نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

صفحة جزء
[ ص: 334 - 346 ] قال ( والإبراد بالظهر في الصيف ، وتقديمه في الشتاء ) لما روينا ، ولرواية أنس رضي الله عنه : قال : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان في الشتاء بكر بالظهر ، وإذا كان في الصيف أبرد بها }( وتأخير العصر ما لم تتغير الشمس في الصيف والشتاء ) لما فيه من تكثير النوافل لكراهتها بعده ، والمعتبر تغير القرص ، وهو أن يصير بحال لا تحار فيه الأعين ، هو الصحيح ، والتأخير إليه مكروه .


الحديث الثالث عشر : روى أنس { كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان في الشتاء بكر بالظهر ، وإذا كان في الصيف أبرد بها }قلت : رواه البخاري من حديث خالد بن دينار ، قال : صلى بنا أميرنا الجمعة ، ثم قال لأنس : { كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر ؟ قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا اشتد البرد بكر بالصلاة ، وإذا اشتد الحر أبرد بالصلاة }انتهى .

وأما حديث خباب بن الأرت : { شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة في الرمضاء فلم يشكنا } ، أخرجه مسلم ، وزاد في رواية ، قال زهير : قلت لأبي إسحاق في تعجيل الظهر ، قال : نعم انتهى .

فقال ابن القطان في " كتابه " : وقد اختلف في معنى هذا ، فقيل : لم يعذرنا . وقيل : لم يحوجنا إلى الشكوى بعد ، ولكن رويت فيه زيادة مثبتة للأول ، قال ابن المنذر : حدثنا عبد الله بن أحمد ثنا خلاد بن يحيى ثنا يونس بن أبي إسحاق ثنا سعيد بن وهب أخبرني خباب بن الأرت ، قال : { شكوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الرمضاء فما أشكانا ، وقال : إذا زالت الشمس فصلوا }انتهى .

وبهذا اللفظ رواه البيهقي في " السنن " ، وفي لفظ : له { شكونا حر الرمضاء في جباهنا وأكفنا فلم يشكنا ، قلت : ويؤيد الثاني }حديث أبي هريرة : { إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة ، فإن شدة الحر من فيح جهنم }أخرجاه ، وانفرد البخاري بحديث الخدري { أبردوا بالظهر ، فإن شدة الحر من فيح جهنم }. أحاديث لمذهبنا في تأخير العصر ، أخرج الدارقطني في " سننه " عن عبد الواحد [ ص: 347 ] بن نافع ، قال : دخلت مسجد المدينة فأذن مؤذن بالعصر ، وشيخ جالس فلامه ، وقال : إن أبي أخبرني { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر بتأخير هذه الصلاة } ، فسألت عنه ، فقالوا : هذا عبد الله بن رافع بن خديج انتهى .

ورواه البيهقي في " سننه " ، وقال : قال الدارقطني فيما أخبرنا عنه أبو بكر بن الحارث : هذا حديث ضعيف الإسناد ، والصحيح عن رافع . وغيره ضد هذا ، وعبد الله بن رافع ليس بالقوي ، ولم يروه عنه غير عبد الواحد ، ولا يصح هذا الحديث عن رافع ولا عن غيره من الصحابة انتهى .

وقال ابن حبان : عبد الواحد بن نافع يروي عن أهل الحجاز المقلوبات ، وعن أهل الشام الموضوعات ، لا يحل ذكره في الكتب إلا على سبيل القدح فيه انتهى .

ورواه البخاري في " تاريخه الكبير " في " باب العين في ترجمة عبد الله بن رافع " حدثنا أبو عاصم عن عبد الواحد بن نافع به ، وقال لا يتابع عليه " يعني عبد الله بن رافع " والصحيح عن رافع غيره ، ثم أخرجه عن رافع ، قال : { كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم صلاة العصر ، ثم ننحر الجزور } ، وسيأتي بتمامه ، وقال ابن القطان في " كتابه " : عبد الواحد بن نافع أبو الرماح مجهول الحال مختلف في حديثه ، انتهى .

أثر في ذلك ، أخرجه الحاكم في " المستدرك " عن زياد بن عبد الله النخعي ، قال : كنا جلوسا مع علي رضي الله عنه في المسجد الأعظم فجاء المؤذن ، فقال : الصلاة يا أمير المؤمنين ، فقال . اجلس فجلس ، ثم عاد فقال له ذلك ، فقال علي : هذا الكلب يعلمنا السنة ، فقام علي فصلى بنا العصر . ثم انصرفنا فرجعنا إلى المكان الذي كنا فيه جلوسا فجثونا للركب ، لنزول الشمس للغروب نتراءاها انتهى .

وقال : صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه انتهى وأخرجه الدارقطني كذلك عن العباس بن ذريح عن زياد بن عبد الله النخعي به . ثم قال : وزياد بن عبد الله هذا مجهول لم يروه عنه غير العباس بن ذريح انتهى .

قلت : وهذا الأثر في حكم المرفوع ، أو قريب منه ، لذكر السنة فيه . أحاديث الخصوم في أفضلية التعجيل : منها حديث أبي برزة { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 348 ] يصلي العصر ، ثم يرجع أحدنا إلى رحله والشمس حية } ، رواه البخاري . ومسلم .

{ حديث آخر } أخرجه البخاري . ومسلم أيضا عن أنس ، قال : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي العصر ، ثم يذهب أحدنا إلى العوالي ، والشمس مرتفعة ، قال الزهري : والعوالي على ميلين من المدينة . وثلاثة ، وأحسبه قال : وأربعة } ، انتهى .

{ حديث آخر } أخرجه البخاري . ومسلم أيضا عن رافع بن خديج ، قال : { كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العصر ، ثم ننحر الجزور ، فنقسم عشر قسم ، ثم يطبخ فيؤكل لحما نضيجا قبل أن تغيب الشمس ، }انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية