التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
1293 [ ص: 214 ] [ ص: 215 ] حديث سابع لعبد الله بن أبي بكر

مالك ، عن عبد الله بن أبي بكر ، عن عمرة ، عن عائشة أنها قالت : كان فيما أنزل من القرآن " عشر رضعات معلومات يحرمن " ، ثم نسخن بخمس معلومات ، فتوفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو مما يقرأ من القرآن .


هذا أصح إسناد لهذا الحديث عن عائشة ، وإلى القول بهذا الحديث في مقدار الرضاع المحرم ذهب الشافعي وجماعة ، وهو مذهب عائشة ، وقد ذكرنا من جاء معهم من العلماء على ذلك ، ومن خالفهم فيه ، ودليل كل واحد منهم فيما ذهب إليه من ذلك في باب ابن شهاب ، عن عروة .

وقد تقدم القول في معنى ناسخ القرآن ، ومنسوخه ، وما في ذلك من الوجوه في باب زيد بن أسلم ، ومضى القول في مقدار ما يحرم من الرضاع ، وما للعلماء في ذلك من التنازع في باب ابن شهاب ، عن عروة أيضا .

[ ص: 216 ] حدثنا عبد الوارث بن سفيان ، حدثنا قاسم بن أصبغ ، حدثنا أحمد بن زهير ، حدثنا عبيد الله بن عمر ، حدثنا خالد بن الحارث ، حدثنا سعيد ، عن قتادة ، عن صالح أبي الخليل ، عن عبد الله بن الحارث ، عن مسيكة ، عن عائشة أنها قالت : لا تحرم الرضعة ، ولا الرضعتان ، ولا يحرم من الرضاع أقل من سبع رضعات .

قال أحمد بن زهير : خالفه هشام ، عن قتادة ، حدثنا عبيد الله بن عمر ، حدثنا معاذ بن هشام ، حدثني أبي ، عن قتادة ، عن أبي الخليل صالح بن أبي مريم ، عن يوسف بن ماهك ، عن عبد الله بن الزبير ، عن عائشة ، قالت : إنما يحرم من الرضاع سبع رضعات .

قال : وحدثنا عبيد الله بن عمر ، حدثنا معاذ بن هشام ، حدثني أبي ، عن قتادة ، عن أبي الخليل صالح بن أبي مريم ، عن عبد الله بن الحارث ، عن أم الفضل : أن رجلا من بني عامر ، قال : يا رسول الله هل تحرم الرضعة الواحدة ؟ ، قال : لا .

قال أبو عمر : اختلف على قتادة في هذا الحديث فيما ذكر أحمد بن زهير ، وغيره ، وهي عندي أحاديث جمعها صالح بن أبي مريم ليس فيها اختلاف ، والأحاديث عن عائشة في هذا مضطربة ويستحيل أن تكون السبع منسوخة عندها بخمس ، ثم تفتي بالسبع ، ولا تقوم بما نقل عن عائشة في هذا الحديث [ ص: 217 ] حجة ، وقد مضى القول في ذلك بما يكفي في باب ابن شهاب ، والحمد لله .

وأما من جهة الإسناد فحديث مالك أثبت عند أهل العلم بالحديث من حديث صالح أبي الخليل ; لأن نقلته كلهم أئمة علماء جلة ، وإن كان قد قيل : إن مالكا انفرد بهذا الحديث عن عبد الله بن أبي بكر ، وإن عبد الله بن أبي بكر انفرد به عن عمرة ، وإنه لا يعرف إلا بهذا الإسناد ، ولكنهم عدول يجب العمل بما رووه وبالله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية