صفحة جزء
[ ص: 256 ] قالوا حديثان متناقضان .

38 - جلد الميتة .

قالوا : رويتم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : أيما إهاب دبغ فقد طهر وأنه مر بشاة ميتة فقال : ألا انتفعوا بإهابها فأخذ قوم من الفقهاء بذلك ، وأفتوا به . ثم رويتم أنه قال : لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب فأخذ قوم من الفقهاء بهذا وأفتوا به ، وهذا تناقض واختلاف .

قال أبو محمد : ونحن نقول إنه ليس هاهنا بحمد الله تناقض ولا اختلاف ، لأن الإهاب في اللغة الجلد الذي لم يدبغ ، فإذا دبغ زال عنه هذا الاسم . [ ص: 257 ] وفي الحديث أن عمر - رضي الله عنه - دخل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفي البيت أهب عطنة يريد : جلود منتنة لم تدبغ . وقالت عائشة - رضي الله عنها - في أبيها - رضي الله عنه - : ( قرر الرؤوس على كواهلها وحقن الدماء في أهبها ) يعني : في الأجساد ، فكنت عن الجسد بالإهاب ، ولو كان الإهاب مدبوغا لم يجز أن تكني به عن الجسد .

وقال النابغة الجعدي يذكر بقرة وحشية ، أكل الذئب ولدها وهي غائبة عنه ثم أتته : .


فلاقت بيانا عند أول معهد إهابا ومعبوطا من الجوف أحمرا

فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أيما إهاب دبغ فقد طهر ثم مر بشاة ميتة فقال : ألا انتفع أهلها بإهابها يريد ألا دبغوه فانتفعوا به ؟ .

ثم كتب : لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب يريد لا تنتفعوا به وهو إهاب حتى يدبغ ، ويدلك على ذلك قوله : ولا عصب ، لأن العصب لا يقبل الدباغ فقرنه بالإهاب قبل أن يدبغ ، وقد جاء هذا مبينا في الحديث .

روى ابن عيينة عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مر بشاة لمولاة ميمونة فقال : ألا أخذوا إهابها فدبغوه وانتفعوا به .

التالي السابق


الخدمات العلمية