الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الأثار

الحازمي - أبو بكر محمد بن موسى الحازمي الهمذاني

صفحة جزء
[ ص: 135 ] بيان النسخ أخبرني محمد بن إبراهيم بن علي الفارسي ، أخبرنا يحيى بن عبد الوهاب العبدي ، أخبرنا محمد بن أحمد بن محمد ، أخبرنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، حدثني هيثم بن خلف الدوري ، حدثنا عبد الأعلى بن حماد النرسي ، حدثنا وهب بن جرير ، حدثني أبي ، سمعت محمد بن إسحاق ، عن أبان بن صالح ، عن مجاهد ، عن جابر ، قال : نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يستقبل القبلة ببول . فرأيته قبل أن يقبض بعام يستقبلها .

أخبرنا أبو موسى الحافظ ، أخبرنا إسماعيل بن الفضل بن أحمد ، أخبرنا أبو طاهر الكاتب ، أخبرنا علي بن عمر بن أحمد ، حدثنا أبو بكر النيسابوري ، حدثنا أبو الأزهر ، حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد ، حدثنا أبو إسحاق ، حدثني أبان بن صالح ، عن مجاهد ، عن جابر قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد نهانا أن نستدبر القبلة أو نستقبلها بفروجنا إذا أهرقنا الماء ، ثم قد رأيته قبل موته بعام يبول مستقبل القبلة .

أخرجه أبو داود في كتابه ، عن محمد بن بشار بندار ، عن وهب بن جرير بن حازم ، عن أبيه ، عن ابن إسحاق ، ورواه أبو عيسى الترمذي ، عن بندار ، وأبي موسى محمد بن المثنى ، كلاهما عن وهب بن جرير ، عن أبيه .

[ ص: 136 ] أخبرني الأديب أبو الفضل محمد بن بنيمان بن يوسف ، أخبرنا أبو منصور سعد بن علي العجلي ، أخبرنا القاضي أبو الطيب طاهر بن عبد الله الطبري ، أخبرنا أبو الحسن الدارقطني ، حدثنا علي بن عاصم ، عن خالد الحذاء ، عن خالد بن أبي الصلت ، قال : كنت عند عمر بن عبد العزيز في خلافته ، وعنده عراك بن مالك ، فقال عمر : ما استقبلت القبلة ولا استدبرتها ببول ولا غائط منذ كذا وكذا ، فقال عراك : حدثتني عائشة قالت : لما بلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قول الناس في ذلك أمر بمقعدته فاستقبل بها القبلة .

تابعه حماد بن سلمة ، وعبد الله بن المبارك ، وفي الحديث كلام كثير أشرت إلى بعضه في مسند المهذب ، فهذه الأحاديث حجة من ذهب إلى النسخ .

والصنف الثالث : جمعوا بين الأحاديث كلها ، وجعلوا الرخصة في استقبال القبلة للغائط والبول في المنازل ، ومنعوا من ذلك في الصحارى ، وممن ذهب إلى هذا : الشعبي ، وبه قال الشافعي ، وإسحاق بن إبراهيم الحنظلي . وكان حجتهم في النهي حديث أبي أيوب ، وقد مر ذكره ، وفي الرخصة حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - .

أخبرنا أبو زرعة طاهر بن محمد بن طاهر ، أخبرنا مكي بن منصور ، أخبرنا أحمد بن الحسن ، أخبرنا محمد بن يعقوب ، أخبرنا الربيع ، أخبرنا الشافعي ، أخبرنا مالك ، عن يحيى بن سعيد ، عن محمد بن يحيى بن [ ص: 137 ] حبان ، عن عمه واسع بن حبان ، عن عبد الله بن عمر أنه كان يقول : إن ناسا يقولون : إذا قعدت على حاجتك فلا تستقبل القبلة ، ولا بيت المقدس ، قال عبد الله بن عمر : لقد ارتقيت على ظهر بيت لنا ، فرأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على لبنتين مستقبلا بيت المقدس لحاجته .

