صفحة جزء
باب القنوت في الصبح

حدثني يحيى عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان لا يقنت في شيء من الصلاة
16 - باب القنوت في الصبح

أي لا في غيرها من الصلوات ، والمراد به هنا الدعاء في الصلاة في محل مخصوص من القيام .

وذكر ابن العربي أنه يطلق على عشرة معان نظمها الحافظ زين الدين العراقي فقال : ولفظ القنوت اعدد معانيه تجد مزيدا على عشر معاني مرضيه

[ ص: 550 ] دعاء خشوع والعبادة طاعة إقامتها إقراره بالعبوديه

سكوت صلاة والقيام وطوله كذاك دوام الطاعة الرابح القنيه

379 379 - ( مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان لا يقنت في شيء من الصلاة ) بل روي عنه أنه بدعة .

قال الباجي : لم يدخل في الترجمة ما فيه قنوت على معتقده من القنوت في الصبح ، بل أدخل فعل ابن عمر مخالفا لمعتقده .

وقال ابن عبد البر : لم يذكر في رواية يحيى غير ذلك ، وفي أكثر الموطآت بعد حديث ابن عمر مالك عن هشام بن عروة أن أباه كان لا يقنت في شيء من الصلاة ولا في الوتر ، إلا أنه كان يقنت في صلاة الفجر قبل أن يركع الركعة الأخيرة إذا قضى قراءته انتهى .

وقد صح أنه صلى الله عليه وسلم لم يزل يقنت في الصبح حتى فارق الدنيا ، رواه عبد الرزاق والدارقطني وصححه الحاكم .

وثبت عن أبي هريرة أنه كان يقنت في الصبح في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وبعده .

وحكى الحافظ العراقي أن ممن قال بذلك الخلفاء الأربعة وأبو موسى وابن عباس والبراء .

ومن التابعين : الحسن البصري وحميد الطويل والربيع بن خيثم وسعيد بن المسيب وطاوس وغيرهم .

ومن الأئمة : مالك والشافعي وابن مهدي والأوزاعي ، ولا يرد أنه روي عن الخلفاء الأربع وغيرهم أنهم لم يكونوا يقنتون لأنه إذا تعارض إثبات ونفي قدم الإثبات على النفي .

وفي الصحيحين سئل أنس : أقنت النبي صلى الله عليه وسلم في الصبح ؟ قال : نعم ، قيل : أقنت قبل الركوع ؟ قال : بعد الركوع يسيرا ، وفيهما أيضا عن عاصم بن سليمان الأحول قال : سألت أنس بن مالك عن القنوت فقال : قد كان القنوت ، قلت : قبل الركوع أو بعده ؟ قال : قبله قلت : فإن فلانا أخبرني عنك أنك قلت : بعد الركوع ، فقال : كذب إنما قنت صلى الله عليه وسلم بعد الركوع شهرا ، أراه كان بعث قوما يقال لهم القراء زهاء سبعين رجلا إلى قوم من المشركين وكان بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد فغدروهم وقتلوهم ، فقنت صلى الله عليه وسلم شهرا يدعو عليهم .

وفي ابن ماجه بإسناد قوي عن أنس أنه سئل عن القنوت فقال : قبل الركوع وبعده .

وروى ابن المنذر عن أنس : أن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قنتوا في صلاة الفجر قبل الركوع وبعضهم بعده .

وروى محمد بن نصر عن أنس : أن أول من جعل القنوت قبل الركوع أي دائما عثمان لكي يدرك الناس الركعة .

قال الحافظ : ومجموع ما جاء عن أنس من ذلك أن القنوت للحاجة بعد الركوع لا خلاف عنه في ذلك ، وأما لغير الحاجة فالصحيح عنه أنه قبل الركوع .

وقد اختلف عمل الصحابة في ذلك والظاهر أنه من الاختلاف المباح ، قال : وفي صحيح ابن خزيمة عن أنس : " أن النبي [ ص: 551 ] صلى الله عليه وسلم كان لا يقنت إلا إذا دعا لقوم أو دعا على قوم " وكأنه محمول على ما بعد الركوع ، بناء على أن المراد بالحصر في قوله إنما قنت شهرا أي متواليا .

وفي الصحيحين عن أنس قال : " كان القنوت في الفجر والمغرب " .

ولمسلم عن البراء نحوه .

وتمسك به الطحاوي في ترك القنوت في الصبح قال : لأنهم أجمعوا على نسخه في المغرب فيكون الصبح كذلك انتهى .

ولا يخفى ما فيه ، وعارضه بعضهم فقال : أجمعوا على أنه صلى الله عليه وسلم قنت في الصبح ، ثم اختلفوا هل ترك فنتمسك بما أجمعوا عليه حتى يثبت ما اختلفوا فيه .

التالي السابق


الخدمات العلمية