صفحة جزء
[ ص: 890 ] النوع الحادي والستون :

معرفة الثقات والضعفاء ، هو من أجل الأنواع ، فبه يعرف الصحيح والضعيف ، وفيه تصانيف كثيرة : منها مفرد في الضعفاء : ككتاب البخاري ، والنسائي ، والعقيلي ، والدارقطني وغيرها ، وفي الثقات : كالثقات لابن حبان .

ومشترك : كتاريخ البخاري ، وابن أبي خيثمة ، وما أغزر فوائده ! وابن أبي حاتم وما أجله ! وجوز الجرح والتعديل صيانة للشريعة ، ويجب على المتكلم فيه التثبت فقد أخطأ غير واحد بجرحهم بما لا يجرح .

. وتقدمت أحكامه في " الثالث والعشرين " .


( النوع الحادي والستون : معرفة الثقات والضعفاء هو من أجل الأنواع فبه يعرف الصحيح والضعيف ، وفيه تصانيف كثيرة ) لأئمة الحديث .

( منها : مفرد في الضعفاء ككتاب البخاري ، والنسائي ، والعقيلي ، والدارقطني ، وغيرها ، ككتاب الساجي ، وابن حبان ، والأزدي ، والكامل لابن عدي .

إلا أنه ذكر كل من تكلم فيه وإن كان ثقة ، وتبعه على ذلك الذهبي في الميزان ، إلا أنه لم يذكر أحدا من الصحابة ، والأئمة المتبوعين ، وفاته جماعة ، ذيلهم عليه الحافظ أبو الفضل العراقي في مجلد .

وعمل شيخ الإسلام لسان الميزان ضمنه الميزان وزوائد .

وللذهبي في هذا النوع المغني ، كتاب صغير الحجم نافع جدا من جهة أنه يحكم على كل رجل بالأصح فيه بكلمة واحدة ، على إعواز فيه ، سأجمعه إن شاء الله تعالى في ذيل عليه .

ومنها : مفرد ( وفي الثقات ، كالثقات لابن حبان ) ، ولابن شاهين ، وللعجلي ، [ ص: 891 ] ( و ) منها : ( مشترك ) جمع فيه الثقات ، والضعفاء ( كتاريخ البخاري ، وابن أبي خيثمة ، وما أغزر فوائده ، و ) الجرح والتعديل ، تصنيف ( ابن أبي حاتم وما أجله ) وطبقات ابن سعد ، وتمييز النسائي ، وغيرها .

( وجوز الجرح والتعديل صيانة للشريعة ) وذبا عنها ، قال تعالى : إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا .

وقال - صلى الله عليه وسلم - في التعديل : " إن عبد الله رجل صالح " .

، وفي الجرح " بئس أخو العشيرة " .

وقال : " حتى متى ترعون عن ذكر الفاجر ، هتكوه يحذره الناس " وتكلم في الرجال جمع من الصحابة والتابعين فمن بعدهم .

وأما قول صالح جزرة : أول من تكلم في الرجال شعبة ، ثم تبعه يحيى بن سعيد القطان ، ثم أحمد وابن معين ، فيعني أنه أول من تصدى لذلك .

وقد قال أبو بكر بن خلاد ليحيى بن سعيد : أما تخشى أن يكون هؤلاء الذين تركت حديثهم خصماءك عند الله ؟ فقال : لأن يكونوا خصمائي أحب إلي من أن يكون خصمي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، يقول : لم لم تذب الكذب عن حديثي .

[ ص: 892 ] وقال أبو تراب النخشبي لأحمد بن حنبل : لا تغتب العلماء . فقال له أحمد : ويحك ، هذا نصيحة ليس هذا غيبة .

وقال بعض الصوفية لابن المبارك : تغتاب ، قال اسكت إذا لم نبين ، كيف نعرف الحق من الباطل ؟

( ويجب على المتكلم فيه التثبت ) فقد قال ابن دقيق العيد : أعراض المسلمين حفرة من النار ، وقف على شفيرها طائفتان من الناس : المحدثون والحكام .

