نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

صفحة جزء
( ومن فاتته العشاء فصلاها بعد طلوع الشمس إن أم فيها جهر ) كما { فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قضى الفجر غداة ليلة التعريس [ ص: 8 ] بجماعة }( وإن كان وحده خافت حتما ، ولا يتخير ، هو الصحيح ) لأن الجهر يختص إما بالجماعة حتما ، أو بالوقت في حق المنفرد على وجه التخيير ولم يوجد أحدهما .


الحديث الرابع والخمسون : روي أن { النبي صلى الله عليه وسلم قضى الفجر غداة ليلة التعريس [ ص: 8 ] بجماعة ، فجهر فيها } ، قلت : روى محمد بن الحسن في " كتابه الآثار أخبرنا أبو حنيفة عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم النخعي ، قال : { عرس رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : من يحرسنا الليلة ؟ ، فقال رجل من الأنصار شاب : أنا يا رسول الله أحرسكم ، فحرسهم ، حتى إذا كان من الصبح غلبته عيناه فما استيقظوا إلا بحر [ ص: 9 ] الشمس ، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فتوضأ ، وتوضأ أصحابه ، وأمر المؤذن فأذن ، وصلى ركعتين ، ثم أقيمت الصلاة ، فصلى الفجر بأصحابه ، وجهر فيها بالقراءة ، كما كان يصلي بها في وقتها }. انتهى .

{ حديث آخر } : ولكن فيه احتمال ، أخرجه مسلم في " صحيحه " عن أبي قتادة ، قال : { خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إنكم تسيرون عشيتكم وليلتكم ، وتأتون الماء إن شاء الله غدا ، فانطلق الناس لا يلوي أحد على أحد ، إلى أن قال : فمال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الطريق ، فوضع رأسه ، ثم قال : احفظوا علينا صلاتنا ، فكان أول من استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم والشمس في ظهره ، قال : فقمنا فزعين ، ثم قال : اركبوا ، وسرنا ، حتى إذا ارتفعت الشمس نزل ، ثم دعا بميضأة كانت معي فيها شيء من ماء ، ثم قال لأبي قتادة : احفظ علينا ميضأتك ، فسيكون لها نبأ ، ثم أذن بلال بالصلاة ، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين ، ثم صلى الغداة ، فصنع كما كان يصنع كل يوم } ، مختصر ، قال النووي في " شرح مسلم " : فيه دليل على أن صفة الفائتة تكون كصفة أدائها ، فيقنت فيها ، ويجهر ، وهو أحد قولي الشافعي ، وقيل : لا يجهر ، وحمل الصنع فيه على استيفاء الأركان .

{ حديث آخر } نحوه ، رواه مالك في " الموطإ " عن زيد بن أسلم ، قال : { عرس رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة بطريق مكة ، فذكر الحديث : في نومهم . وقيامهم . وصلاتهم ، ثم قال عليه السلام : يأيها الناس ، إن الله قبض أرواحنا ، ولو شاء ردها ، فإذا رقد أحدكم عن الصلاة أو نسيها ، ثم فرغ إليها ، فليصلها كما كان يصليها في وقتها }ومن طريق مالك ، رواه البيهقي في " المعرفة " ، ولم يعله بغير الإرسال ، فيمكن حمل هذا أيضا على الجهر ، ويمكن على استيفاء الأركان .

التالي السابق


الخدمات العلمية