صفحة جزء
[ ص: 716 ] النوع الثاني والأربعون :

المدبج ورواية القرين : القرينان هما المتقاربان في السن والإسناد ، وربما اكتفى الحاكم بالإسناد ، فإن روى كل واحد منهما عن صاحبه كعائشة وأبي هريرة ، ومالك ، والأوزاعي فهو المدبج


( النوع الثاني والأربعون : المدبج ورواية القرين ) عن القرين .

ومن فوائد معرفة هذا النوع : أن لا يظن الزيادة في الإسناد أو إبدال عن بالواو .

( القرينان : هما المتقاربان في السن والإسناد ، وربما اكتفى الحاكم بالإسناد ) أي : بالتقارب فيه ، وإن لم يتقاربا في السن .

( فإن روى كل واحد منهما عن صاحبه كعائشة ، وأبي هريرة ) في الصحابة ، والزهري وأبي الزبير [ ص: 717 ] في الأتباع ، ( ومالك ، والأوزاعي ) في أتباعهم ( فهو المدبج ) - بضم الميم وفتح الدال المهملة وتشديد الباء الموحدة وأخره جيم .

قال العراقي : وأول من سماه بذلك الدارقطني فيما أعلم .

قال : إلا أنه لم يقيده بكونهما قرينين ، بل كل اثنين روى كل منهما عن الآخر يسمى بذلك ، وإن كان أحدهما أكبر ، وذكر منه رواية النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أبي بكر ، وعمر ، وسعد بن عبادة ، وروايتهم عنه ، ورواية عمر عن كعب ، وكعب عنه .

وبذلك يندفع اعتراض ابن الصلاح على الحاكم في ذكره في هذا رواية أحمد عن عبد العزيز ، وعبد الرزاق عنه ; لأنه ماش على ما قاله شيخه ونقله عنه .

ثم وجه التسمية ، قال العراقي : لم أر من تعرض لها ، قال : إلا أن الظاهر أنه سمي به لحسنه ، لأنه لغة المزين ، والرواية كذلك إنما تقع لنكتة يعدل فيها عن العلو إلى المساواة أو النزول ، فيحصل للإسناد بذلك تزين .

قال : ويحتمل أن يكون سمي بذلك لنزول الإسناد ، فيكون ذما ، من قولهم رجل مدبج : قبيح الوجه والهامة ، حكاه صاحب المحكم .

وقد قال ابن المديني والمستملي : النزول شؤم .

[ ص: 718 ] وقال ابن معين : الإسناد النازل حدرة في الوجه .

قال : وفيه بعد ، والظاهر الأول .

قال : ويحتمل أن يقال : إن القرينين الواقعين في المدبج في طبقة واحدة بمنزلة واحدة شبها بالخدين ، إذ يقال لهما الديباجتان ، كما قاله الجوهري وغيره .

قال : وهذا المعنى متوجه على ما قاله ابن الصلاح والحاكم : إن المدبج مختص بالقرينين .

وجزم بهذا المأخذ في شرح النخبة ، فإنه قال : لو روى الشيخ عن تلميذه فهل يسمى مدبجا ؟ فيه بحث . والظاهر : لا ، لأنه من رواية الأكابر عن الأصاغر ، والتدبيج مأخوذ من ديباجتي الوجه فيقتضي أن يكون مستويا من الجانبين .

أما رواية القرين عن قرينه من غير أن يعلم رواية الآخر عنه ، فلا يسمى مدبجا ، كرواية زائدة بن قدامة عن زهير بن معاوية ، ولا يعلم لزهير رواية عنه .

وأما تمثيل ابن الصلاح برواية التميمي عن مسعر ، وقوله : ولا يعلم لمسعر رواية عنه .

[ ص: 719 ] فاعترض بأنه أيضا روى عنه ، فيما ذكره الدارقطني في المدبج .

وتمثيل الحاكم برواية يزيد بن الهاد عن إبراهيم بن سعد ، وسليمان بن طرخان عن رقبة بن مصقلة ، وقوله : لا أعلم لابن سعد ورقبة رواية عن يزيد وسليمان .

فاعترض أيضا بوجودها ، فرواية ابن سعد عن يزيد في صحيح مسلم والنسائي ، ورواية رقبة عن سليمان في المدبج للدارقطني .

لطيفة :

قد يجتمع جماعة من الأقران في حديث ، كما روى أحمد بن حنبل عن أبي خيثمة زهير بن حرب ، عن يحيى بن معين ، عن علي بن المديني ، عن عبيد الله بن معاذ ، عن أبيه ، عن أبي بكر بن حفص ، عن أبي سلمة ، عن عائشة قالت : كن أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - يأخذن من شعورهن حتى يكون كالوفرة .

فأحمد والأربعة فوق خمستهم أقران .

التالي السابق


الخدمات العلمية