نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

صفحة جزء
[ ص: 238 ] كتاب الوديعة .

قال : ( الوديعة أمانة في يد المودع إذا هلكت لم يضمنها ) لقوله عليه الصلاة والسلام : { ليس على المستعير غير المغل ضمان ولا على المستودع غير المغل ضمان }; ولأن بالناس حاجة إلى الاستيداع فلو ضمناه يمتنع الناس عن قبول الودائع فتتعطل مصالحهم .

قال : ( وللمودع أن يحفظها بنفسه وبمن في عياله ) ; لأن الظاهر أنه يلتزم حفظ مال غيره على الوجه الذي يحفظ مال نفسه ; ولأنه لا يجد بدا من الدفع إلى عياله ; لأنه لا يمكنه ملازمة بيته ولا استصحاب الوديعة في خروجه فكان المالك راضيا به ( فإن حفظها بغيرهم أودعها غيرهم ضمن ) ; لأن المالك رضي بيده لا بيد غيره والأيدي تختلف في الأمانة ; ولأن الشيء لا يتضمن مثله كالوكيل لا يوكل غيره والوضع في حرز غيره إيداع إلا إذا استأجر الحرز فيكون حافظا بحرز نفسه .

قال : ( إلا أن يقع في داره حريق فيسلمها إلى جاره أو يكون في سفينة فخاف الغرق فيلقيها إلى سفينة أخرى ) ; لأنه تعين طريقا للحفظ في هذه الحالة فيرتضيه المالك ( ولا يصدق على ذلك إلا ببينة ) ; لأنه يدعي ضرورة مسقطة للضمان بعد تحقق السبب فصار كما إذا ادعى الإذن في الإيداع .

قال : ( فإن طلبها صاحبها فمنعها وهو يقدر على تسليمها ضمنها ) ; لأنه [ ص: 239 ] متعد بالمنع وهذا ; لأنه لما طالبه لم يكن راضيا بإمساكه بعده فيضمنه بحبسه عنه .


[ ص: 224 - 238 ] كتاب الوديعة حديث : { ليس على المستعير غير المغل ضمان ، ولا على المستودع ، غير المغل ضمان }; قلت : أخرجه الدارقطني ، ثم البيهقي في " سننيهما " عن عمرو بن عبد الجبار عن عبيدة بن حسان عن عمر بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { ليس على المستودع ، غير المغل ضمان ، ولا على المستعير ، غير المغل ضمان }انتهى .

قال الدارقطني : عمرو . وعبيدة ضعيفان ، وإنما يروى هذا من قول شريح غير مرفوع ، ثم [ ص: 239 ] أخرجه من قول شريح ، ولم يروه عبد الرزاق في " مصنفه " إلا من قول شريح ; وقال ابن حبان في " كتاب الضعفاء " : عبيدة يروي الموضوعات عن الثقات ، انتهى .

ومن أحاديث الباب : ما أخرجه ابن ماجه في " سننه " عن المثنى بن الصباح عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { من أودع وديعة فلا ضمان [ ص: 240 ] عليه } ، انتهى .

ورواه ابن حبان في " كتاب الضعفاء " من حديث ابن لهيعة عن عمرو بن شعيب به ، وأعله بابن لهيعة ، قال : وعمرو بن شعيب وإن كان ثقة ، ولكن في حديثه المناكير ، إذا كان من رواية أبيه عن جده ، فإنه لا يخلو أن يكون مرسلا ومنقطعا ، فإنه إن أراد جده الأعلى ، وهو عبد الله بن عمرو ، فشعيب لم يلق عبد الله ، فالخبر منقطع ، وإن أراد جده الأدنى ، فهو محمد بن عبد الله ، وهو لا صحبة له ، فهو مرسل ، وكلاهما لا [ ص: 241 ] تقوم به الحجة ، وقد كان بعض شيوخنا تقول : إذا سمى جده عبد الله بن عمرو فهو صحيح ، وقد اعتبرت ما قاله ، فلم أجده من رواية الثقات المتقنين عن عمرو بن شعيب ، وإنما ذلك شيء يقوله محمد بن إسحاق ، وبعض الرواة ، ليعلم أن جده اسمه عبد الله ، فأدرج في الإسناد ، فليس الحكم عندي في عمرو بن شعيب ، إلا مجانبة ما روي عن أبيه عن جده ، والاحتجاج بما روي عن الثقات غير أبيه انتهى كلامه ، والله أعلم

.

التالي السابق


الخدمات العلمية