نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

صفحة جزء
[ ص: 502 ] ( ثم يرفع رأسه ويقول : سمع الله لمن حمده ، ويقول المؤتم : ربنا لك الحمد ، ولا يقولها الإمام عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى ، وقالا : يقولها في نفسه ) لما روى أبو هريرة رضي الله عنه " { أن النبي عليه الصلاة والسلام [ ص: 503 ] كان يجمع بين الذكرين }" ولأنه حرض غيره فلا ينسى نفسه . ولأبي حنيفة رحمه الله تعالىقوله عليه الصلاة والسلام " { إذا قال الإمام : سمع الله لمن حمده فقولوا : ربنا لك الحمد }" هذه قسمة ، وإنها تنافي [ ص: 504 ] الشركة ، ولهذا لا يأتي المؤتم ، بالتسميع عندنا ، خلافا للشافعي رحمه الله تعالى ، ولأنه يقع تحميده بعد تحميد المقتدي ، وهو خلاف موضوع الإمامة ، وما رواه محمول على حالة الانفراد ( والمنفرد يجمع بينهما في الأصح ) وإن كان يروى الاكتفاء بالتسميع ، ويروى بالتحميد ، والإمام بالدلالة عليه آت به معنى .


{ الحديث الحادي والعشرون } : روى أبو هريرة { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجمع بين الذكرين [ ص: 503 ] يعني سمع الله لمن حمده ، وربنا لك الحمد }" قلت : أخرجه البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال : { كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة يكبر حين يقوم ، ثم يكبر حين يركع ، ثم يقول : سمع الله لمن حمده حين يرفع صلبه من الركوع ، ثم يقول ، وهو قائم : ربنا ولك الحمد ، ثم يكبر حين يهوي ساجدا } ، الحديث ، وقد تقدم بتمامه ، في حديث : { كان يكبر في كل خفض ورفع } ، وأخرج البخاري أيضا عن أبي هريرة ، قال : { كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قال : سمع الله لمن حمده ، قال : اللهم ربنا ولك الحمد }" انتهى .

وأخرج البخاري عن ابن عمر { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا افتتح الصلاة رفع يديه حذو منكبيه ، وفيه : وكان إذا رفع رأسه من الركوع ، قال : سمع الله لمن حمده ، ربنا ولك الحمد } ، مختصر ، وأخرج مسلم عن عبد الله بن أبي أوفى ، قال : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفع رأسه من الركوع ، قال : سمع الله لمن حمده ، اللهم ربنا لك الحمد ، ملء السماء والأرض ، وملء ما شئت من شيء بعد }" انتهى .

وأخرج مسلم عن علي بن أبي طالب { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا كبر استفتح ، ثم قال : وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفا مسلما وما أنا من المشركين ، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين ، لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين ، لا إله إلا أنت ، أنت ربي ، وأنا عبدك ، ظلمت نفسي ، واعترفت بذنبي ، فاغفر لي ذنوبي جميعا ، لا يغفر الذنوب إلا أنت ، واهدني لأحسن الأخلاق ، لا يهدي لأحسنها إلا أنت ، واصرف عني سيئها ، لا يصرف سيئها إلا أنت ، تباركت وتعاليت ، أستغفرك وأتوب إليك }" ، وكان إذا ركع ، قال : " { اللهم لك ركعت ، وبك آمنت ، ولك أسلم ، خشع لك سمعي وبصري ومخي وعظامي وعصبي }" ، وإذا رفع رأسه من الركعة ، قال : " { سمع الله لمن حمده ، ربنا ولك الحمد ، ملء السموات والأرض ، وما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد } ، وإذا سجد ، قال : " { اللهم لك سجدت ، وبك آمنت ، ولك أسلمت ، سجد وجهي للذي خلقه وصوره ، وشق سمعه وبصره ، فتبارك الله أحسن الخالقين }" ، انتهى .

{ الحديث الثاني والعشرون } : قال عليه السلام : " { إذا قال الإمام : سمع الله لمن حمده ، فقولوا : ربنا لك الحمد }" . قلت : روي من حديث أنس ، ومن حديث أبي هريرة [ ص: 504 ] ومن حديث أبي موسى ، ومن حديث أبي سعيد الخدري . أما حديث أنس ، فرواه الأئمة الستة في " كتبهم " من حديث ابن شهاب الزهري عن أنس ، قال : سقط رسول الله صلى الله عليه وسلم عن فرس فجحش شقه الأيمن ، فدخلنا ، نعوده ، فحضرت الصلاة فصلى بنا قاعدا وقعدنا ، فلما قضى صلاته ، قال : " { إنما جعل الإمام ليؤتم به ، فإذا كبر فكبروا ، وإذا صلى قاعدا فصلوا قعودا أجمعون }" انتهى .

وأما حديث أبي هريرة ، فأخرجه الجماعة أيضا إلا ابن ماجه من طريق مالك عن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " { إذا قال الإمام : سمع الله لمن حمده فقولوا : ربنا لك الحمد ، فإنه من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه }" انتهى .

وأما حديث أبي موسى ، فأخرجه مسلم ، وأبو داود ، والنسائي ، وابن ماجه . وأحمد عن حطان بن عبد الله الرقاشي عن أبي موسى الأشعري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " { إذا قال الإمام : سمع الله لمن حمده ، فقولوا : ربنا لك الحمد ، يسمع الله لكم }" انتهى .

وأما حديث الخدري ، فأخرجه الحاكم في " المستدرك " عن سعيد بن المسيب عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " { إذا قال الإمام : الله أكبر ، فقولوا : الله أكبر ، وإذا قال : سمع الله لمن حمده ، فقولوا : ربنا لك الحمد }" انتهى .

وقال : حديث صحيح على شرط البخاري . ومسلم ، ولم يخرجاه انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية