التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
قال أبو عمر : تخويف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمته بالنار على الكذب دليل على أنه كان يعلم أنه سيكذب عليه صلى الله عليه .

حدثنا خلف بن قاسم ، حدثنا أحمد بن الحسين بن إسحاق الرازي ، حدثنا أبو الزنباع روح بن الفرج القطان ، حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير ، ويزيد بن موهب ، قالا : حدثنا الليث بن سعد ، قال : حدثني ابن شهاب ، عن أنس بن مالك ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : من كذب علي ، قال : حسبت أنه قال : متعمدا ، فليتبوأ بيته في النار .

[ ص: 45 ] حدثنا عبد الوارث بن سفيان ، حدثنا قاسم ، حدثنا أحمد بن زهير ، حدثنا إبراهيم بن عبد الله الهروي ، حدثنا أبو غياث أصرم بن غياث ، قال : حدثني أبو سنان ، عن هارون بن عنترة ، قال : قال أبو هريرة : إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذونه .

حدثنا عبد الوارث ، حدثنا قاسم ، حدثنا أحمد بن زهير ، حدثنا الوليد بن شجاع ، حدثنا ابن المبارك ، عن ابن لهيعة ، عن خالد بن يزيد ، عن عامر بن سعد أن عقبة بن نافع قال لبنيه : يا بني لا تقبلوا الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا من ثقة .

وروينا عن ابن معين أنه قال : كان فيما أوصى به صهيب بنيه أن قال : يا بني لا تقبلوا الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا من ثقة .

وقال ابن عون : لا تأخذوا العلم إلا ممن شهد له بالطلب .

وفيما أجاز لنا عبد بن أحمد ، وحدثناه عبد الله بن سعيد عنه ، قال : حدثنا علي بن عمر ، قال : حدثنا محمد بن مسلم ، حدثنا محمد بن هشام بن البختري ، قال : حدثنا هشام بن هارون ، حدثنا الحسين بن خالد ، عن حماد بن زيد ، عن شعيب بن الحبحاب ، قال : غدوت إلى أنس بن مالك [ ص: 46 ] فقال : يا شعيب ما غدا بك ؟ فقلت : يا أبا حمزة غدوت لأتعلم منك ، وألتمس ما ينفعني ، فقال : يا شعيب : إن هذا العلم دين فانظر ممن تأخذه .

وقال سعيد بن عبد العزيز ، عن سليمان بن موسى ، قال : لا يؤخذ العلم من صحفي .

وقال القاسم بن محمد : أقبح من الجهل أن أقول بغير علم ، أو أحدث عن غير ثقة .

حدثنا عبد الوارث ، حدثنا قاسم ، حدثنا أحمد بن زهير ، حدثنا أحمد بن يونس ، حدثنا زائدة ، حدثنا هشام بن حسان ، قال : قال محمد بن سيرين : انظروا عمن تأخذون هذا الحديث فإنما هو دينكم .

حدثنا عبد الوارث ، حدثنا قاسم ، حدثنا أحمد بن زهير ، حدثنا إبراهيم بن محمد الشافعي ، حدثنا فضيل بن عياض ، عن هشام ، عن ابن سيرين ، قال : إنما هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذونه .

حدثنا أحمد بن قاسم بن عيسى المقري ، حدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن سمعون ببغداد ، حدثنا محمد بن محمد بن أبي حذيفة ، حدثنا ربيعة بن الحارث ، حدثنا محمد بن زياد ، حدثنا هشيم ، عن المغيرة ، عن [ ص: 47 ] إبراهيم ، قال : إن هذه الأحاديث دين فانظروا عمن تأخذون دينكم ، قال المغيرة : كنا إذا أتينا الرجل لنأخذ عنه نظرنا إلى سمته وصلاته ، وقد روى جماعة ، عن هشيم ، عن مغيرة ، عن إبراهيم ، قال : كانوا إذا أتوا الرجل ليأخذوا عنه نظروا إلى هديه ، وسمته ، وصلاته ثم أخذوا عنه .

أخبرنا عبد الوارث ، حدثنا قاسم ، حدثنا أبو إسماعيل الترمذي ، حدثنا ابن أبي أويس ، قال : سمعت خالي مالك بن أنس يقول : إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم ، لقد أدركت سبعين ، فذكر الحديث ، وهو بتمامه في الباب الذي بعد هذا في أخبار مالك رحمه الله .

