التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
[ ص: 90 ] هشام بن عروة بن الزبير بن العوام .

أبو المنذر وكان أحد الحفاظ الثقات العدول ، أخبرنا عبد الله بن محمد ، حدثنا أحمد بن محمد بن إسماعيل ، حدثنا محمد بن الحسن الأنصاري ، حدثنا الزبير بن أبي بكر القاضي ، أخبرني عيسى بن سعيد بن زاذان عن المنذر بن عبد الله قال : رويت الشعر ثلاث عشر سنة قبل أن أروي الحديث ، فلقي أبي هشام بن عروة فقال له : إن ابنك يروي الشعر ؟ قال : نعم قال : فأرسله إلي ، فقال لي أبي : اغد إلى هشام بن عروة فإنه قد استزارك وهو بالعقيق ، فأخذت حمارا وذهبت إليه فسلمت وجلست ، فقال : بلغني أنك تروي الشعر ، فلأي العرب أنت أروى ؟ قلت : لبني سليم ، قال : فتروي لفلان كذا ولفلان كذا ، فجعل ينشدني لشعراء من بني سليم لم أكن سمعت بهم ، ثم قال لي : يا ابن أخي ، اطلب الحديث . فمن ذلك اليوم رويت الحديث .

قال الزبير : وحدثني مصعب بن عثمان عن المنذر بن عبد الله قال : ما سمعت من هشام بن عروة رفثا قط إلا يوما واحدا ، فإن رجلا من أهل البصرة كان يلزمه ، فقال له : يا أبا المنذر ، نافع مولى ابن عمر كان يفضل أباك على أخيه عبد الله ، فقال : كذب والله نافع ، وما يدري نافع عاض بظر أمه ! عبد الله والله خير وأفضل من عروة .

[ ص: 91 ] حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال : حدثنا قاسم بن أصبغ قال : حدثنا أحمد بن زهير قال : سمعت مصعب بن عبد الله يقول : هشام بن عروة أبو المنذر ، قال : وأمه أم ولد خراسانية اسمها صافية قال أحمد بن زهير : وسمعت يحيى بن معين يقول : عمر بن عبد العزيز ، وهشام بن عروة والأعمش ولدوا في سنة إحدى وستين قال : ورأيت في كتاب علي بن المديني سمعت يحيى بن سعيد يقول : كان هشام بن عروة يخضب بالحمرة قال يحيى : ومات هشام بن عروة بعد الهزيمة ، يعني هزيمة إبراهيم ، كأنه يريد السنة التي بعدها ، وكانت الهزيمة سنة خمس وأربعين ومائة . قال : وسمعت يحيى بن معين يقول : مات هشام بن عروة سنة ست وأربعين ومائة .

وقال المدائني : توفي هشام بن عروة سنة سبع وأربعين ومائة بعد خروج إبراهيم ، وكان محمد وعده أن يوليه المدينة .

وقال الطبري كان هشام بن عروة من ساكني المدينة وقدم بغداد في آخر عمره فمات بها في سنة ست وأربعين ومائة بعد أن هزم إبراهيم بن عبد الله ، فدفن في مقبرة الخيزران ، وقيل : مات بالكوفة سنة ثمان وأربعين ومائة ، وقيل : توفي هشام بن عروة سنة ست أو خمس وأربعين ومائة وهو ابن ست وتسعين سنة وولد سنة خمسين ، كل هذا قد قيل في مولده ووفاته رحمه الله .

وقال يحيى بن معين : قال هشام بن عروة : رأيت ابن سهل بن سعد وابن عمر وجابر بن عبد الله وأنس بن مالك . قال هشام : ومسح ابن عمر على رأسي ودعا لي وقبلني ، قال : ورأيت عبد الله بن عمر وله جمة ، أو قال : وفرة .

وذكر الزبير قال : أخبرني عثمان بن عبد الرحمن قال : قال أمير المؤمنين المنصور لهشام بن عروة حين دخل عليه هشام : يا أبا المنذر ، تذكر يوم دخلت عليك أنا وإخوتي مع أبي الخلائف وأنت تشرب سويقا بقعبة يراع ، فلما خرجنا من عندك قال لنا أبونا : اعرفوا لهذا الشيخ حقه ، فإنه لا [ ص: 92 ] يزال في قومكم بقية ما بقي ، فقال هشام : لا أذكر يا أمير المؤمنين ، فلما خرج قيل له : يذكرك أمير المؤمنين ما تمت به إليه فتقول لا أذكره ، فقال : لم أكن أذكر ولم يعودني الله في الصدق إلا خيرا .

قال : وحدثني عمي مصعب بن عبد الله عن جدي عبد الله بن مصعب عن هشام بن عروة قال : وضع عندي محمد بن علي بن عبد الله بن العباس وصيته ، قال الزبير : توفي هشام بن عروة بمدينة السلام عند أمير المؤمنين أبي جعفر المنصور في صحابته سنة ست وأربعين ، وصلى عليه المنصور وكبر عليه أربعا وكبر على مولى خمسا ، وذلك في وقت واحد .

لمالك عن هشام بن عروة من مرفوعات الموطأ ستة وخمسون حديثا ، منها ستة وثلاثون مسندة متصلة ، وسائرها مراسيل تستند من وجوه صحاح أحاديث عروة عن عائشة .

التالي السابق


الخدمات العلمية