التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
1782 حديث ثالث عشر لإسحاق ، عن زفر بن صعصعة بن مالك

مالك ، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ، عن زفر بن صعصعة بن مالك ، عن أبيه ، عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا انصرف من صلاة الغداة يقول : هل رأى أحد منكم الليلة رؤيا ؟ ويقول : إنه ليس يبقى بعدي من النبوة إلا الرؤيا الصالحة .


لا نعلم لزفر بن صعصعة ، ولا لأبيه غير هذا الحديث ، وهما مدنيان ، وهكذا قال يحيى ، عن أبيه ، وتابعه أكثر الرواة ، وهو الصواب ، ومنهم من يقول فيه ، عن زفر بن صعصعة ، عن أبي هريرة ، لا يقول عن أبيه .

وهذا الحديث يدل على شرف علم الرؤيا وفضلها ; لأنه - صلى الله عليه وسلم - إنما كان يسأل عنها لتقص عليه ويعبرها ، ليعلم أصحابه كيف الكلام في تأويلها ، وقد أثنى الله عز وجل على يوسف بن يعقوب صلى الله عليهما ، وعدد عليه فيما عدد من النعم التي آتاه التمكين في الأرض ، وتعليم تأويل الأحاديث .

[ ص: 314 ] وأجمعوا أن ذلك في تأويل الرؤيا ، وكان يوسف عليه السلام أعلم الناس بتأويلها ، وكان نبينا - صلى الله عليه - نحو ذلك ، وكان أبو بكر الصديق من أعبر الناس لها ، وحصل لابن سيرين فيها التقدم العظيم والطبع والإحسان ، ونحوه أو قرب منه كان سعيد بن المسيب في ذلك فيما ذكروا .

وقد تقدم القول في أمر الرؤيا فأغنى عن إعادته في هذا الموضع .

وفي هذا الحديث أنه لا نبي بعد رسول الله ، صلى الله عليه وسلم .

وفيه تفسير لما روي عنه عليه السلام أنه قال : لا نبوة بعدي إلا ما شاء الله يعني - والله أعلم - الرؤيا التي هي جزء منها .

وقيل في تأويل هذا الحديث أشياء غير هذا قد ذكرها أبو جعفر الطبري لا حاجة بنا إلى ذكرها هاهنا .

وفيه إباحة الكلام بعد صلاة الصبح قبل طلوع الشمس بغير الذكر .

وفيه جواز قول العالم : سلوني ، و : من عنده مسألة ؟ ونحو هذا ، والله الموفق للصواب .

التالي السابق


الخدمات العلمية