صفحة جزء
400 - وعن عائشة رضي الله عنها ، قالت : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحب التيمن ما استطاع في شأنه كله : في طهوره وترجله وتنعله . متفق عليه .


400 - ( وعن عائشة قالت : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحب التيمن ) : أي : البدء بالأيامن من اليد والرجل والجانب الأيمن ، لكن التيمن في اللغة المشهورة هو التبرك بالشيء من اليمن وهو البركة . في القاموس : اليمن بالضم البركة ، وفي مختصر النهاية : اليمن البركة وضده الشؤم والتيمن الابتداء في الأفعال باليد اليمنى والرجل اليمنى والجانب الأيمن ( ما استطاع ) : أي : ما أمكنه وقدر عليه ( في شأنه ) : أي : في أمره ( كله ) : تأكيد والمراد الأمور المكرمة ( في طهوره ) : بالضم ويفتح والمراد به المصدر ، ويستثنى منها الاستنجاء وندب التيمن في الطهور مجمع عليه بأن يغسل يده اليمنى قبل اليسرى ، وكذا في الرجلين وفي الغسل على شقه الأيمن قبل الأيسر ، وفي معناه السواك والأكل والشرب والمصافحة والأخذ والعطاء ودخول المسجد ، ومنه رعاية من على يمينه في المناولة ونحوها ( وترجله ) : أي : امتشاطه الشعر من اللحية والرأس ، ومثله قص الشارب وحلق الرأس والعانة ونتف الإبط وتقليم الظفر كذا قاله ابن حجر . والأظهر إدخالها في الطهور فإنها من باب تطهير البدن كما لا يخفى ( وتنعله ) : أي : لبس نعله ، مثله لبس الخف والثوب والسراويل ونحوها . ومفهوم الحديث أنه يحب التياسر في شأنه كله الذي هو من غير التكريم ومر التصريح بذلك في رواية ، ومنه دخول الخلاء والسوق ومحل المعصية والخروج من المسجد والامتخاط والبصاق والاستنجاء وخلع الثوب والنعل ونحوها . وفي الحقيقة يرجع هذا كله إلى تكريم اليمين ، ففي تقديم اليسار في الخروج من المسجد إبقاء لليمين في الموضع الأشرف تلك السويعة ، وكذا في تقديم اليسار حين الدخول في الخلاء ، وعلى هذا القياس قال الطيبي : وقوله : في طهوره إلخ بدل من قوله في شأنه بإعادة العامل ، ولعله عليه الصلاة والسلام إنما بدأ فيها بذكر الطهور لأنه مفتاح لأبواب الطاعات كلها ، فبذكره يستغنى عنها كما سبق في قوله : الطهور شطر الإيمان ، وثنى بذكر الترجل وهو يتعلق بالرأس ، وثلث بالتنعل وهو مختص بالرجل ليشمل جميع الأعضاء والجوارح ، فيكون كبدل الكل من الكل اهـ . قال ميرك : وفي بعض ألفاظه تأمل اهـ . والذي يظهر أن محل التأمل إنما هو قوله : لعله عليه الصلاة والسلام إنما بدأ فإنه موهم أنه من كلامه عليه الصلاة والسلام ، والحال أنه ليس كذلك بل أصل الكلام والأبدال جميعا من قول عائشة رضي الله تعالى عنها ( متفق عليه ) . قال ميرك : لكن في مسلم بغير هذا اللفظ .

التالي السابق


الخدمات العلمية