حدثنا خلف بن أحمد ، وعبد الرحمن بن يحيى ، قالا : حدثنا أحمد بن سعيد ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن النعمان ، حدثنا محمد بن علي بن مروان ، قال : سمعت عفان بن مسلم ، قال : سمعت يحيى بن سعيد القطان يقول : سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول : سألت شعبة ، وابن المبارك ، والثوري ، ومالك بن أنس ، عن الرجل يتهم بالكذب ، فقالوا : انشره فإنه دين .

وروينا عن حماد بن زيد أنه قال : كلمنا شعبة في أن يكف عن أبان بن أبي عياش لسنه وأهل بيته ، فقال لي : يا أبا إسماعيل لا يحل الكف عنه ; لأن الأمر دين .

[ ص: 48 ] حدثنا خلف بن أحمد ، حدثنا أحمد بن سعيد ، حدثنا أبو جعفر محمد بن عمرو بن موسى العقيلي ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا الحسن بن علي ، قال : سمعت يزيد بن هارون يقول : حدث سليمان التيمي بحديث ، عن ابن سيرين فذكر له الحديث ، فقال له ابن سيرين : ما هذا يا سليمان ؟ اتق الله ، ولا تكذب علي ، فقال سليمان : إنما حدثنا مؤذننا ، أين هو ؟ فجاء المؤذن ، فقال سليمان : أليس حدثتني ، عن ابن سيرين بكذا وكذا ؟ فقال : إنما حدثنيه رجل ، عن ابن سيرين .

أخبرنا خلف بن قاسم ، قال : حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق بن مهران السراج ، قال : حدثنا جعفر بن أحمد بن الفرج الدوري ، قال : حدثنا محمد بن سعيد بن غالب ، قال : حدثنا نصر بن حماد - يعني الوراق - قال : كنا قعودا على باب شعبة نتذاكر الحديث ، فقلت : حدثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن عبد الله بن عطاء ، عن عقبة بن عامر الجهني ، قال : ( كنا نتناوب رعية الإبل على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجئت ذات يوم والنبي عليه السلام حوله أصحابه ، فسمعته يقول : من توضأ ثم صلى ركعتين ثم استغفر الله غفر له قلت بخ بخ ، قال : فجذبني رجل من خلفي ، فالتفت فإذا عمر بن الخطاب ، فقال : ما لك تبخبخ ؟ فقلت : عجبا بها ، قال : لو سمعت التي قبلها كانت أعجب وأعجب ، قلت وما قال ؟ قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من شهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، قيل له : ادخل من أي أبواب الجنة شئت قال : قال نصر : فخرج علينا شعبة [ ص: 49 ] فلطمني ثم رجع فدخل ، قال : فتنحيت ناحية أبكي ثم خرج ، فقال : ما له بعد يبكي ؟ فقال له عبد الله بن إدريس : إنك أسأت إليه ، قال : انظر ما يحدث به ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن عبد الله بن عطاء ، عن عقبة بن عامر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنا قلت لأبي إسحاق من حدثك ؟ قال : حدثنا عبد الله بن عطاء ، عن عقبة بن عامر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقلت لأبي إسحاق : أو سمع عبد الله من عقبة ؟ قال : فغضب ، ومسعر بن كدام حاضر ، فقال لي مسعر : أغضبت الشيخ ، فقلت : ليصححن هذا الحديث ، أو لأرمين بحديثه ، فقال لي مسعر : هذا عبد الله بن عطاء بمكة ، قال شعبة : فرحلت إلى مكة لم أرد الحج ، أردت الحديث ، فلقيت عبد الله بن عطاء ، فسألته ، فقال : سعد بن إبراهيم حدثني ، قال شعبة : فلقيت مالك بن أنس ، فسألته عن سعد ، فقال : سعد بن إبراهيم بالمدينة لم يحج العام ، فرحلت إلى المدينة ، فلقيت سعد بن إبراهيم بالمدينة ، فسألته ، فقال : الحديث من عندكم ، حدثني زياد بن مخراق ، قال شعبة ، فلما ذكر زياد بن مخراق قلت أي شيء هذا ؟ بينما هو كوفي إذ صار مدنيا إذ صار بصريا ، قال شعبة : فرحلت إلى البصرة ، فلقيت زياد بن مخراق ، فسألته ، فقال : ليس الحديث من بانتك ( كذا ) ، فقلت : حدثني به ، قال : لا ترده ، قلت : حدثني به ، قال : حدثني شهر بن حوشب ، قلت : ومن لي بهذا الحديث لو صح لي مثل هذا عن رسول الله [ ص: 50 ] - صلى الله عليه وسلم - كان أحب إلي من أهلي ، ومالي ، ومن الناس أجمعين ، وذكره الدارقطني ، عن أبي عبيد القاسم بن إسماعيل المحاملي ، ومحمد بن مخلد بن حفص العطار ، قالا : حدثنا أبو يحيى محمد بن سعيد بن غالب ، قال : سمعت نصر بن حماد يقول : كنا قعودا على باب شعبة ، فذكر مثله إلى آخره .

