نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

صفحة جزء
قال : ( ولا بأس بإخصاء البهائم وإنزاء الحمير على الخيل ) ; لأن في الأول منفعة للبهيمة والناس ، وقد صح " { أن النبي صلى الله عليه وسلم ركب البغلة }" فلو كان هذا الفعل حراما لما ركبها لما فيه من فتح بابه .


الحديث الأربعون : وقد صح { أن النبي صلى الله عليه وسلم ركب البغلة واقتناها }; قلت : أخرج البخاري ، ومسلم في " الجهاد " عن أبي إسحاق ، قال : سمعت البراء بن عازب وسأله رجل من قيس أفررتم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين ؟ فقال البراء : والله إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يفر ، وكانت هوازن يومئذ رماة ، وإنا لما حملنا عليهم انكشفوا ، فأكببنا على الغنائم ، فاستقبلونا بالسهام ، فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلته البيضاء ، وإن أبا سفيان بن الحارث آخذ بلجامها يقوده ، وهو يقول :

أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب

انتهى .

وأخرج البخاري عن عمرو بن الحارث { ختن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخي جويرية بنت الحارث ، قال : ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم عند موته دينارا ، ولا درهما ، ولا عبدا . ولا أمة ، ولا شيئا إلا بغلته البيضاء التي كان يركبها ، وسلاحه ، وأرضا جعلها لابن السبيل صدقة }انتهى . ولم يخرج مسلم لعمرو بن الحارث شيئا ، وفي سيرة ابن إسحاق { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يركب بغلته الدلدل في أسفاره ، وعاشت بعده حتى كبرت ، وزالت أسنانها ، وكان يجش لها الشعير ، وماتت بالبقيع في زمن معاوية } ، انتهى .

وأخرج مسلم في " الجهاد " أيضا عن كثير بن عباس بن عبد المطلب ، { قال : شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين ، فلزمت أنا ، وأبو سفيان رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم نفارقه ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلة له بيضاء ، أهداها له فروة الجذامي ، فلما التقى المسلمون ، والكفار ، ولى المسلمون مدبرين ، فطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم يركض بغلته ، قبل الكفار ، قال ابن عباس : وأنا آخذ بلجام بغلته عليه السلام ، والعباس آخذ بركابه ، إلى أن قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هذا حين حمي الوطيس ، ثم أخذ عليه السلام بيده حصيات فرمى بهن في وجوه الكفار ، ثم [ ص: 177 ] قال : انهزموا ، ورب الكعبة ، قال : فما هو إلا أن رماهم بحصياته ، فما زلت أرى أمرهم مدبرا حتى هزمهم الله ، قال : فكأني أنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يركض خلفهم على بغلته } ، مختصر ; وأخرج في " الفضائل " عن سلمة بن الأكوع قال : { لقد قدت بنبي الله صلى الله عليه وسلم والحسن والحسين بغلته الشهباء حتى أدخلتهم حجرة النبي صلى الله عليه وسلم هذا قدامه ، وهذا خلفه }انتهى ، وأخرج في " آخر التوبة " قبيل " الفتن " عن زيد بن ثابت ، قال : بينما النبي صلى الله عليه وسلم في حائط لبني النجار على بغلة له ، ونحن معه ، فذكره ، وفيه : وقال { : نعوذ بالله من الفتن ، ما ظهر منها وما بطن } ، مختصر .

التالي السابق


الخدمات العلمية