نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

صفحة جزء
قال : ( ويأخذ منها كفيلا بها ) نظرا للغائب ; لأنها ربما استوفت النفقة أو طلقها الزوج ، وانقضت عدتها ، فرق بين هذا وبين الميراث إذا قسم بين ورثة حضور بالبينة ، ولم يقولوا : لا نعلم له وارثا آخر حيث لا يؤخذ منهم الكفيل عند أبي حنيفة رحمه الله : هناك المكفول له مجهول وهاهنا معلوم وهو الزوج ، ويحلفها بالله ما أعطاها النفقة نظرا للغائب . قال : ( ولا يقضى بنفقة في مال غائب إلا لهؤلاء ) ووجه الفرق هو أن نفقة هؤلاء واجبة قبل قضاء القاضي ، ولهذا كان لهم أن يأخذوا قبل القضاء فكان قضاء القاضي إعانة لهم . أما غيرهم من المحارم فنفقتهم إنما تجب بالقضاء ; لأنه مجتهد فيه ، والقضاء على الغائب لا يجوز ولو لم يعلم القاضي بذلك ، ولم يكن مقرا به ، فأقامت البينة على الزوجية أو لم يخلف مالا فأقامت البينة ليفرض القاضي نفقتها على الغائب ويأمرها بالاستدانة لا يقضي القاضي بذلك ; لأن في ذلك قضاء على الغائب . وقال زفر رحمه الله : يقضى فيه ; لأن فيه نظرا لها ولا ضرر فيه على الغائب فإنه لو حضر وصدقها فقد أخذت حقها وإن جحد يحلف ، فإن نكل فقد صدق ، وإن أقامت بينة فقد ثبت حقها وإن عجزت يضمن الكفيل أو المرأة ، وعمل القضاة اليوم على هذا أنه يقضى بالنفقة على الغائب لحاجة الناس وهو مجتهد فيه ، وفي هذه المسألة أقاويل مرجوع عنها فلم يذكرها .

التالي السابق


الخدمات العلمية