التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
420 [ ص: 79 ]

حديث خامس وستون ليحيى بن سعيد

867 مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال : بلغني أن : أول ما ينظر فيه من عمل العبد الصلاة ، فإن قبلت منه نظر فيما بقي من عمله ، وإن لم تقبل منه لم ينظر في شيء من عمله .


وهذا لا يكون رأيا ، ولا اجتهادا ، وإنما هو توقيف ، وقد روي مسندا ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من وجوه صحاح .

حدثنا أحمد بن فتح قال : حدثنا الحسن بن عبد الله بن الخضر قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن يونس قال : حدثنا عمر بن موسى السامي حدثنا حماد بن سلمة عن داود بن أبي هند عن زرارة بن أوفى عن تميم الداري قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة صلاته .

حدثنا سعيد بن نصر قال : حدثنا قاسم بن أصبغ قال : حدثنا ابن وضاح قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال : حدثنا يزيد بن هارون عن سفيان بن حسين عن علي بن زيد عن أنس بن حكيم الضبي قال : قال لي أبو هريرة : إذا أتيت أهل مصرك فأخبرهم أني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : أول ما يحاسب به العبد المسلم الصلاة المكتوبة فإن أتمها ، وإلا قيل : انظروا هل له من تطوع ، فإن كان له [ ص: 80 ] تطوع أكملت الفريضة من تطوعه ، ثم يفعل بسائر الأعمال المفروضة مثل ذلك .

حدثنا أحمد بن محمد قال : حدثنا أحمد بن الفضل بن العباس قال : حدثنا الحسن بن علي الأنطاكي قال : حدثنا محمد بن سعيد بن غالب وحدثنا عبد الله بن محمد قال : حدثنا محمد بن بكر قال : حدثنا أبو داود قال : حدثنا يعقوب بن إبراهيم قالا : حدثنا إسماعيل ابن علية قال : حدثنا يونس بن الحسن عن أنس بن حكيم الضبي أنه أتى المدينة فلقي أبا هريرة فقال له : يا فتى ، ألا أحدثك حديثا لعل الله أن ينفعك به ؟ قلت : بلى . قال : إن أول ما يحاسب به الناس يوم القيامة من أعمالهم الصلاة . فيقول ربنا تبارك وتعالى لملائكته وهو أعلم : انظروا في صلاة عبدي أتمها ، أم نقصها ؟ فإن كانت تامة كتبت له تامة ، وإن كان انتقص منها شيئا قال : انظروا هل لعبدي من تطوع ؟ فإن كان له تطوع قال : أكملوا لعبدي فريضته من تطوعه . ثم تؤخذ الأعمال على ذلك .

قال يونس : وأحسبه ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .

قال أبو داود وحدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن داود بن أبي هند عن زرارة بن أوفى عن تميم الداري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - [ ص: 81 ] بهذا المعنى .

قال ، ثم الزكاة مثل ذلك ، ثم تؤخذ الأعمال على حسب ذلك .

قال أبو عمر : أما إكمال الفريضة من التطوع فإنما يكون ذلك ، والله أعلم فيمن سها عن فريضة ، فلم يأت بها ، أو لم يحسن ركوعها ، ولم يدر قدر ذلك ، وأما من تعمد تركها أو نسي ، ثم ذكرها فلم يأت بها عامدا ، واشتغل بالتطوع عن أداء فرضه ، وهو ذاكر له فلا تكمل له فريضته تلك من تطوعه ، والله أعلم .

وقد روي من حديث الشاميين في هذا الباب حديث هو عندي منكر ، والله أعلم يرويه محمد بن حمير عن عمرو بن قيس السكوني عن عبد الله بن قرط عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : من صلى صلاة لم يكمل فيها ركوعه ، وسجوده ، وخشوعه زيد فيها من سبحاته حتى تتم .

وهذا لا يحفظ ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا من هذا الوجه ، وليس بالقوي ، وإن صح كان معناه أنه خرج من صلاته وقد أتمها عند نفسه ، وليست في الحكم بتامة ، والله أعلم .

هذا على أنه قد كان يلزمه أن يتعلم ، فإن عذب عذب على ترك التعلم ، وإن عفي عنه فالله أهل العفو وأهل المغفرة [ ص: 82 ] .

وأما قوله في حديث يحيى بن سعيد : فإن قبلت منه نظر فيما بقي من عمله فمعنى القبول والله أعلم أن توجد تامة على ما يلزمه منها لزوم فرض ، فإن وجدت كذلك قبلت ، ونظر في سائر عمله .

وآثار هذا الباب يعضد هذا التأويل إن شاء الله ، ولا يصح غيره على الأصول الصحاح ، والله أعلم .

حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال : حدثنا قاسم بن أصبغ قال : حدثنا أحمد بن زهير قال : حدثنا موسى بن إسماعيل قال : حدثنا أبان بن يزيد قال : حدثنا قتادة عن الحسن عن أنس بن حكيم عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة يحاسب بصلاته فإن صلحت فقد أفلح وأنجح ، وإن فسدت فقد خاب وخسر .

التالي السابق


الخدمات العلمية