نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

صفحة جزء
[ ص: 353 ] فصل في الأوقات التي تكره فيها الصلاة

. ( لا تجوز الصلاة عند طلوع الشمس ، ولا عند قيامها في الظهيرة ، ولا عند غروبها ) لحديث عقبة بن عامر رضي الله عنه قال { ثلاثة أوقات نهانا رسول الله عليه الصلاة والسلام أن نصلي فيها وأن نقبر فيها موتانا : عند طلوع الشمس حتى ترتفع ، وعند زوالها حتى تزول ، وحين تضيف للغروب حتى تغرب }والمراد بقوله " وأن نقبر " صلاة الجنازة ، لأن الدفن غير مكروه ، والحديث بإطلاقه حجة على الشافعي رحمه الله تعالىفي تخصيص الفرائض ، وبمكة في حق النوافل ، وحجة على أبي يوسف رحمه الله تعالىفي إباحة النفل يوم الجمعة وقت الزوال ، قال ( ولا صلاة جنازة ) لما روينا ( ولا سجدة تلاوة ) لأنها في معنى الصلاة ( إلا عصر يومه عند الغروب ) لأن السبب هو الجزء القائم من الوقت ، لأنه لو تعلق بالكل لوجب الأداء بعده ، ولو تعلق بالجزء الماضي فالمؤدي في آخر الوقت قاض ، وإذا كان كذلك فقد أداها كما وجبت ، بخلاف غيرها من الصلوات ، لأنها وجبت كاملة فلا تتأدى بالناقص . قال رضي الله عنه : والمراد بالنفي المذكور في صلاة الجنازة وسجدة التلاوة والكراهة ، حتى لو صلاها فيه أو تلا فيه آية السجدة فسجدها جاز ; لأنها أديت ناقصة كما وجبت ، إذ الوجوب بحضور الجنازة والتلاوة .


فصل في الأوقات المكروهة الحديث الثامن عشر : حديث عقبة رضي الله عنه ، قال : { ثلاث أوقات نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نصلي فيها ، وأن نقبر فيها موتانا : عند طلوع الشمس حتى ترتفع ، وعند زوالها حتى تزول . وحين تضيف للغروب } ، قلت : رواه الجماعة إلا البخاري من حديث موسى بن علي بن رباح عن أبيه عن عقبة بن عامر الجهني ، قال { ثلاث ساعات [ ص: 354 ] كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلي فيهن ، أو أن نقبر فيهن موتانا : حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع ، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس ، وحين تضيف الشمس للغروب حتى تغرب }انتهى .

قال البيهقي في " المعرفة " : ورواه روح بن القاسم عن موسى بن علي عن أبيه ، وزاد فيه ، { قلت لعقبة : أيدفن بالليل ؟ قال : نعم ، قد دفن أبو بكر بالليل }انتهى .

قال البيهقي : ونهيه عن القبر في هذه الساعات لا يتناول الصلاة على الجنازة ، وهو عند كثير من أهل العلم محمول على كراهية الدفن في تلك الساعات انتهى . قلت : حمله أبو داود على الدفن الحقيقي فإنه ذكره في " الجنائز " وبوب عليه " باب الدفن عند طلوع الشمس وعند غروبها " وحمله الترمذي على الصلاة ، وبوب عليه " باب ما جاء في كراهية صلاة الجنازة عند طلوع الشمس وعند غروبها " ونقل عن ابن المبارك أنه قال : ما معنى أن نقبر فيها موتانا ؟ " يعني صلاة الجنازة " انتهى . وقد جاء بتصريح الصلاة فيه ، رواه الإمام أبو حفص عمر بن شاهين في " كتاب الجنائز " من حديث خارجة بن مصعب عن ليث بن سعد عن موسى بن علي به ، قال : { نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نصلي على موتانا عند ثلاث : عند طلوع الشمس } ، إلى آخره . أحاديث الركعتين بعد العصر " ما جاء في النهي عنها " أخرج البخاري عن معاوية ، قال : { إنكم لتصلون صلاة لقد صحبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فما رأيناه يصليها ، ولقد نهى عنها }يعني الركعتين بعد العصر " انتهى .

