نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

صفحة جزء
[ ص: 11 ] ( ويقرأ في الحضر في الفجر في الركعتين ) ( بأربعين آية أو خمسين آية سوى فاتحة الكتاب ) . ويروى من أربعين إلى ستين ، ومن ستين إلى مائة ، وبكل ذلك ورد الأثر ، ووجه التوفيق أنه يقرأ بالراغبين مائة ، وبالكسالى أربعين ، وبالأوساط ما بين خمسين إلى ستين ، وقيل : ينظر إلى طول الليالي وقصرها ، وإلى كثرة الأشغال وقلتها . قال : ( وفي الظهر مثل ذلك ) لاستوائهما في سعة الوقت ، وقال في الأصل أو دونه ; لأنه وقت الاشتغال فينقص عنه تحرزا عن الملال .

( والعصر والعشاء سواء يقرأ فيهما بأوساط المفصل ، وفي المغرب دون ذلك يقرأ فيها بقصار المفصل ) والأصل فيه كتاب عمر رضي الله عنه إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنه : أن اقرأ في الفجر والظهر بطوال المفصل ، وفي العصر والعشاء بأوساط المفصل ، وفي المغرب بقصار المفصل ، ولأن مبنى المغرب على العجلة ، والتخفيف أليق بها ، والعصر والعشاء يستحب فيهما [ ص: 12 ] التأخير وقد يقعان بالتطويل في وقت غير مستحب ، فيوقت فيهما بالأوساط .


[ ص: 11 ] قوله : ويقرأ في الحضر في الفجر في الركعتين بأربعين آية أو خمسين ، سوى فاتحة الكتاب ، ويروى من أربعين ، إلى ستين ، ومن ستين إلى مائة ، وبكل ذلك ورد الأثر ، قلت : روى مسلم في " صحيحه " من حديث جابر بن سمرة { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الفجر ب ق ونحوها }وأخرجا عن أبي برزة ، قال : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الفجر ما بين الستين ، إلى المائة آية } ، وفي لفظ ابن حبان : { كان يقرأ بالستين ، إلى المائة } ، وأخرج عن ابن عمر ، قال : { إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليؤمنا في الفجر بالصافات }انتهى .

وأخرج عن جابر بن سمرة { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الفجر بالواقعة ونحوها من السور } ، ذكر ذلك كله في النوع الرابع والثلاثين ، من القسم الخامس . قوله : روي أن عمر رضي الله عنه كتب إلى أبي موسى الأشعري أن اقرأ في الفجر والظهر : بطوال المفصل ، وفي العصر . والعشاء : بأوساط المفصل ، وفي المغرب : بقصار المفصل ، قلت : غريب بهذا اللفظ ، وروى عبد الرزاق في " مصنفه " ، أخبرنا [ ص: 12 ] سفيان الثوري عن علي بن زيد بن جدعان عن الحسن . وغيره ، قال : كتب عمر إلى أبي موسى : أن اقرأ في المغرب : بقصار المفصل ، وفي العشاء : بوسط المفصل ، وفي الصبح : بطوال المفصل . انتهى .

وروى ابن أبي شيبة في " مصنفه " حدثنا شريك عن علي بن زيد عن زرارة بن أبي أوفى ، قال : أقرأني أبو موسى كتاب عمر : أن اقرأ بالناس في المغرب : بآخر المفصل انتهى ، وروى البيهقي في " المعرفة " من طريق مالك عن عمه أبي سهيل بن مالك عن أبيه أن عمر بن الخطاب كتب إلى أبي موسى الأشعري : أن اقرأ في ركعتي الفجر : بسورتين طويلتين من المفصل ، مختصر .

وقال الترمذي في " كتابه " في باب القراءة في الصبح " : وروي عن عمر أنه كتب إلى أبي موسى : أن اقرأ في الصبح : بطوال المفصل ، ثم قال في الباب الذي يليه : وروي عن عمر أنه كتب إلى أبي موسى : أن اقرأ في الظهر بأوساط المفصل ، ثم قال في الباب الذي يليه : وروي عن عمر أنه كتب إلى أبي موسى : أن اقرأ في المغرب : بقصار المفصل انتهى .

وفي الباب حديث مرفوع ، رواه النسائي . وابن ماجه في " سننهما " من حديث الضحاك بن عثمان عن بكير بن عبد الله عن سليمان بن يسار عن { أبي هريرة ، قال : ما صليت وراء أحد أشبه صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم من فلان ، قال سليمان : كان يطيل الركعتين الأوليين من الظهر ، ويخفف الأخريين ، ويخفف العصر ، وكان يقرأ في المغرب : بقصار المفصل ، وفي العشاء : بوسط المفصل ، وفي الغداة : بطوال المفصل }. انتهى .

ورواه ابن حبان في " صحيحه " في النوع الرابع والثلاثين ، من القسم الخامس ، عن ابن خزيمة بسنده ومتنه ، ورواه ابن سعد في " الطبقات " عن الضحاك بن عثمان عن شريك بن أبي نمر عن { أنس بن مالك ، قال : ما رأيت أحدا أشبه صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا الفتى يعني عمر بن عبد العزيز ، قال الضحاك : [ ص: 13 ] وكنت أصلي خلفه ، فكان يطيل الأوليين من الظهر ، إلى آخره }

التالي السابق


الخدمات العلمية