هذا حديث صحيح ثابت من حديث المدنيين ، أخرجه البخاري في الصحيح ، عن عبد الله بن يوسف التنيسي ، عن مالك . وأخرجه مسلم من وجه آخر عن يحيى بن سعيد الأنصاري .

أخبرني عبد المنعم بن عبد الله بن محمد بن الفضل ، أبو بكر عبد الغفار بن محمد بن الحسين التاجر ، أخبرنا محمد بن موسى الصيرفي ، أخبرنا محمد بن يعقوب ، أخبرنا بكار بن قتيبة ، حدثنا صفوان بن عيسى ، عن الحسن بن ذكوان ، عن مروان الأصفر ، قال : رأيت ابن عمر أناخ راحلته مستقبل القبلة ، ثم جلس يبول إليها ! فقلت : أبا عبد الرحمن ، أليس قد نهي عن هذا ؟ قال : بلى ؛ إنما نهي عن ذلك في الفضاء ، فإذا كان بينك وبين القبلة شيء يسترك فلا بأس .

هذا حديث حسن ، أخرجه أبو داود في كتابه ، عن محمد بن يحيى الذهلي ، عن صفوان .

[ ص: 138 ] وأما الحديث الذي رواه عبد الرزاق ، عن زمعة بن صالح ، عن سلمة بن هرام ، قال : سمعت طاوسا يقول : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إذا أتى أحدكم البراز فليكرم قبلة الله - عز وجل - فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها

وكذلك رواه وكيع ، عن زمعة مرسلا ، وكذلك عبد الله بن وهب ، عن وهب ، عن زمعة ، عن سلمة ، وابن طاوس ، عن أبيه ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلا .

ورواه سفيان بن عيينة عن سلمة : أنه سمع طاوسا ، ولم يرفعه . وقال ابن المديني : قلت لسفيان : أكان زمعة يرفعه ؟ قال : نعم ، فسألت سلمة عنه فلم يعرفه ، يعني لم يرفعه . وقال الشافعي في رواية الربيع عنه : حديث طاوس هذا مرسل ، وأهل الحديث لا يثبتونه ، ولو ثبت كان كحديث أبي أيوب ، وحديث ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مسند حسن الإسناد ، وأولى أن يثبت منه لو خالفه ، وإن كان - قال طاوس - حق على كل مسلم أن يكرم قبلة الله أن لا يستقبلها ، فإنما سمع - والله أعلم - حديث أبي أيوب عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأنزل ذلك على إكرام القبلة ، وهي أهل أن تكرم ، والحال في الصحارى كما حدث أبو أيوب ، وفي البيوت كما حدث ابن عمر ، لأنهما مختلفان .

أخبرنا محمد بن عبد الخالق بن أبي نصر ، أخبرنا إسماعيل بن الفضل [ ص: 139 ] بن أحمد ، أخبرنا محمد بن أحمد بن محمد الكاتب ، أخبرنا علي بن عمر ، حدثنا إسماعيل بن محمد الصفار ، حدثنا العباس بن محمد الدوري ، حدثنا موسى بن داود ، حدثنا حاتم بن إسماعيل ، عن عيسى بن أبي عيسى قال : قلت للشعبي : عجبت لقول أبي هريرة : " لا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها " . وقال نافع عن ابن عمر : رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - ذهب مذهبا مواجه القبلة . قال : أما قول أبي هريرة في الصحراء : " إن لله خلقا من عباده يصلون في الصحراء ، فلا تستقبلوهم ولا تستدبروهم ، أما بيوتكم هذه التي تتخذونها للنتن فإنه لا قبلة لها .

قال الدارقطني : عيسى بن أبي عيسى هو الخياط ، وهو عيسى بن ميسرة ، وهو ضعيف .

التالي السابق


الخدمات العلمية