الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        [ ص: 253 ] الرابع : إذا روى بعض الثقات الضابطين الحديث مرسلا ، وبعضهم متصلا ، أو بعضهم موقوفا ، وبعضهم مرفوعا ، أو وصله هو أو رفعه في وقت أو أرسله ووقفه في وقت فالصحيح أن الحكم لمن وصله أو رفعه سواء كان المخالف له مثله أو أكثر ; لأن ذلك زيادة ثقة وهي مقبولة ، ومنهم من قال الحكم لمن أرسله ، أو وقفه ، قال الخطيب : وهو قول أكثر المحدثين ، وعند بعضهم الحكم للأكثر وبعضهم للأحفظ ، وعلى هذا لو أرسله أو وقفه الأحفظ لا يقدح الوصل والرفع في عدالة راويه ، وقيل : يقدح فيه وصله ما أرسله الحفاظ .

        التالي السابق


        ( الرابع إذا روى بعض الثقات الضابطين الحديث مرسلا ، وبعضهم متصلا ، أو بعضهم موقوفا ، وبعضهم مرفوعا ، أو وصله هو أو رفعه في وقت ، أو أرسله [ ص: 254 ] ووقفه في وقت آخر .

        ( فالصحيح ) عند أهل الحديث والفقه والأصول ( أن الحكم لمن وصله ( ق 76 \ أ ) أو رفعه ، سواء كان المخالف له مثله ) في الحفظ والإتقان ، ( أو أكثر ) منه ( لأن ذلك ) أي الرفع والوصل ، ( زيادة ثقة ، وهي مقبولة ) على ما سيأتي .

        وقد سئل البخاري ، عن حديث " لا نكاح إلا بولي " ، وهو حديث اختلف فيه على أبي إسحاق السبيعي فرواه شعبة ، والثوري عنه ، عن أبي بردة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلا ، ورواه إسرائيل بن يونس في آخرين ، عن جده أبي إسحاق ، عن أبي بردة ، عن موسى متصلا ، فحكم البخاري لمن وصله ، وقال : الزيادة من الثقة مقبولة ، هذا مع أن من أرسله شعبة وسفيان ، وهما جبلان في الحفظ والإتقان .

        وقيل : لم يحكم البخاري بذلك لمجرد الزيادة ، بل لأن لحذاق المحدثين نظرا آخر وهو الرجوع في ذلك إلى القرائن دون الحكم بحكم مطرد ، وإنما حكم البخاري لهذا الحديث بالوصل ; لأن الذي وصله ، عن أبي إسحاق سبعة : منهم إسرائيل حفيده ، وهو أثبت الناس في حديثه ، لكثرة ممارسته له ، ولأن شعبة ، وسفيان سمعاه منه في مجلس [ ص: 255 ] واحد بدليل رواية الطيالسي في مسنده ، قال : حدثنا شعبة قال : سمعت سفيان الثوري يقول لأبي إسحاق : أحدثك أبو بردة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكر الحديث ، فرجعا كأنهما واحد ، فإن شعبة إنما رواه بالسماع على أبي إسحاق بقراءة سفيان ، وحكم الترمذي في جامعه بأن رواية الذين وصلوه أصح .

        قال : لأن سماعهم منه في أوقات مختلفة ، وشعبة وسفيان سمعاه في مجلس واحد ، وأيضا سفيان لم يقل له : ولم يحدثك به أبو بردة إلا مرسلا ، وكان سفيان قال له : أسمعت الحديث منه ، فقصده إنما هو السؤال ، عن سماعه له لا كيفية روايته له .

        ( ومنهم من قال : الحكم لمن أرسله ، أو وقفه ، قال الخطيب : وهو قول أكثر المحدثين .

        وعن بعضهم الحكم للأكثر ) .

        عن ( بعضهم ) الحكم ( ق 76 \ ب ) ( للأحفظ ، وعلى هذا ) القول ( لو أرسله ، أو وقفه الأحفظ لا يقدح الوصل والرفع في عدالة راويه ) ، ومسنده من الحديث غير الذي أرسله ، ( وقيل يقدح فيه وصله ما أرسله ) ، أو رفعه ما وقفه ( الحفاظ ) .

        [ ص: 256 ] وصحح الأصوليون في تعارض ذلك من واحد في أوقات أن الحكم لما وقع منه أكثر ، فإن كان الوصل أو الرفع أكثر قدم ، أو ضدهما فكذلك .

        قلت : بقي عليهم ما إذا استويا ، بأن وقع كل منهما في وقت فقط ، أو وقتين فقط

        فائدة : قال الماوردي : لا تعارض بين ما ورد مرفوعا مرة ، وموقوفا على الصحابي أخرى ; لأنه يكون قد رواه ، وأفتى به .




        الخدمات العلمية