الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                                        نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

                                                                                                        الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        قال : ( وعقد الصرف ما وقع على جنس الأثمان يعتبر فيه قبض عوضيه في المجلس ) لقوله عليه الصلاة والسلام : " { الفضة بالفضة هاء وهاء }" معناه يدا بيد ، وسنبين الفقه في الصرف إن شاء الله تعالى . [ ص: 511 ] قال : ( وما سواه مما فيه الربا يعتبر فيه التعيين ولا يعتبر التقابض خلافا للشافعي في بيع الطعام ) . له قوله عليه الصلاة والسلام في الحديث المعروف : " { يدا بيد }" ولأنه إذا لم يقبض في المجلس فيتعاقب القبض وللنقد مزية فتتحقق شبهة الربا . ولنا أنه مبيع متعين فلا يشترط فيه القبض كالثوب ، وهذا لأن الفائدة المطلوبة إنما هو التمكن من التصرف ويترتب ذلك على التعيين ، بخلاف الصرف لأن القبض فيه ليتعين به ، ومعنى قوله عليه الصلاة والسلام : " { يدا بيد عينا بعين }" ، وكذا رواه عبادة بن الصامت ، وتعاقب القبض لا يعتبر تفاوتا في المال عرفا بخلاف النقد والمؤجل .

                                                                                                        [ ص: 509 - 510 ]

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        [ ص: 509 - 510 ] الحديث الثالث : قال عليه السلام : " { الفضة بالفضة هاء وهاء }" ; قلت : أخرجه الأئمة الستة في " كتبهم " عن مالك بن أوس بن الحدثان عن عمر بن الخطاب عن النبي صلى الله عليه وسلم : { الذهب بالورق ربا ، إلا هاء وهاء ، والبر بالبر ربا ، إلا هاء وهاء ، والشعير بالشعير ربا ، إلا هاء وهاء ، والتمر بالتمر ربا ، إلا هاء وهاء }انتهى .

                                                                                                        ورواه مالك في " الموطإ " عن الزهري عن مالك بن أوس به ، ورواه ابن أبي شيبة في " مصنفه " بلفظ : { الذهب بالذهب ربا ، إلا هاء وهاء ، والورق بالورق ربا ، إلا هاء وهاء ، والبر بالبر ربا ، إلا هاء وهاء } ، إلى آخره سواء ; قيل : ورواه البرقاني في الذي خرجه على " الصحيحين " بلفظ : { الذهب بالذهب ربا } ، الحديث . وتقدم عند مسلم في حديث عبادة بن الصامت : والفضة بالفضة مثلا بمثل ، سواء بسواء ، يدا بيد ، وأخرج مسلم أيضا ، عن أبي بكرة ، قال : { نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الفضة بالفضة ، والذهب بالذهب ، إلا سواء بسواء ، وأمرني أن نشتري الفضة بالذهب ، كيف شئنا ، ونشتري الذهب بالفضة كيف شئنا ، قال : فسأله رجل ، فقال : يدا بيد ؟ فقال : هكذا سمعت }انتهى .

                                                                                                        والحديث رواه البخاري ، لكن ليس فيه سؤال الرجل . [ ص: 511 ]

                                                                                                        الحديث الرابع : قال عليه السلام في الحديث المعروف : { يدا بيد } ، ثم قال المصنف : ومعنى قوله : يدا بيد أي عينا بعين ، وكذا رواه عبادة بن الصامت ; قلت : تقدم حديث : يدا بيد في حديث عبادة ، وقوله : عينا بعين هو في حديث عبادة أيضا عند مسلم : { إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن الذهب بالذهب ، والفضة بالفضة ، والبر بالبر ، والشعير بالشعير ، والتمر بالتمر ، والملح بالملح ، إلا سواء بسواء ، عينا بعين ، فمن زاد أو استزاد ، فقد أربى } ، وفيه قصة ، واحتج ابن الجوزي في " التحقيق " على أبي حنيفة في تجويزه التفرق قبل القبض ، في بيع ما يجري فيه الربا ، بعلة واحدة ، كالمكيل بالمكيل ، والموزون بهذا الحديث ، وبحديث زيد بن أرقم ، والبراء ، قال : { نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الذهب بالورق دينا } ، أخرجاه في " الصحيحين " وبحديث مالك بن أوس أنه اصطرف من طلحة بن عبيد الله صرفا بمكة ، بمائة دينار ، فأخذ طلحة الذهب يقلبها في يده ، ثم قال : حتى يأتي خازني من الغابة ، وعمر يسمع ذلك ، فقال : والله لا يفارقه حتى يأخذ منه ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { الذهب بالورق ربا ، إلا هاء وهاء ، والبر بالبر ربا ، إلا هاء وهاء ، وبالشعير ربا ، إلا هاء وهاء ، والتمر بالتمر ربا ، إلا هاء وهاء }" انتهى .

                                                                                                        أخرجاه أيضا ، قال : وفي لفظ أخرجه البرقاني على " الصحيحين " : { والذهب بالذهب ربا ، إلا هاء وهاء }انتهى كلامه . أحاديث لمحمد بن الحسن في منعه بيع اللحم بالحيوان :

                                                                                                        أخرج الدارقطني في سننه " عن يزيد بن مروان ثنا مالك بن أنس عن الزهري عن سهل بن سعد ، قال : { نهى [ ص: 512 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع اللحم بالحيوان } ، انتهى .

                                                                                                        قال الدارقطني : تفرد به يزيد بن مروان عن مالك ، والصواب فيه عن ابن المسيب مرسلا ، انتهى .

                                                                                                        قال ابن الجوزي في " التحقيق " : قال ابن معين : يزيد بن مروان كذاب ، وقال ابن حبان : يروي الموضوعات عن الأثبات ، لا يحل الاحتجاج به بحال انتهى .

                                                                                                        { حديث آخر } :

                                                                                                        قال في " التنقيح " : قال ابن خزيمة : حدثنا أحمد بن حفص السلمي حدثني أبي حدثني إبراهيم بن طهمان عن الحجاج بن الحجاج عن قتادة عن الحسن عن سمرة نحوه ، قال البيهقي : إسناده صحيح ، ومن أثبت سماع الحسن من سمرة عده موصولا ، ومن لم يثبته فهو مرسل جيد انتهى .

                                                                                                        { حديث آخر } : أخرجه البزار في " مسنده " عن ثابت بن زهير عن نافع عن ابن عمر نحوه .

                                                                                                        { حديث آخر } : رواه مالك في " الموطإ " ، وأبو داود في " المراسيل " عن زيد بن أسلم عن سعيد بن المسيب نحوه ، وفي لفظ ، { نهى عن بيع الحي بالميت }.

                                                                                                        { حديث آخر } : روى البيهقي من طريق الشافعي ثنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن القاسم بن أبي بزة عن رجل من أهل المدينة { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يباع حي بميت }انتهى .

                                                                                                        قال البيهقي : وهذا مرسل يؤكد مرسل ابن المسيب ; ومن طريق الشافعي بسنده عن أبي بكر الصديق { أنه نهى عن بيع اللحم بالحيوان } ، ومن طريق الشافعي أيضا بسنده عن سعيد بن المسيب ، والقاسم بن محمد ، وعروة بن الزبير ، وأبي بكر بن عبد الرحمن أنهم كرهوا ذلك ، قال الشافعي : ولا نعلم أحدا من الصحابة قال بخلاف ذلك ، إرسال ابن المسيب عندنا حسن انتهى .




                                                                                                        الخدمات العلمية