نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

صفحة جزء
[ ص: 37 - 38 ] ( ويكره للنساء أن يصلين وحدهن الجماعة ) لأنها لا تخلو عن ارتكاب محرم وهو قيام الإمام وسط الصف فيكره كالعراة ( فإن فعلن قامت الإمام وسطهن ) لأن عائشة رضي الله عنهافعلت كذلك ، وحمل فعلها الجماعة على ابتداء الإسلام ، ولأن في التقدم زيادة الكشف .


الحديث الخامس والستون : روي عن عائشة أنها أمت نسوة في المكتوبة . فقامت بينهن وسطا ، قلت : أخرجه الحاكم في " المستدرك " عن عبد الله بن إدريس عن ليث عن عطاء عن عائشة ، أنها كانت تؤذن وتقيم ، وتؤم النساء ، فتقوم وسطهن ، وسكت عنه انتهى . طريق آخر : رواه عبد الرزاق في " مصنفه " أخبرنا سفيان الثوري عن ميسرة بن حبيب النهدي عن ريطة الحنفية أن عائشة أمتهن ، وقامت بينهن في صلاة مكتوبة ، [ ص: 39 ] انتهى .

وبهذا الإسناد ، رواه الدارقطني ، ثم البيهقي في " سننهما " ، ولفظهما : فقامت بينهن وسطا ، قال النووي في " الخلاصة " سنده صحيح .

طريق آخر : رواه ابن أبي شيبة في " مصنفه " حدثنا علي بن هاشم عن ابن أبي ليلى عن عطاء عن عائشة : أنها كانت تؤم النساء ، تقوم معهن في الصف . انتهى . طريق آخر : رواه محمد بن الحسن في " كتابه الآثار " أخبرنا أبو حنيفة عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم النخعي أن عائشة كانت تؤم النساء ، في شهر رمضان ، فتقوم وسطا انتهى .

وقد روي نحو هذا عن أم سلمة ، رواه ابن أبي شيبة . وعبد الرزاق في " مصنفيهما " . والشافعي في " مسنده " قالوا ثلاثتهم : أخبرنا سفيان بن عيينة عن عمار الدهني عن امرأة من قومه ، يقال لها : حجيرة بنت حصين عن أم سلمة أنها أمتهن ، فقامت وسطا انتهى ، ولفظ عبد الرزاق ، قالت : أمتنا أم سلمة ، في صلاة العصر ، فقامت بيننا . انتهى .

ومن طريق عبد الرزاق ، رواه الدارقطني في " سننه " قال النووي : سنده صحيح .

طريق آخر " لابن أبي شيبة " : حدثنا علي بن مسهر عن سعيد عن قتادة عن أم الحسن أنها رأت أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم تؤم النساء ، فتقوم معهن في صفهن انتهى . أحاديث الباب : أخرج أبو داود في " سننه " عن الوليد بن جميع عن ليلى بنت مالك . وعبد الرحمن بن خلاد الأنصاري عن أم ورقة بنت نوفل { أن النبي صلى الله عليه وسلم لما غزا بدرا ، قالت : قلت له : يا رسول الله ، ائذن لي في الغزو معك ، أمرض مرضاكم ، لعل الله يرزقني شهادة ، قال : قومي في بيتك ، فإن الله تعالى يرزقك الشهادة ، قال : فكانت تسمى : الشهيدة ، قال : وكانت قد قرأت القرآن ، فاستأذنت النبي صلى الله عليه وسلم أن تتخذ في [ ص: 40 ] دارها مؤذنا يؤذن لها ، قال : وكانت دبرت غلاما لها ، وجارية ، فقاما إليها بالليل ، فغماها بقطيفة لها حتى ماتت ، وذهبا ، فأصبح عمر ، فقام في الناس ، فقال : من عنده من هذين علم ، أو من رآهما ، فليجئ بهما ، فأمر بهما فصلبا ، فكانا أول مصلوب بالمدينة }. انتهى .

ثم أخرجه عن الوليد بن جميع عن عبد الرحمن بن خلاد عن أم ورقة بهذا الحديث ، قال : { وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزورها في بيتها ، وجعل لها مؤذنا يؤذن لها ، وأمرها أن تؤم أهل دارها ، قال ، عبد الرحمن بن خلاد : فأنا رأيت مؤذنها شيخا كبيرا }انتهى .

ورواه الحاكم في " المستدرك " ، ولفظه : { وأمرها أن تؤم أهل دارها في الفرائض } ، وقال : لا أعرف في الباب حديثا مسندا غير هذا ، وقد احتج مسلم بالوليد بن جميع . انتهى .

وقال المنذري في " مختصره " : الوليد بن جميع فيه مقال ، وقد أخرج له مسلم . انتهى .

وقال ابن القطان في " كتابه " : الوليد بن جميع . وعبد الرحمن بن خلاد لا يعرف حالهما انتهى . قلت : ذكرهما ابن حبان في الثقات .

{ حديث آخر } : أخرجه ابن عدي " في الكامل " . وأبو الشيخ الأصبهاني في " كتاب الأذان " عن الحكم بن عبد الله بن سعد الأيلي عن القاسم بن محمد عن أسماء بنت أبي بكر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { ليس على النساء أذان ، ولا إقامة ، ولا جمعة ، ولا اغتسال ، ولا تتقدمهن امرأة ، ولكن تقوم وسطهن }انتهى . ثم أسند ابن عدي عن ابن معين أنه قال : الحكم بن عبد الله بن سعد ليس بثقة ، ولا مأمون .

وعن البخاري ، قال : تركوه ، وعن النسائي ، قال : متروك الحديث ، وكان ابن المبارك يوهنه . انتهى .

وهذا الحديث أنكره ابن الجوزي في " التحقيق " فقال : وحكى أصحابنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { ليس على النساء أذان ، ولا إقامة } ، وهذا لا نعرفه مرفوعا ، إنما هو شيء يروى عن الحسن البصري . وإبراهيم النخعي ، ورده الشيخ في " الإمام " والله أعلم .

{ حديث آخر } : موقوف ، رواه عبد الرزاق في " مصنفه " أخبرنا إبراهيم بن محمد عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس ، قال : تؤم المرأة النساء ، تقوم في وسطهن . انتهى . [ ص: 41 ] قوله : وحمل فعلها الجماعة على ابتداء الإسلام ، قال السروجي : وهكذا في " المبسوط والمحيط " ، وفيه : بعد ، لأنه عليه السلام أقام بمكة بعد النبوة ثلاث عشرة سنة ، كما رواه البخاري . ومسلم ، ثم تزوج عائشة بالمدينة ، وبنى بها ، وهي بنت تسع ، وبقيت عنده عليه السلام تسع سنين ، وما تصلي إماما ، إلا بعد بلوغها ، فكيف يستقيم حمله على ابتداء الإسلام ؟ ، لكن يمكن أن يقال : إنه منسوخ ، وفعلن ذلك حين كان النساء يحضرن الجماعات ثم نسخت جماعتهن . انتهى

التالي السابق


الخدمات العلمية