وقد روي هذا المعنى من وجوه عن شعبة ، ولذلك ذكرته عن نصر بن حماد ; لأن نصر بن حماد الوراق يروي عن شعبة مناكير تركوه ، وقد رواه الطيالسي ، عن شعبة .

حدثنا خلف بن أحمد ، حدثنا أحمد بن سعيد ، حدثنا أحمد بن خالد ، حدثنا أحمد بن عبد الله الصنعاني ، قال : سمعت أبا حفص - يعني الفلاس - يقول : سمعت أبا داود يقول : كنا عند شعبة ، فجاء بشر بن المفضل ، فقال له : أتحفظ عن أبي إسحاق ، عن عبد الله بن عطاء ، عن عقبة بن عامر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ما من مسلم يتوضأ ، فضحك شعبة ، فقال بشر : إنا نراك قد سقط عنك حديث جيد من حديث أبي إسحاق ، وتضحك ، قال : فقال شعبة : كنت عند أبي إسحاق ، فحدث بهذا الحديث ، فقال : حدثني عبد الله بن عطاء ، عن عقبة بن عامر ، قال شعبة : وكان أبو إسحاق إذا حدثني عن رجل لا أعرفه قلت أنت أكبر أم هذا ؟ فقال : حدثني [ ص: 51 ] ذاك الفتى ، فتحولت ، فإذا شاب جالس ، فسألته ، فقال : صدق أنا حدثته ، فقلت : وأنت من حدثك ؟ فقال : حدثني نعيم بن أبي هند ، فأتيت نعيم بن أبي هند ، فقلت : من حدثك ؟ قال : زياد بن مخراق ، قال شعبة : فقدمت البصرة ، فلقيت زياد بن مخراق ، فسألته ، فقال : حدثني رجل من أهل البصرة لا أدري من هو ، عن شهر بن حوشب .

قال أبو عمر : هكذا يكون البحث والتفتيش ، وهذا معروف عن شعبة ، ولهذا وشبهه قال أبو عبد الرحمن النسائي : أمناء الله عز وجل على حديث رسوله ثلاثة : مالك بن أنس ، وشعبة بن الحجاج ، ويحيى بن سعيد القطان .

قال أبو عمر : الحديث الذي جرى ذكره بين شعبة ، وبشر بن المفضل من حديث أبي إسحاق ، حدثناه سعيد بن نصر ، حدثنا قاسم ، حدثنا ابن وضاح ، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا أبو الأحوص ، عن أبي إسحاق ، عن عبد الله بن عطاء ، عن عقبة بن عامر ، قال : كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، في سفر ، فكنا نتناوب الرعية ، فلما كانت نوبتي سرحت ثم رحت ، فجئت ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخطب الناس ، فسمعته يقول : ما من مسلم يتوضأ فيسبغ الوضوء ثم يقوم في صلاته فيعلم ما يقول فيها إلا انفتل وهو كيوم ولدته أمه من الخطايا ليس عليه ذنب قال : فما ملكت نفسي عند ذلك أن قلت بخ بخ .

[ ص: 52 ] حدثنا عبد الوارث بن سفيان ، حدثنا قاسم بن أصبغ ، حدثنا أحمد بن زهير ، حدثنا عبيد الله بن عمر القواريري ، قال : سمعت يحيى بن سعيد القطان يقول : ما رأيت الكذب في أحد أكثر منه فيمن ينسب إلى الخير والزهد ، وقال عفان : سمعت محمد بن يحيى بن سعيد القطان يقول : سمعت أبي يقول : ما رأيت الصالحين أكذب منهم في الحديث .

