الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الأثار

الحازمي - أبو بكر محمد بن موسى الحازمي الهمذاني

صفحة جزء
[ ص: 527 ] باب في تعليق الستور ذات التصاوير ، والنهي عنها

حديث عائشة في التصاوير - تحليل للحازمي - دليل آخر لأبي هريرة .

أخبرنا أبو العباس أحمد بن أحمد بن محمد ، أخبرنا عبد الرحمن بن حمد ، أخبرنا أحمد بن الحسين القاضي ، أخبرنا أحمد بن محمد ، أخبرنا أحمد بن شعيب ، أخبرنا محمد بن عبد الأعلى ، حدثنا خالد ، حدثنا شعبة ، عن عبد الرحمن بن القاسم ، عن القاسم ، عن عائشة قالت : كان في بيتي ثوب فيه تصاوير ، فجعلته إلى سهوة في البيت ، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي إليه ، ثم قال : يا عائشة أخريه عني . فنزعته ؛ فجعلته وسائد .

هذا حديث صحيح ، وله طرق في الصحاح ، ويروى بألفاظ مختلفة ، ربما يتعذر على غير المتبحر الجمع بينهما ، ولولا خشية الإطالة لذكرتها ، وإنما اقتصرت على هذا الحديث ؛ لأن فيه دلالة على النسخ ، واللفظ مشعر بذلك ، ألا ترى قول عائشة : وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي إليه والضمير عائد إلى الثوب الذي كانت فيه تصاوير ، وليس عائدا إلى السهوة ، كما توهمه بعض الناس ، وقال : السهوة هي المكان الضيق ، فيكون الضمير عائدا إلى المعنى ، إذ الحمل على المعنى يفتقر إلى تقدير ، والتقدير على خلاف الأصل ، وأيضا لم يكن البيت كبيرا بحيث يخفى مكان الثوب على النبي - صلى الله عليه وسلم - [ ص: 528 ] ثم في قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لعائشة : أخريه عني ما يؤكد ما قلناه ؛ لأنها ذكرته بلفظ " ثم " وهذه الكلمة موضوعة للتراخي والمهلة .

ويدل عليه أيضا حديث أبي هريرة : أخبرنا أبو الفرج عبد الحميد بن إسماعيل ، أخبرنا عبدوس بن عبد الله ، أخبرنا أبو طاهر بن سلمة ، أخبرنا أبو بكر بن المثنى ، حدثنا أحمد بن شعيب ، أخبرنا هناد بن السري ، عن ابن أبي بكر ، عن أبي إسحاق ، عن مجاهد ، عن أبي هريرة قال : استأذن جبرائيل على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : ادخل . فقال : كيف أدخل وفي بيتك ستر فيه تصاوير ؟ فإما أن تقطع رءوسها ، أو تجعل بساطا يوطأ ؛ فإنا معشر الملائكة لا ندخل بيتا فيه تصاوير .

التالي السابق


الخدمات العلمية