ومع ذلك ( فقد أخطأ غير واحد ) من الأئمة ( بجرحهم ) لبعض الثقات ( بما لا يجرح ) ، كما جرح النسائي أحمد بن صالح المصري بقوله : غير ثقة ، ولا مأمون ، وهو ثقة إمام حافظ ، احتج به البخاري ووثقه الأكثرون .

قال الخليلي : اتفق الحفاظ على أن كلام النسائي فيه تحامل ، ولا يقدح كلام أمثاله فيه .

قال ابن عدي : وسبب كلام النسائي فيه أنه حضر مجلسه فطرده ، فحمله ذلك على أن تكلم فيه .

قال ابن الصلاح : وذلك لأن عين السخط تبدي مساوي ، لها في الباطن مخارج صحيحة ، تعمى عنها بحجاب السخط ، لا أن ذلك يقع منهم تعمدا للقدح مع العلم ببطلانه .

[ ص: 893 ] وقال ابن يونس : لم يكن أحمد بن صالح كما قال النسائي ، لم تكن له آفة غير الكبر .

وقد تكلم فيه ابن معين بما يشير إلى ذلك فقال : كذاب يتفلسف رأيته يخطر في جامع مصر ، فنسبه إلى الفلسفة ، وأنه يخطر في مشيته .

ولعل ابن معين لا يدري ما الفلسفة ، فإنه ليس من أهلها .

وقال شيخ الإسلام : إنما ضعف ابن معين أحمد بن صالح الشمومي لا المصري المتكلم عليه هنا .

قال ابن دقيق : والوجوه التي تدخل الآفة منها خمسة : أحدها الهوى والغرض ، وهو شرها ، وهو في تاريخ المتأخرين كثير .

الثاني : المخالفة في العقائد .

الثالث : الاختلاف بين المتصوفة وأهل علم الظاهر .

[ ص: 894 ] الرابع : الكلام بسبب الجهل بمراتب العلوم ، وأكثر ذلك في المتأخرين ، لاشتغالهم بعلوم الأوائل وفيها الحق ، كالحساب والهندسة والطب ، والباطل : كالطبيعي وكثير من الإلهي ، وأحكام النجوم .

الخامس : الأخذ بالتوهم مع عدم الورع .

وقد عقد ابن عبد البر في كتاب العلم بابا لكلام الأقران المتعاصرين في بعضهم ، ورأى أن أهل العلم لا يقبل جرحهم إلا ببيان واضح .

( وتقدمت أحكامه في ) النوع ( الثالث والعشرين ) فأغنى عن إعادتها هنا .

فائدتان

الأولى : قال في الاقتراح : تعرف ثقة الراوي بالتنصيص عليه من رواته أو ذكره في تاريخ الثقات ، أو تخريج أحد الشيخين له في الصحيح ، وإن تكلم في بعض من خرجا له ، فلا يلتفت إليه ، أو تخريج من اشترط الصحة له أو من خرج على كتب الشيخين .

الثانية : قال الحاكم في المدخل : المجروحون على عشر طبقات : الأولى قوم وضعوا الحديث .

[ ص: 895 ] الثانية : قوم قلبوه فوضعوا لأحاديث أسانيد غير أسانيدها .

الثالثة : قوم حملهم الشره على الرواية عن قوم لم يدركوهم .

الرابعة : قوم عمدوا إلى الموقوفات فرفعوها .

الخامسة : قوم عمدوا إلى المراسيل فوصلوها .

السادسة : قوم غلب عليهم الصلاح فلم يتفرغوا لضبط الحديث ، فدخل عليهم الوهم .

السابعة : قوم سمعوا من شيوخ ثم حدثوا عنهم بما لم يسمعوا .

الثامنة : قوم سمعوا كتبا ثم حدثوا من غير أصول سماعهم .

التاسعة : قوم جيء إليهم ليحدثوا بها فأجابوا من غير أن يدروا أنها سماعهم .

العاشرة : قوم تلفت كتبهم فحدثوا من حفظهم على التخمين كابن لهيعة .

التالي السابق


الخدمات العلمية