الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الأثار

الحازمي - أبو بكر محمد بن موسى الحازمي الهمذاني

صفحة جزء
[ ص: 361 ] 6 - باب في السحور بعد طلوع الفجر الثاني

متى السحور - حديث سهل بن سعد في النسخ - وآخر لعدي بن حاتم

أخبرني أبو بكر الخطيب محمد بن إبراهيم ، أخبرنا أبو زكريا العبدي ، أخبرنا محمد بن أحمد الكاتب ، أخبرنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، حدثنا إسحاق بن أحمد ، حدثنا نوح بن حبيب القومسي ، حدثنا أبو بكر بن عياش ، عن عاصم ، عن زر ، قال : قلت لحذيفة : أتسحرت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال : نعم ، ولو أشاء أن أقول هو النهار إلا أن الشمس لم تطلع .

أخبرني أبو الفضل صالح بن محمد بن أبي نصر ، أخبرنا الحسن بن أحمد بن الحسن ، أخبرنا أحمد بن عبد الله ، أخبرنا عبد الله بن محمد الحافظ ، حدثنا عبد الله بن محمد بن ناجية ، حدثنا حسين بن أبي زيد ، حدثنا الحسن بن الحكم بن طهمان الحنفي ، حدثنا أبو جزء ، عن عاصم ، عن زر قال : قلت لأبي بن كعب : كيف كان سحوركم مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال : نعم هو الصبح إلا أن الشمس لم تطلع .

أجمع أهل العلم على ترك العمل بظاهر هذا الخبر ، وقد اختلفوا في الوقت الذي يحرم فيه الطعام والشراب على من يريد الصوم :

فذهب عامة علماء الأمصار من الصحابة والتابعين فمن بعدهم إلى جواز الأكل والشرب إلى حين اعتراض الفجر الآخر في الأفق ، وروينا هذا القول عن عمر وابن عباس .

وروي عن علي بن أبي طالب أنه قال حين صلى الفجر : الآن حين يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود .

[ ص: 362 ] وقال مسروق : لم يكن يعدون الفجر فجركم ؛ إنما كانوا يعدون الفجر الذي يملأ البيوت والطرق .

وكان إسحاق الحنظلي يذهب إلى القول الأول أيضا ؛ غير أنه كان يقول : ولا قضاء على من أكل في هذه الأوقات التي ذكرناها .

وأما حديث حذيفة فقد قال بعضهم : كان ذلك في أول الأمر ثم نسخ ، يدل عليه حديث سهل وعدي .

أخبرنا أبو زرعة طاهر بن محمد ، أخبرنا أحمد بن علي بن عبد الله في كتابه ، أخبرنا الحاكم أبو عبد الله ، أخبرنا أحمد بن محمد بن عبدوس ، حدثنا عثمان بن سعيد ، حدثنا سعيد بن أبي مريم ، حدثنا أبو غسان ، حدثني أبو حازم ، عن سهل بن سعد ، قال : نزلت هذه الآية : ( وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود ) .

ولم ينزل من الفجر قال : فكان رجال إذا أرادوا الصوم ربط أحدهم في رجليه الخيط الأسود والخيط الأبيض فلا يزال يأكل ويشرب حتى يتبين له رؤيتهما ، فأنزل الله تعالى بعد ذلك : ( من الفجر ) فعلموا أنه إنما يعني بذلك الليل والنهار .

هذا حديث صحيح ثابت متفق عليه ، أخرجه البخاري في كتابه عن سعيد بن أبي مريم ، ورواه مسلم عن ابن سهل ، والصغاني عن ابن أبي مريم ، أخبرنا أبو المحاسن محمد بن الحسن بن الحسين ، أخبرنا الحسن بن أحمد ، [ ص: 363 ] أخبرنا أحمد بن عبد الله ، أخبرنا عبد الله بن محمد ، حدثنا إسحاق بن أحمد ، حدثنا الحلواني ، حدثنا ابن نمير ، عن مجالد ، عن الشعبي ، عن عدي بن حاتم ، قال : أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت : علمني الإسلام . فعلمني الصلاة والزكاة وأمر الإسلام ، وقال : إذا جاءك رمضان فصم ، وإذا أمسيت فأفطر ، ثم كل واشرب حتى يتبين لك الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر قال : فقلت من الشعر أبيض وأسود ، فجعلت أنظر إليهما من الليل فأعرف الأبيض من الأسود . فقلت : يا رسول الله ، كل ما علمتني من الإسلام قد علمت غير الخيط الأبيض من الخيط الأسود ! فقال : ما صنعت يا بن حاتم ؟ فذكرت ذلك له ، فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ألم أقل لك الخيط الأبيض من الخيط الأسود بياض النهار من سواد الليل .

التالي السابق


الخدمات العلمية