{ حديث آخر } : روى إسحاق بن راهويه في " مسنده " ثم البيهقي من جهته حدثنا وكيع ثنا سفيان الثوري أخبرني أبو إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي . قال : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ركعتين دبر كل صلاة مكتوبة إلا الفجر والعصر }انتهى .

حديث عمر بن عنبسة أخرجه مسلم من حديث أبي أمامة عنه ، وفيه : { فقلت : يا رسول الله أخبرني عن الصلاة ؟ قال : صل الصبح ، ثم أقصر عن الصلاة حين تطلع الشمس حتى ترتفع ، فإنها تطلع بين قرني شيطان ، وحينئذ يسجد لها الكفار ، ثم صل ، فإن الصلاة مشهودة محضورة حتى تستقبل الظل بالرمح ، ثم أقصر عن الصلاة ، فإنها [ ص: 355 ] حينئذ تسجر جهنم ، فإذا أقبل الفيء فصل ، فإن الصلاة مشهودة محضورة حتى تصلي العصر ، ثم أقصر عن الصلاة حتى تغرب الشمس ، فإنها تغرب بين قرني شيطان } ، الحديث بطوله . ما ورد في إباحتها :

أخرج البخاري ، ومسلم عن الأسود عن عائشة ، قالت : { ركعتان لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعهما سرا ولا علانية : ركعتان قبل صلاة الصبح . وركعتان بعد العصر } ، وفي لفظ لهما : { ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يأتيني في يوم بعد العصر إلا صلى ركعتين }انتهى .

وفي لفظ مسلم عن طاوس عنها ، قالت : وهم عمر ، إنما { نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتحرى طلوع الشمس وغروبها ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تحروا بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها فتصلوا عند ذلك } ، وفي لفظ للبخاري عن أيمن عن عائشة ، قالت : { والذي ذهب به ما تركهما حتى لقي الله ، وما لقي الله حتى ثقل عن الصلاة ، وكان يصليهما ، ولا يصليهما في المسجد مخافة أن يثقل على أمته ، وكان يحب ما خفف عنهم ، }انتهى . ما ورد في العذر منها ، أخرج مسلم . والبخاري في " المغازي " عن كريب مولى ابن عباس أن عبد الله بن عباس . وعبد الرحمن بن أزهر ، والمسور بن مخرمة { أرسلوه إلى عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالوا : اقرأ عليها السلام منا جميعا وسلها عن الركعتين بعد العصر ، وقل لها : بلغنا أنك تصليهما ، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنهما ، قال كريب : فدخلت على عائشة ، فأخبرتها : فقالت : سل أم سلمة ، فرجعت إليهم ، فأخبرتهم ، فردوني إلى أم سلمة ، فقالت أم سلمة : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عنهما . ثم رأيته يصليهما ، فقيل له في ذلك ، فقال : إنه أتاني ناس من عبد القيس بالإسلام من قومهم ، فشغلوني عن الركعتين اللتين بعد الظهر ، وهما هاتان }مختصر ، وعلقه البخاري فقال : وقال كريب : عن أم سلمة ، { صلى النبي صلى الله عليه وسلم بعد العصر ركعتين ، وقال : شغلني ناس من عبد القيس عن الركعتين بعد الظهر }انتهى .

وينظر البخاري في " المغازي " فكأنه وصله فيه ، وأخرج مسلم عن أبي سلمة أنه { سأل عائشة عن السجدتين اللتين كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصليهما بعد العصر ، فقالت : كان يصليهما قبل العصر . ثم إنه شغل عنهما ، أو نسيهما ، فصلاهما بعد العصر ، ثم [ ص: 356 ] أثبتهما . وكان إذا صلى صلاة أثبتها }يعني داوم عليها " انتهى .

وأخرج أبو داود من جهة ابن إسحاق عن محمد بن عمرو بن عطاء عن ذكوان مولى عائشة ، أنها حدثته { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي بعد العصر يعني ركعتين وينهى عنهما ويواصل ، وينهى عن الوصال }انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية