نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

صفحة جزء
قال : ( وعقد الصرف ما وقع على جنس الأثمان يعتبر فيه قبض عوضيه في المجلس ) لقوله عليه الصلاة والسلام : " { الفضة بالفضة هاء وهاء }" معناه يدا بيد ، وسنبين الفقه في الصرف إن شاء الله تعالى . [ ص: 511 ] قال : ( وما سواه مما فيه الربا يعتبر فيه التعيين ولا يعتبر التقابض خلافا للشافعي في بيع الطعام ) . له قوله عليه الصلاة والسلام في الحديث المعروف : " { يدا بيد }" ولأنه إذا لم يقبض في المجلس فيتعاقب القبض وللنقد مزية فتتحقق شبهة الربا . ولنا أنه مبيع متعين فلا يشترط فيه القبض كالثوب ، وهذا لأن الفائدة المطلوبة إنما هو التمكن من التصرف ويترتب ذلك على التعيين ، بخلاف الصرف لأن القبض فيه ليتعين به ، ومعنى قوله عليه الصلاة والسلام : " { يدا بيد عينا بعين }" ، وكذا رواه عبادة بن الصامت ، وتعاقب القبض لا يعتبر تفاوتا في المال عرفا بخلاف النقد والمؤجل .


[ ص: 509 - 510 ] الحديث الثالث : قال عليه السلام : " { الفضة بالفضة هاء وهاء }" ; قلت : أخرجه الأئمة الستة في " كتبهم " عن مالك بن أوس بن الحدثان عن عمر بن الخطاب عن النبي صلى الله عليه وسلم : { الذهب بالورق ربا ، إلا هاء وهاء ، والبر بالبر ربا ، إلا هاء وهاء ، والشعير بالشعير ربا ، إلا هاء وهاء ، والتمر بالتمر ربا ، إلا هاء وهاء }انتهى .

ورواه مالك في " الموطإ " عن الزهري عن مالك بن أوس به ، ورواه ابن أبي شيبة في " مصنفه " بلفظ : { الذهب بالذهب ربا ، إلا هاء وهاء ، والورق بالورق ربا ، إلا هاء وهاء ، والبر بالبر ربا ، إلا هاء وهاء } ، إلى آخره سواء ; قيل : ورواه البرقاني في الذي خرجه على " الصحيحين " بلفظ : { الذهب بالذهب ربا } ، الحديث . وتقدم عند مسلم في حديث عبادة بن الصامت : والفضة بالفضة مثلا بمثل ، سواء بسواء ، يدا بيد ، وأخرج مسلم أيضا ، عن أبي بكرة ، قال : { نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الفضة بالفضة ، والذهب بالذهب ، إلا سواء بسواء ، وأمرني أن نشتري الفضة بالذهب ، كيف شئنا ، ونشتري الذهب بالفضة كيف شئنا ، قال : فسأله رجل ، فقال : يدا بيد ؟ فقال : هكذا سمعت }انتهى .

والحديث رواه البخاري ، لكن ليس فيه سؤال الرجل . [ ص: 511 ]

الحديث الرابع : قال عليه السلام في الحديث المعروف : { يدا بيد } ، ثم قال المصنف : ومعنى قوله : يدا بيد أي عينا بعين ، وكذا رواه عبادة بن الصامت ; قلت : تقدم حديث : يدا بيد في حديث عبادة ، وقوله : عينا بعين هو في حديث عبادة أيضا عند مسلم : { إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن الذهب بالذهب ، والفضة بالفضة ، والبر بالبر ، والشعير بالشعير ، والتمر بالتمر ، والملح بالملح ، إلا سواء بسواء ، عينا بعين ، فمن زاد أو استزاد ، فقد أربى } ، وفيه قصة ، واحتج ابن الجوزي في " التحقيق " على أبي حنيفة في تجويزه التفرق قبل القبض ، في بيع ما يجري فيه الربا ، بعلة واحدة ، كالمكيل بالمكيل ، والموزون بهذا الحديث ، وبحديث زيد بن أرقم ، والبراء ، قال : { نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الذهب بالورق دينا } ، أخرجاه في " الصحيحين " وبحديث مالك بن أوس أنه اصطرف من طلحة بن عبيد الله صرفا بمكة ، بمائة دينار ، فأخذ طلحة الذهب يقلبها في يده ، ثم قال : حتى يأتي خازني من الغابة ، وعمر يسمع ذلك ، فقال : والله لا يفارقه حتى يأخذ منه ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { الذهب بالورق ربا ، إلا هاء وهاء ، والبر بالبر ربا ، إلا هاء وهاء ، وبالشعير ربا ، إلا هاء وهاء ، والتمر بالتمر ربا ، إلا هاء وهاء }" انتهى .

أخرجاه أيضا ، قال : وفي لفظ أخرجه البرقاني على " الصحيحين " : { والذهب بالذهب ربا ، إلا هاء وهاء }انتهى كلامه . أحاديث لمحمد بن الحسن في منعه بيع اللحم بالحيوان :

أخرج الدارقطني في سننه " عن يزيد بن مروان ثنا مالك بن أنس عن الزهري عن سهل بن سعد ، قال : { نهى [ ص: 512 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع اللحم بالحيوان } ، انتهى .

قال الدارقطني : تفرد به يزيد بن مروان عن مالك ، والصواب فيه عن ابن المسيب مرسلا ، انتهى .

قال ابن الجوزي في " التحقيق " : قال ابن معين : يزيد بن مروان كذاب ، وقال ابن حبان : يروي الموضوعات عن الأثبات ، لا يحل الاحتجاج به بحال انتهى .

{ حديث آخر } :

قال في " التنقيح " : قال ابن خزيمة : حدثنا أحمد بن حفص السلمي حدثني أبي حدثني إبراهيم بن طهمان عن الحجاج بن الحجاج عن قتادة عن الحسن عن سمرة نحوه ، قال البيهقي : إسناده صحيح ، ومن أثبت سماع الحسن من سمرة عده موصولا ، ومن لم يثبته فهو مرسل جيد انتهى .

{ حديث آخر } : أخرجه البزار في " مسنده " عن ثابت بن زهير عن نافع عن ابن عمر نحوه .

{ حديث آخر } : رواه مالك في " الموطإ " ، وأبو داود في " المراسيل " عن زيد بن أسلم عن سعيد بن المسيب نحوه ، وفي لفظ ، { نهى عن بيع الحي بالميت }.

{ حديث آخر } : روى البيهقي من طريق الشافعي ثنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن القاسم بن أبي بزة عن رجل من أهل المدينة { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يباع حي بميت }انتهى .

قال البيهقي : وهذا مرسل يؤكد مرسل ابن المسيب ; ومن طريق الشافعي بسنده عن أبي بكر الصديق { أنه نهى عن بيع اللحم بالحيوان } ، ومن طريق الشافعي أيضا بسنده عن سعيد بن المسيب ، والقاسم بن محمد ، وعروة بن الزبير ، وأبي بكر بن عبد الرحمن أنهم كرهوا ذلك ، قال الشافعي : ولا نعلم أحدا من الصحابة قال بخلاف ذلك ، إرسال ابن المسيب عندنا حسن انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية