صفحة جزء
[ ص: 195 ] النوع الثالث : الضعيف : وهو ما لم يجمع صفة الصحيح أو الحسن .

ويتفاوت ضعفه كصحة الصحيح ، ومنه ما له لقب خاص : كالموضوع ، والشاذ ، وغيرهما .


( النوع الثالث : الضعيف : وهو ما لم يجمع صفة الصحيح أو الحسن ) جمعهما تبعا لابن الصلاح .

وإن قيل : إن الاقتصار على الثاني أولى ; لأن ما لم يجمع صفة الحسن فهو عن صفات الصحيح أبعد ، ولذلك لم يذكره ابن دقيق العيد .

[ ص: 196 ] قال ابن الصلاح : وقد قسمه ابن حبان إلى خمسين إلا قسما .

قال شيخ الإسلام : ولم نقف عليها .

ثم قسمه ابن الصلاح إلى أقسام كثيرة باعتبار فقد صفة من صفات القبول الستة ، وهي الاتصال والعدالة والضبط والمتابعة في المستور وعدم الشذوذ وعدم العلة ، وباعتبار فقد صفة مع صفة أخرى تليها أولا ، أو مع أكثر من صفة إلى أن تفقد الستة . فبلغت فيما ذكره العراقي في شرح الألفية اثنين وأربعين قسما ( ق 59 \ أ ) ، ووصله غيره إلى ثلاثة وستين .

وجمع في ذلك شيخنا قاضي القضاة شرف الدين المناوي كراسة . ونوع ما فقد الاتصال إلى ما سقط منه الصحابي ، أو واحد غيره ، أو اثنان ، وما فقد العدالة إلى ما في سنده ضعف أو مجهول ، وقسمها بهذا الاعتبار إلى مائة وتسعة وعشرين قسما باعتبار العقل ، وإلى واحد وثمانين باعتبار إمكان الوجود ، وإن لم يتحقق وقوعها ، وقد كنت أردت بسطها في هذا الشرح .

ثم رأيت شيخ الإسلام قال : إن ذلك تعب ليس وراءه أرب . فإنه لا يخلو إما أن يكون لأجل معرفة مراتب الضعيف ، وما كان منها أضعف أو لا ، فإن كان الأول فلا يخلو من أن يكون لأجل أن يعرف أن ما فقد من الشرط أكثر أضعف أو لا ، فإن كان الأول فليس كذلك ; لأن لنا ما يفقد شرطا واحدا ، ويكون أضعف مما يفقد الشروط الخمسة الباقية ، وهو ما يفقد الصدق ، وإن كان الثاني فما هو ؟ [ ص: 197 ] وإن كان لأمر غير معرفة الأضعف ، فإن كان لتخصيص كل قسم باسم ، فليس كذلك ، فإنهم لم يسموا منها إلا القليل ، كالمعضل ، والمرسل ، ونحوهما ، أو لمعرفة كم يبلغ قسما بالبسط فهذه ثمرة مرة ، أو لغير ذلك ، فما هو . انتهى .

فلذلك عدلت عن تسويد الأوراق بتسطيره .

( ويتفاوت ضعفه ) بحسب شدة ضعف رواته وخفته ، وقوله : ( كصحة الصحيح ) إشارة إلى أن منه أوهى كما أن في الصحيح أصح .

قال الحاكم : فأوهى أسانيد الصديق : صدقة الدقيقي ، عن فرقد السبخي ، عن مرة الطيب ، عنه .

وأوهى أسانيد أهل البيت : عمرو بن شمر ، عن جابر الجعفي ، عن الحارث الأعور ، عن علي .

وأوهى أسانيد العمريين : محمد بن عبد الله بن القاسم بن عمر بن حفص بن عاصم ، عن أبيه ، عن جده ، فإن الثلاثة لا يحتج بهم ( ق 59 \ ب ) .

وأوهى أسانيد أبي هريرة : السري بن إسماعيل ، عن داود بن يزيد الأودي ، عن أبيه عنه .

وأوهى أسانيد عائشة : نسخة عند البصريين ، عن الحارث بن شبل ، عن أم النعمان عنها .

وأوهى أسانيد ابن مسعود : شريك ، عن أبي فزارة ، عن أبي زيد ، عنه .

وأوهى أسانيد أنس : داود بن المحبر ، عن قحذم ، عن أبيه ، عن أبان بن أبي عياش [ ص: 198 ] عنه .

وأوهى أسانيد المكيين : عبد الله بن ميمون القداح ، عن شهاب بن خراش ، عن إبراهيم بن يزيد الخوزي ، عن عكرمة ، عن ابن عباس .

وأوهى أسانيد اليمانيين : حفص بن عمر العدني ، عن الحكم بن أبان ، عن عكرمة ، عن ابن عباس .

قال البلقيني فيهما : لعله أراد إلا عكرمة ، فإن البخاري يحتج به قلت : لا شك في ذلك .

وأما أوهى أسانيد ابن عباس مطلقا : فالسدي الصغير محمد بن مروان ، عن الكلبي ، عن أبي صالح عنه .

قال شيخ الإسلام : هذه سلسلة الكذب لا سلسلة الذهب

ثم قال الحاكم : وأوهى أسانيد المصريين : أحمد بن الحجاج بن رشدين ، عن أبيه ، عن جده ، عن قرة بن عبد الرحمن ، عن كل من روى عنه ، فإنها نسخة كبيرة .

وأوهى أسانيد الشاميين : محمد بن قيس المصلوب ، عن عبيد الله بن زحر ، عن علي بن زيد ، عن القاسم ، عن أبي أمامة .

وأوهى أسانيد الخراسانيين : عبد الرحمن بن مليحة ، عن نهشل بن سعيد ، عن الضحاك ، عن ابن عباس .

[ ص: 199 ] ( ومنه ) - أي الضعيف - ( ما له لقب خاص ، كالموضوع ، والشاذ ، وغيرهما ) ، كالمقلوب ، والمعلل ، والمضطرب ، والمرسل ، والمنقطع ، والمعضل ، والمنكر .

فائدة : صنف ابن الجوزي كتابا في الأحاديث الواهية ، وأورد فيه جملا في كثير منها عليه انتقاد .

التالي السابق


الخدمات العلمية