صفحة جزء
3794 - وعن أبي عبس رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ما اغبرت قدما عبد في سبيل الله فتمسه النار " رواه البخاري .


3794 - ( وعن أبي عبس رضي الله عنه ) : بفتح فسكون موحدة . قال المؤلف . هو عبد الرحمن بن جبير الأنصاري الحارثي غلبت عليه كنيته ، شهد بدرا ومات بالمدينة سنة أربع وثلاثين ودفن بالبقيع وله سبعون سنة . ( قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ما اغبرت قدما عبد ) : وفي رواية المستملي : اغبرتا ، ذكره السيوطي ، فيكون من قبيل أكلوني البراغيث ، والمعنى صارتا ذاتي غبار ( في سبيل الله ) ; هو في الحقيقة كل سبيل يطلب فيه رضاه ، [ ص: 2459 ] فيتناول سبيل طلب العلم وحضور صلاة جماعة وعيادة مريض وشهود جنازة ونحوها ، ولكنه عند الإطلاق يحمل على سبيل الجهاد ، وقيل : يحمل على سبيل الحج لخبر : إن رجلا جعل بعيرا له في سبيل الله ، فأمره - صلى الله عليه وسلم - أن يحمل عليه الحاج ، ومن هنا وقع الاختلاف في مصروف الزكاة عند قوله تعالى : ( وفي سبيل الله ) هل هو منقطع الغزاة ، وهو قول أبي يوسف ، أو منقطع الحاج ، وهو قول محمد . ( فتمسه النار ) : بنصب تمسه على ما صرح به السيوطي وغيره ; أي : إن المس منتف بوجود الغبار المذكور قبل عدم الاغبرار ; أي عدم الجهاد فيما إذا كان فرض عين سبب للمس ; لأن سببية الكل تستلزم سببية الجزء ، وقيل هو من باب التعليق بالمحال ; أي ليس في شأن المجاهد سبب للمس إلا أن يفرض أن جهاده سبب له ، وهو ليس بسبب له ، فالاغبرار ليس سببا له . قال البرماوي : أي أن الاغبرار المترتب عليه المس منتف بانتفاء المس فقط . قال الطيبي ، قوله : فتمسه النار مسبب عن قوله : اغبرت ، والنفي منصب على القبيلين معا ، وفائدته أن غير المذكور محال حصوله ، فإذا كان مس الغبار قدميه دافعا لمس النار إياه ، فكيف إذا سعى فيها واستفرغ جهده ، وألقى النفس النفيس عليها بشراشره فقتل وقتل . ( رواه البخاري ) . وكذا الترمذي والنسائي .

التالي السابق


الخدمات العلمية