صفحة جزء
[ ص: 437 ] الفصل الثاني 457 - عن ابن عباس رضي الله عنهما ، قال : اغتسل بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم في جفنة ، فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتوضأ منه ، فقالت : يا رسول الله ، إني كنت جنبا . فقال : " إن الماء لا يجنب " . رواه الترمذي ، وأبو داود ، وابن ماجه . وروى الدارمي نحوه .


الفصل الثاني

457 - ( وعن ابن عباس قال : اغتسل بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ) : هي ميمونة خالة ابن عباس ( في جفنة ) أي : مدخلة يدها في جفنة صحفة كبيرة ليطابق قوله : " إن الماء لا يجنب " قاله الطيبي . قال ابن حجر : أي مدخلة يدها في جفنة تغترف منها ، وإنما حمل على هذا دون كونها في الجفنة الشاهد لما قاله المالكية من طهورية الماء المستعمل فيه ، ليطابقه الجواب الآتي : إن الماء لا يجنب ا هـ . وفيه نظر لصحة ذلك الجواب على كل الماء من الاحتمالين ، وإنما الذي ينبغي أن يجاب به أن يقال : هذا محتمل لكل من الاحتمالين ، فعلى احتمال الاعتراف لا حجة لهم ، وأنها اغتسلت في نفس الجفنة لهم حجة فيه ، لكن الدليل إذا احتمل مثل ذلك يصير لا متمسك فيه لكل من الخصمين ، فينتقلان إلى غيره ، هذا كله مع قطع النظر عن الرواية الآتية عن لفظ المصابيح ، إما مع النظر إليها فالحديث لا متمسك لهم فيه البتة ; لتصريحه بأن الغسل من الجفنة لا فيها ، وأنه فضل منها فضلة ، والحكم بطهارة تلك الفضلة لا يقتضي طهورية المستعمل ( فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتوضأ منه ) : أي : من ماء الجفنة ( فقالت : يا رسول الله ، إني كنت جنبا ) : أي : واغتسلت بهذا الماء ، وهو فضلة يدي ، والجنب مصدر يستوي فيه المذكر والمؤنث ( فقال : إن الماء لا يجنب ) : بضم الياء وكسر النون ، ويجوز فتح الياء وضم النون ، قاله الزعفراني ، أي : لا يصير جنبا ، قال التوربشتي : الماء إذا غمس فيه الجنب يده لم ينجس ، فربما سبق إلى فهم بعضهم أن العضو الذي عليه الجنابة في سائر الأحكام كالعضو الذي عليه النجاسة فيحكم بنجاسة الماء من غمس العضو الجنب ، كما يحكم بنجاسة من غمس النجس فيه ، فبين لهم أن الأمر بخلاف ذلك ا هـ . كلامه .

فإن قلت : كيف الجمع بين هذا الحديث ، وحديث حميد في الفصل الثالث : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يغتسل الرجل بفضل المرأة ؟ قلت : هذا الحديث يدل على الجواز ، وذلك على ترك الأولى للتنزيه . قاله الطيبي . ( رواه الترمذي ) : وقال : حسن صحيح نقله السيد ، ( وأبو داود ، وابن ماجه ) : كذا اللفظ ( وروى الدارمي نحوه ) : أي : بمعناه .

التالي السابق


الخدمات العلمية