صفحة جزء
( 168 ) حدثنا بكر بن سهل الدمياطي ، ثنا عبد الغني بن سعيد الثقفي ، قال : ثنا موسى بن عبد الرحمن الصنعاني ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، عن ابن عباس ، وعن مقاتل بن سليمان ، عن الضحاك بن مزاحم ، عن ابن عباس ، إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم يريد أن الذين جاءوا بالإفك - يعني بالكذب على عائشة أم المؤمنين أربعة منكم لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم ، يريد خيرا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبراءة لسيدة نساء المؤمنين ، وخيرا لأبي بكر ، وأم عائشة ولصفوان بن المعطل لكل امرئ منهم ما اكتسب من الإثم والذي تولى كبره ، يريد إشاعته منهم ، يريد عبد الله بن أبي ابن سلول له عذاب عظيم ، يريد في الدنيا جلده رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثمانين ، وفي الآخرة مصيره إلى النار لولا إذ سمعتموه ، يريد أفلا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا وقالوا هذا إفك مبين ، وذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استشار فيها ، فقالوا خيرا ، وقالوا : يا رسول الله هذا كذب وزور والمؤمنات يريد زينب - زوج [ ص: 131 ] النبي - صلى الله عليه وسلم - - ، وبريرة مولاة عائشة ، وجميع أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وقالوا هذا كذب عظيم ، قال الله - عز وجل - لولا جاءوا عليه بأربعة شهداء يريد لو جاءوا عليه بأربعة شهداء لكانوا هم والذين شهدوا كاذبين ، فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون يريد الكذب بعينه ، ولولا فضل الله عليكم ورحمته في الدنيا والآخرة يريد فلولا ما من الله به عليكم وستركم ، لمسكم في ما أفضتم فيه يريد من الكذب ، عذاب عظيم يريد لا انقطاع له ، إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم يعلم الله خلافه ، وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم يريد أن ترموا سيدة نساء المؤمنين وزوج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتبهتونها بما لم يكن فيها ولم يقع في قلبها قط إعرابها ، وإنما خلقتها طيبة ، وعصمتها من كل قبيح ، ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم يريد بالبهتان الافتراء ، مثل قوله في مريم وقولهم على مريم بهتانا عظيما ، يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا يريد مسطح بن أثاثة ، وحمنة بنت جحش ، وحسان بن ثابت ، إن كنتم مؤمنين يريد إن كنتم مصدقين بالله ورسوله ، ويبين الله لكم الآيات يريد الآيات التي أنزلها في عائشة ، والبراءة لها ، والله عليم بما في قلوبكم من الندامة فيما خضتم فيه ، حكيم حيث حكم في القذف ثمانين جلدة ، إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة يريد بعد هذا ، في الذين آمنوا يريد المحصنين والمحصنات من المصدقين ، لهم عذاب أليم يريد وجيع ، في الدنيا والآخرة يريد في الدنيا الجلد ، وفي الآخرة العذاب في النار ، والله يعلم وأنتم لا تعلمون يريد سوء ما دخلتم فيه وما فيه من شدة العذاب ، وأنتم لا تعلمون شدة سخط الله على من فعل هذا ، ولولا فضل الله عليكم ورحمته [ ص: 132 ] يريد لولا ما تفضل الله به عليكم ورحمته لندامتكم ، يريد مسطحا ، وحمنة ، وحسان ، وأن الله رءوف رحيم يريد من الرحمة رؤوف بكم حيث ندمتم ورجعتم إلى الحق ، ياأيها الذين آمنوا يريد صدقوا بتوحيد الله ، لا تتبعوا خطوات الشيطان يريد الزلات ، فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر يريد بالفحشاء : عصيان الله ، والمنكر : كلما يكره الله ، ولولا فضل الله عليكم ورحمته يريد ما تفضل الله به عليكم ورحمكم به ، ما زكا منكم من أحد أبدا يريد ما قبل توبة أحد منكم أبدا ، ولكن الله يزكي من يشاء يريد فقد شئت أن أتوب عليكم ، والله سميع عليم يريد سميع لقولكم ، عليم بما في أنفسكم من الندامة والتوبة ولا يأتل يريد ولا يحلف ، أولو الفضل منكم والسعة يريد ولا يحلف أبو بكر أن لا ينفق على مسطح ، أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا فقد جعلت فيك يا أبا بكر الفضل ، وجعلت عندك السعة والمعرفة بالله وصلة الرحم ، فتعطف يا أبا بكر على مسطح فإنه له قرابة وله هجرة ومسكنة ومشاهدة ورضيتها منك يوم بدر ، ألا تحبون يا أبا بكر ، أن يغفر الله لكم يريد فاغفر لمسطح ، والله غفور رحيم يريد فإني غفور لمن أخطأ رحيم بأوليائي ، إن الذين يرمون المحصنات يريد العفائف ، الغافلات المؤمنات يريد المصدقات بتوحيد الله وبرسله .

وقد قال حسان بن ثابت في عائشة أم المؤمنين :

حصان رزان ما تزن بريبة وتصبح غرثى من لحوم الغوافل

فقالت له عائشة : ولكنك يا حسان ما أنت كذلك ، لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم ، يقول : أخرجهم من الإيمان مثل قوله في سورة [ ص: 133 ] الأحزاب للمنافقين ملعونين أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا ، والذي تولى كبره منهم ، يريد كبر القذف وإشاعته ، يريد عبد الله بن أبي ابن سلول الملعون ، يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون يريد أن الله ختم على ألسنتهم فتكلمت الجوارح وشهدت على أهلها وذلك أنهم قالوا : تعالوا نحلف بالله ما كنا مشركين ، فختم الله على ألسنتهم فنطقت الجوارح بما عملوا ، ثم شهدت ألسنتهم عليهم بعد ذلك يريد يجازيهم بأعمالهم بالحق كما يجازى أولياؤه بالثواب ، كذلك يجزي أعداءه بالعقاب كقوله في الحمد مالك يوم الدين يريد يوم الجزاء ، ويعلمون يوم القيامة أن الله هو الحق المبين ، وذلك أن عبد الله بن أبي بن سلول كان يشك في الدين ، وكان رأس المنافقين وذلك قول الله يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق ويعلم ابن سلول يوم القيامة أن الله هو الحق المبين ، يريد انقطع الشك واستيقن حيث لا ينفعه اليقين ، قال : الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات يريد أمثال عبد الله بن أبي ابن سلول ومن شك في الله - عز وجل - وبقذف مثل سيدة نساء العالمين ، ثم قال : والطيبات للطيبين عائشة طيبها الله لرسوله - عليه السلام - أتى بها جبريل - عليه السلام - في سرقة حرير قبل أن تصور في رحم أمها ، فقال له : هذه عائشة بنت أبي بكر زوجتك في الدنيا وزوجتك في الجنة ، عوضا من خديجة بنت خويلد وذلك عند موتها ، فسر بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وقر بها عينا ، ثم قال : والطيبون للطيبات ، يريد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طيبه الله لنفسه وجعله سيد ولد آدم ، والطيبات يريد عائشة ، أولئك مبرءون مما يقولون يريد براءة الله من كذب عبد الله بن أبي ابن سلول ، لهم مغفرة يريد عصمة في الدنيا ، ومغفرة في الآخرة ، ورزق كريم يريد رزق الجنة وثواب عظيم .

التالي السابق


الخدمات العلمية