الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                                        نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

                                                                                                        الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        قال : ( ولا بأس بإخصاء البهائم وإنزاء الحمير على الخيل ) ; لأن في الأول منفعة للبهيمة والناس ، وقد صح " { أن النبي صلى الله عليه وسلم ركب البغلة }" فلو كان هذا الفعل حراما لما ركبها لما فيه من فتح بابه .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        الحديث الأربعون : وقد صح { أن النبي صلى الله عليه وسلم ركب البغلة واقتناها }; قلت : أخرج البخاري ، ومسلم في " الجهاد " عن أبي إسحاق ، قال : سمعت البراء بن عازب وسأله رجل من قيس أفررتم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين ؟ فقال البراء : والله إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يفر ، وكانت هوازن يومئذ رماة ، وإنا لما حملنا عليهم انكشفوا ، فأكببنا على الغنائم ، فاستقبلونا بالسهام ، فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلته البيضاء ، وإن أبا سفيان بن الحارث آخذ بلجامها يقوده ، وهو يقول :

                                                                                                        أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب

                                                                                                        انتهى .

                                                                                                        وأخرج البخاري عن عمرو بن الحارث { ختن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخي جويرية بنت الحارث ، قال : ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم عند موته دينارا ، ولا درهما ، ولا عبدا . ولا أمة ، ولا شيئا إلا بغلته البيضاء التي كان يركبها ، وسلاحه ، وأرضا جعلها لابن السبيل صدقة }انتهى . ولم يخرج مسلم لعمرو بن الحارث شيئا ، وفي سيرة ابن إسحاق { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يركب بغلته الدلدل في أسفاره ، وعاشت بعده حتى كبرت ، وزالت أسنانها ، وكان يجش لها الشعير ، وماتت بالبقيع في زمن معاوية } ، انتهى .

                                                                                                        وأخرج مسلم في " الجهاد " أيضا عن كثير بن عباس بن عبد المطلب ، { قال : شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين ، فلزمت أنا ، وأبو سفيان رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم نفارقه ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلة له بيضاء ، أهداها له فروة الجذامي ، فلما التقى المسلمون ، والكفار ، ولى المسلمون مدبرين ، فطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم يركض بغلته ، قبل الكفار ، قال ابن عباس : وأنا آخذ بلجام بغلته عليه السلام ، والعباس آخذ بركابه ، إلى أن قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هذا حين حمي الوطيس ، ثم أخذ عليه السلام بيده حصيات فرمى بهن في وجوه الكفار ، ثم [ ص: 177 ] قال : انهزموا ، ورب الكعبة ، قال : فما هو إلا أن رماهم بحصياته ، فما زلت أرى أمرهم مدبرا حتى هزمهم الله ، قال : فكأني أنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يركض خلفهم على بغلته } ، مختصر ; وأخرج في " الفضائل " عن سلمة بن الأكوع قال : { لقد قدت بنبي الله صلى الله عليه وسلم والحسن والحسين بغلته الشهباء حتى أدخلتهم حجرة النبي صلى الله عليه وسلم هذا قدامه ، وهذا خلفه }انتهى ، وأخرج في " آخر التوبة " قبيل " الفتن " عن زيد بن ثابت ، قال : بينما النبي صلى الله عليه وسلم في حائط لبني النجار على بغلة له ، ونحن معه ، فذكره ، وفيه : وقال { : نعوذ بالله من الفتن ، ما ظهر منها وما بطن } ، مختصر .




                                                                                                        الخدمات العلمية