الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الأثار

الحازمي - أبو بكر محمد بن موسى الحازمي الهمذاني

صفحة جزء
[ ص: 355 ] ذكر خبر آخر يدل على الرخصة

والغالب أن الرخصة لا تكون إلا بعد النهي

قرأت على محمد بن عمر بن أحمد الحافظ ، أخبرك الحسين بن أحمد القاري ، أخبرنا أحمد بن عبد الله ، أخبرنا محمد بن أحمد العبدي الجرجاني ، أخبرنا عبد الله بن محمد بن شيرويه ، أخبرنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي ، أخبرنا المعتمر بن سليمان ، سمعت حميدا الطويل يحدث عن أبي المتوكل الناجي ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : رخص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في القبلة للصائم ورخص في الحجامة .

أخبرني محمد بن محمد بن الجنيد الصوفي ، أخبرنا أبو سعد محمد بن عبد الله الفقيه ، أخبرنا أحمد بن محمد بن عبد الله ، حدثنا سليمان بن أحمد ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، أخبرنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عن خلاد بن عبد الرحمن ، عن شقيق بن ثور أحسبه عن أبيه ، قال : سألت أبا هريرة عن الصائم يحتجم ؟ قال : يقولون : أفطر الحاجم والمحجوم ، ولو احتجم ما باليت . قالوا : وهذا القول من أبي هريرة يدل على أنه قد ثبت عنده الرخصة ، وذكر الشافعي في رواية حرملة قال : وقد قال بعض من روى أفطر الحاجم والمحجوم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مر بهما يغتابان رجلا فقال : أفطر الحاجم والمحجوم لأنهما كانا يغتابان .

[ ص: 356 ] أخبرنا محمد بن علي السميري ، أخبرنا زاهر بن أبي عبد الرحمن ، أخبرنا أحمد بن الحسين ، أخبرنا أبو طاهر الفقيه ، أخبرنا أبو الحسن الطرائقي ، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي ، حدثنا أبو النضر ، حدثنا يزيد بن ربيعة ، حدثنا أبو الأشعث ، عن ثوبان قال : مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - برجل وهو يحتجم ، وهو يعرض برجل فقال - عليه السلام - : أفطر الحاجم والمحجوم . كذا رواه النضر ، ورواه الوحاظي ، عن يزيد بن ربيعة ، عن أبي الأشعث الصنعاني أنه قال : إنما قال النبي صلى الله عليه وسلم : أفطر الحاجم والمحجوم ؛ لأنهما كانا يغتابان .

ثم حمل الشافعي أفطر الحاجم بالغيبة على سقوط أجر الصوم ، وجعل نظير ذلك أن بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قال للمتكلم يوم الجمعة : لا جمعة لك . فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : صدق ، ولم يأمر بالإعادة ، فدل على أن ذلك محمول على إسقاط الأجر ، وقال فيمن أشرك : فقد حبط عمله ، وكان معناه أجر عمله ، والله أعلم ؛ لأنه لو ابتاع بيعا ، أو باعه ، أو قضى حقا عليه ، أو أعتق ، أو كاتب لم يحبط عمله ، وأحبط أجر عمله ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية