صفحة جزء
[ ص: 253 ] الرابع : إذا روى بعض الثقات الضابطين الحديث مرسلا ، وبعضهم متصلا ، أو بعضهم موقوفا ، وبعضهم مرفوعا ، أو وصله هو أو رفعه في وقت أو أرسله ووقفه في وقت فالصحيح أن الحكم لمن وصله أو رفعه سواء كان المخالف له مثله أو أكثر ; لأن ذلك زيادة ثقة وهي مقبولة ، ومنهم من قال الحكم لمن أرسله ، أو وقفه ، قال الخطيب : وهو قول أكثر المحدثين ، وعند بعضهم الحكم للأكثر وبعضهم للأحفظ ، وعلى هذا لو أرسله أو وقفه الأحفظ لا يقدح الوصل والرفع في عدالة راويه ، وقيل : يقدح فيه وصله ما أرسله الحفاظ .


( الرابع إذا روى بعض الثقات الضابطين الحديث مرسلا ، وبعضهم متصلا ، أو بعضهم موقوفا ، وبعضهم مرفوعا ، أو وصله هو أو رفعه في وقت ، أو أرسله [ ص: 254 ] ووقفه في وقت آخر .

( فالصحيح ) عند أهل الحديث والفقه والأصول ( أن الحكم لمن وصله ( ق 76 \ أ ) أو رفعه ، سواء كان المخالف له مثله ) في الحفظ والإتقان ، ( أو أكثر ) منه ( لأن ذلك ) أي الرفع والوصل ، ( زيادة ثقة ، وهي مقبولة ) على ما سيأتي .

وقد سئل البخاري ، عن حديث " لا نكاح إلا بولي " ، وهو حديث اختلف فيه على أبي إسحاق السبيعي فرواه شعبة ، والثوري عنه ، عن أبي بردة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلا ، ورواه إسرائيل بن يونس في آخرين ، عن جده أبي إسحاق ، عن أبي بردة ، عن موسى متصلا ، فحكم البخاري لمن وصله ، وقال : الزيادة من الثقة مقبولة ، هذا مع أن من أرسله شعبة وسفيان ، وهما جبلان في الحفظ والإتقان .

وقيل : لم يحكم البخاري بذلك لمجرد الزيادة ، بل لأن لحذاق المحدثين نظرا آخر وهو الرجوع في ذلك إلى القرائن دون الحكم بحكم مطرد ، وإنما حكم البخاري لهذا الحديث بالوصل ; لأن الذي وصله ، عن أبي إسحاق سبعة : منهم إسرائيل حفيده ، وهو أثبت الناس في حديثه ، لكثرة ممارسته له ، ولأن شعبة ، وسفيان سمعاه منه في مجلس [ ص: 255 ] واحد بدليل رواية الطيالسي في مسنده ، قال : حدثنا شعبة قال : سمعت سفيان الثوري يقول لأبي إسحاق : أحدثك أبو بردة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكر الحديث ، فرجعا كأنهما واحد ، فإن شعبة إنما رواه بالسماع على أبي إسحاق بقراءة سفيان ، وحكم الترمذي في جامعه بأن رواية الذين وصلوه أصح .

قال : لأن سماعهم منه في أوقات مختلفة ، وشعبة وسفيان سمعاه في مجلس واحد ، وأيضا سفيان لم يقل له : ولم يحدثك به أبو بردة إلا مرسلا ، وكان سفيان قال له : أسمعت الحديث منه ، فقصده إنما هو السؤال ، عن سماعه له لا كيفية روايته له .

( ومنهم من قال : الحكم لمن أرسله ، أو وقفه ، قال الخطيب : وهو قول أكثر المحدثين .

وعن بعضهم الحكم للأكثر ) .

عن ( بعضهم ) الحكم ( ق 76 \ ب ) ( للأحفظ ، وعلى هذا ) القول ( لو أرسله ، أو وقفه الأحفظ لا يقدح الوصل والرفع في عدالة راويه ) ، ومسنده من الحديث غير الذي أرسله ، ( وقيل يقدح فيه وصله ما أرسله ) ، أو رفعه ما وقفه ( الحفاظ ) .

[ ص: 256 ] وصحح الأصوليون في تعارض ذلك من واحد في أوقات أن الحكم لما وقع منه أكثر ، فإن كان الوصل أو الرفع أكثر قدم ، أو ضدهما فكذلك .

قلت : بقي عليهم ما إذا استويا ، بأن وقع كل منهما في وقت فقط ، أو وقتين فقط

فائدة : قال الماوردي : لا تعارض بين ما ورد مرفوعا مرة ، وموقوفا على الصحابي أخرى ; لأنه يكون قد رواه ، وأفتى به .

التالي السابق


الخدمات العلمية