صفحة جزء
3822 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أفشوا السلام ، وأطعموا الطعام ، واضربوا الهام ; تورثوا الجنان . رواه الترمذي ، وقال : هذا حديث غريب .


3822 - ( وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أفشوا ) : بفتح الهمزة ; أي : أشيعوا وعمموا ( السلام ) : أي : ردوه فيما بينكم فالأمر للوجوب في الجملة ، ويمكن أن يكون الأمر للاستحباب ، فالمراد به السلام وفرضية الجواب مفهومة من قوله تعالى : ( وإذا حييتم بتحية ) الآية . وهذه سنة أفضل من الفريضة وهي من غرائب المسألة . قال الطيبي : إفشاء السلام إظهاره ورفع الصوت به ، أو إشاعته بأن تسلم على من تراه عرفته أو لم تعرف اه . والظاهر هو الثاني ; لأن السلام مع عدم إظهاره ورفع الصوت به لا يسمى سلاما فضلا عن أن يكون إفشاء للسلام . ( وأطعموا الطعام ) : فإنه من شعائر الكرام ، لا سيما للفقراء والمساكين والأيتام ( واضربوا الهام ) : جمع هامة بالتخفيف وهو الثاني ; أي : اقطعوا رءوس الكفار وهو كناية عن الجهاد في الإسلام ( تورثوا ) : بصيغة المجهول من الإيراث ; أي : تعطوا في مقابلة ما ذكر من الخصال العظام ( الجنان ) بكسر الجيم ; أي : جنات النعيم في دار السلام قال تعالى : ( وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون ) قال القاضي : المراد بضرب الهام الجهاد ، ولما كانت أفعالهم هذه تخلف عليهم الجنان فكأنهم ورثوها منها . قلت : وفيه [ ص: 2476 ] إشارة إلى ارتكاب المجاهدات وترك المشتهيات لكونها من التكليفات المكروهات تعد من المصيبات التي تورث الدرجات العاليات والثمرات الطيبات ، تشبيها بمن فاته أحد من الأقارب ، وحصل له من إرثه ما لم يحصل للأجانب ، ولذا ورد في صحيح مسلم وغيره ، عن أنس رضي الله عنه : " حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات " . رواه البخاري في تاريخه ، وأبو يعلى في مسنده ، وابن حبان والبيهقي عن البراء ، وفي رواية : " أفشوا السلام بينكم تحابوا " رواه الحاكم عن أبي موسى . وفي رواية : " أفشوا السلام فإن السلام تعالى رضا " . رواه الطبراني في الأوسط ، وابن عدي في الكامل . وفي رواية للطبراني ، عن أبي الدرداء : " أفشوا السلام كي تعلوا " . وفي رواية ابن ماجه عن ابن عمر بلفظ : " أفشوا السلام وأطعموا وكونوا إخوانا كما أمركم الله تعالى ؟ ) . وفي رواية الطبراني ، عن أبي أمامة ولفظه " أفش السلام وابذل الطعام واستحي من الله تعالى كما تستحي رجلا ; أي : من رهطك ذا هيئة ، ولتحسن خلقك ، وإذا أسأت فأحسن فإن الحسنات يذهبن السيئات " .

التالي السابق


الخدمات العلمية