قال أبو عمر : هذا معناه ، والله أعلم أنه ينسب إلى الخير وليس كما نسب إليه وظن به ، وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قيل له : أيكون المؤمن كذابا ؟ قال : لا ، وهذا أيضا على أنه لا يغلب عليه الكذب ، أو لا يكذب في دينه ليضل غيره .

وقد تكلمنا على هذا المعنى في باب صفوان بن سليم ، والحمد لله .

حدثنا خلف بن سعيد ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد بن علي ، قال : حدثنا أحمد بن خالد ، قال : حدثنا علي بن عبد العزيز ، وحدثنا إبراهيم بن شاكر ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد بن عثمان ، حدثنا سعيد بن حميد ، وسعيد بن عثمان ، قالا : حدثنا أحمد بن عبد الله بن صالح [ ص: 53 ] قال : حدثنا محمد بن عبد الله الرقاشي ، حدثنا يزيد بن زريع ، حدثنا محمد بن إسحاق ، قال : حدثني عاصم بن عمر بن قتادة ، عن محمود بن لبيد ، قال : أمرني يحيى بن الحكم على جرش ، فقدمتها ، فحدثوني أن عبد الله بن جعفر حدثهم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : اتقوا صاحب هذا الداء - يعني الجذام - كما يتقى السبع إذا هبط واديا فاهبطوا غيره فقلت : والله لئن كان ابن جعفر حدثكم هذا ما كذبكم ، قال : فلما عزلني عن جرش قدمت المدينة ، فلقيت عبد الله بن جعفر ، فقلت له : يا أبا جعفر ما حديث حدثه عنك أهل جرش ؟ ثم حدثته الحديث ، فقال : كذبوا والله ما حدثتهم ، ولقد رأيت عمر بن الخطاب يدعو بالإناء فيه الماء ، فيناوله معيقبا ، وقد كان أسرع فيه هذا الداء ثم يتناوله ، فيتيمم بفمه موضع فمه ، يعلم أنه إنما يصنع ذلك كراهية أن يدخل نفسه شيء من العدوى ، ولقد كان يطلب له الطب من كل من سمع عنده بطب حتى قدم عليه رجلان من أهل اليمن ، فقال : هل عندكما من طب لهذا الرجل ؟ فإن هذا الوجع قد أسرع فيه ، قالا : أما شيء [ ص: 54 ] يذهبه فلا ، ولكنا نداويه دواء يقفه فلا يزيد ، قال عمر : عافية عظيمة ، قالا : هل تنبت أرضك هذا الحنظل ؟ قال : نعم ، قالا : فاجمع لنا منه ، قال : فأمر عمر فجمع منه مكتلتان عظيمتان ، فأخذا كل حنظلة ، فشقاها باثنتين ، ثم أخذ كل واحد منهما بقدم معيقيب ، فجعلا يدلكان بطون قدميه حتى إذا أمحقت طرحاها ، وأخذا أخرى ، حتى رأيا معيقيبا يتنخمه أخضر مرا ، ثم أرسلاه ، قال : فوالله ما زال معيقيب منها متماسكا حتى مات .

قال أبو عمر : فهذا محمود بن لبيد يحكي عن جماعة أنهم حدثوه عن عبد الله بن جعفر بما أنكره ابن جعفر ولم يعرفه ، بل عرف ضده ، وهذا في زمن فيه الصحابة ، فما ظنك بمن بعدهم ؟ وقد تقدم في هذا الباب عن ابن عباس في عصره نحو هذا المعنى .

حدثنا خلف بن أحمد ، حدثنا أحمد بن سعيد بن حزم ، حدثنا أحمد بن خالد ، حدثنا ابن وضاح ، حدثنا أحمد بن سعد ، حدثنا عمي سعيد بن أبي مريم ، عن الليث بن سعد ، قال : قدم علينا رجل من أهل المدينة يريد الإسكندرية مرابطا ، فنزل على جعفر بن ربيعة ، قال : فعرضوا له بالحملان ، وعرضوا له بالمعونة ، فلم يقبل ، واجتمع هو وأصحابنا يزيد بن أبي حبيب ، وغيره ، فأقبل يحدثهم : حدثني نافع ، عن عبد الله بن عمر ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، قال : فجمعوا تلك الأحاديث ، وكتبوا بها إلى ابن نافع ، وقالوا له : إن رجلا قدم علينا وخرج إلى الإسكندرية مرابطا [ ص: 55 ] وحدثنا ، فأحببنا أن لا يكون بيننا وبينك فيها أحد ، فكتب إليهم : والله ما حدث أبي من هذا بحرف قط ، فانظروا عمن تأخذون ، واحذروا قصاصنا ، ومن يأتيكم .

