرى حتى أتى الجمرة التي عند الشجرة فرماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة منها بمثل حصى الخذف ، فرمى من بطن الوادي ، ثم انصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المنحر فنحر بيده ثلاثا وستين ، وأمر عليا رضي الله عنه فنحر ما غبر يقول ما بقي ، وأشركه في هديه ، ثم أمر من كل بدنة ببضعة فجعلت في قدر فطبخت فأكلا من لحمها وشربا من مرقها ، ثم أفاض . قال سليمان : ثم ركب فأفاض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى البيت ، فصلى بمكة الظهر ، ثم أتى بني عبد المطلب وهم يسقون [ ص: 9 ] ، فقال : " انزعوا بني عبد المطلب ، فلولا أن يغلبكم الناس على سقايتكم لنزعت معكم " . فناولوه دلوا فشرب منه . رواه مسلم في الصحيح عن إسحاق بن إبراهيم وأبي بكر بن أبي شيبة ، وقال : دم ابن ربيعة .

التالي السابق


الخدمات العلمية