حدثنا عبد الوارث بن سفيان ، حدثنا قاسم بن أصبغ ، حدثنا محمد بن الجهم ، حدثنا يعلى ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن الشعبي ، عن الربيع بن خثيم ، قال : من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير عشر مرات كان له كعتق رقاب أو رقبة ، قال الشعبي : فقلت للربيع بن خثيم : من حدثك بهذا الحديث ؟ فقال : عمرو بن ميمون الأودي ، فلقيت عمرو بن ميمون ، فقلت : من حدثك بهذا الحديث ؟ فقال : عبد الرحمن بن أبي ليلى ، فلقيت ابن أبي ليلى ، فقلت : من حدثك ؟ قال : أبو أيوب الأنصاري صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

فعلى هذا كان الناس على البحث عن الإسناد ، وما زال الناس يرسلون الأحاديث ، ولكن النفس أسكن عند الإسناد ، وأشد طمأنينة ، والأصل ما قدمنا .

حدثني خلف بن القاسم ، قال : حدثنا أبو الميمون عبد الرحمن بن عمر بن راشد البجلي بدمشق ، قال : حدثنا أبو زرعة [ ص: 56 ] الدمشقي ، قال : حدثنا الحسن بن الصباح ، قال : حدثنا أبو قطن ، عن أبي خلدة ، عن أبي العالية ، قال : كنا نسمع الرواية بالبصرة ، عن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فما رضينا حتى رحلنا إليهم ، فسمعناها من أفواههم .

حدثنا أبو عمر أحمد بن محمد بن أحمد ، قال : حدثنا أبو علي الحسن بن سلمة بن المعلى ، قال : حدثنا أبو عبد الله بن بحر المصري ، قال : حدثنا الحسين بن الحسن المروزي ، قال : سمعت ابن المبارك يقول : لولا الإسناد لقال كل من شاء ما شاء ، ولكن إذا قيل له عن من بقي ؟ حدثنا عبد الوارث بن سفيان ، حدثنا قاسم بن أصبغ ، قال : حدثنا بكر بن حماد ، قال : حدثنا مسدد ، قال : حدثنا عبد الواحد ، قال : حدثنا عاصم الأحول ، عن أبي العالية ، قال : حدثني من سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : أعطوا كل سورة حظها من الركوع ، والسجود ، قال عاصم : فقلت لأبي العالية : أنسيت من حدثك ؟ قال : لا ، وإني لأذكره ، وأذكر المكان الذي حدثني فيه ، حدثنا خلف بن أحمد الأموي مولى لهم ، قال : أخبرنا أحمد بن سعيد ، قال : حدثنا محمد بن قاسم ، قال : حدثنا محمد بن خيرون ، قال : [ ص: 57 ] حدثنا محمد بن الحسين البغدادي ، قال : سمعت أحمد بن حنبل يقول : سمعت يحيى بن سعيد يقول : الإسناد من الدين ، قال يحيى : وسمعت شعبة يقول : إنما يعلم صحة الحديث بصحة الإسناد ، وقرأت على خلف بن القاسم أن أبا الميمون عبد الرحمن بن عمر الدمشقي حدثهم بدمشق ، قال : حدثنا أبو زرعة ، قال : حدثنا أبو مسهر ، قال : حدثنا عقبة صاحب الأوزاعي ، قال : سمعت الأوزاعي يقول : ما ذهاب العلم إلا ذهاب الإسناد .

أخبرنا أبو محمد إسماعيل بن عبد الرحمن القرشي ، قال : حدثنا إبراهيم بن بكر بن عمران ، قال : حدثنا أبو الفتح محمد بن الحسين الأزدي الموصلي الحافظ ، قال : حدثنا عمران بن موسى ، قال : حدثنا محمد بن المثنى ، قال : حدثنا الحسين بن عبد الرحمن ، قال : حدثنا ابن عون ، قال : كان الحسن يحدثنا بأحاديث لو كان يسندها كان أحب إلينا .

التالي السابق


الخدمات العلمية