نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

صفحة جزء
[ ص: 106 ] ( ولا يعقص شعره ) وهو أن يجمع شعره على هامته ويشده بخيط أو بصمغ ليتلبد ، فقد روي أنه عليه الصلاة والسلام { نهى أن يصلي الرجل وهو معقوص }( ولا يكف ثوبه ) لأنه نوع تجبر .


الحديث الخامس والتسعون : روي { أنه عليه السلام نهى أن يصلي الرجل ، ورأسه معقوص } ، قلت : أخرجه ابن ماجه في " سننه " عن شعبة عن مخول بن راشد ، سمعت أبا سعيد ، يقول : رأيت { أبا رافع ، مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد رأى الحسن بن علي : وهو يصلي ، وقد عقص شعره ، فأطلقه ، وقال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلي الرجل ، وهو عاقص شعره . }انتهى .

ورواه أبو داود والترمذي ، واللفظ لأبي داود ، عن عمران بن موسى عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبيه ، أنه { رأى أبا رافع ، مولى النبي صلى الله عليه وسلم ، مر بحسن بن علي ، وهو يصلي قائما ، وقد غرز ضفره في قفاه ، فحلها أبو رافع ، فالتفت حسن إليه مغضبا ، فقال له أبو رافع : أقبل على صلاتك ، ولا تغضب ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ذاك كفل الشيطان }. انتهى .

ولفظ الترمذي كذلك ، [ ص: 107 ] إلا أنه قال فيه : عن أبي رافع ، لم يقل : إنه رأى أبا رافع ، وقال : حديث حسن . انتهى .

ورواه عبد الرزاق في " مصنفه " أخبرنا سفيان الثوري عن مخول بن راشد عن رجل عن أبي رافع ، قال : { نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلي الرجل ، ورأسه معقوص }انتهى .

ورواه الطبراني في " معجمه " حدثنا علي بن عبد العزيز ثنا أبو حذيفة ثنا سفيان عن مخول بن راشد عن سعيد المقبري عن أبي رافع عن أم سلمة { أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يصلي الرجل ، ورأسه معقوص ، }انتهى .

ورواه إسحاق بن راهويه في " مسنده " أخبرنا المؤمل بن إسماعيل ثنا سفيان به ، سندا ومتنا ، وزاد : قال إسحاق : قلت للمؤمل بن إسماعيل : أفيه أم سلمة ؟ ، فقال : بلا شك ، هكذا كتبته منه إملاء بمكة انتهى .

وبهذا السند ، رواه الدارقطني في " كتاب العلل " ، قال : ووهم المؤمل في ذكر أم سلمة ، وغيره لا يذكرها ، ورواه عمران بن موسى عن سعيد المقبري عن أبيه عن أبي رافع ، وهو أصحهما إسنادا ، وقال في موضع آخر من " العلل " : هذا حديث يرويه أبو حذيفة ومؤمل بن إسماعيل عن الثوري عن مخول عن المقبري عن أبي رافع عن أم سلمة ، وغيرهما يرويه عن الثوري عن مخول ، ولا يذكر أم سلمة ، وهكذا رواه شعبة وشريك عن مخول ، وهو الصواب . انتهى .

وقال ابن أبي حاتم في " كتاب العلل " : سألت أبي عن حديث رواه المؤمل بن إسماعيل عن الثوري عن مخول عن سعيد المقبري عن أم سلمة ، قال : { نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلي الرجل ، ورأسه معقوص } ، فقال أبي : أخطأ مؤمل إنما روي عن مخول عن أبي سعيد عن أبي رافع ، والحديث عن أبي رافع . انتهى .

وقال عبد الحق في " أحكامه " : قال الطحاوي في كتابه " مشكل الآثار " : يبعد أن يكون أبو سعيد المقبري شاهد من أبي رافع قصة الحسن هذه ، فإن وفاة أبي سعيد كانت سنة خمس وعشرين ومائة ، وكانت وفاة علي قبل ذلك بخمس وثمانين سنة ، ووفاة أبي رافع قبل ذلك وعلي كان وصي أبي رافع ، قال عبد الحق : وهذا الذي استبعده الطحاوي ليس ببعيد ، فإن المقبري سمع عمر بن الخطاب ، على ما [ ص: 108 ] ذكر البخاري في " تاريخه " ، وقال أبو عمر بن عبد البر : توفي أبو رافع في خلافة عثمان ، وقيل : في خلافة علي ، وهو أصح . انتهى كلامه .

قال ابن القطان في " كتابه " : وهذا الذي قاله يحتاج إلى زيادة ، وذلك إذا سلمنا أن أبا سعيد توفي سنة خمس وعشرين ومائة ، وأن بين وفاته ووفاة علي خمسا وثمانين سنة ، لأن عليا مات سنة أربعين ، فينبغي أن يضيف إلى ذلك أيامه ، وهي أربع سنين وتسعة أشهر ، وأيام عثمان ، وهي ثنتا عشرة سنة ، فهذه سبع عشرة سنة ، غير ربع ، فجاء الجميع مائة سنة ، وسنتين ، فليفرض أنه سمع من عمر في آخر حياته ، فلا أقل أن يكون سن من يضبط ، كثمان سنين ، أو نحوها ، فهذه مائة سنة ، وعشر ، فيحتاج سن أبي سعيد أن يكون هذا القدر وإلا فلا يصح سماعه عن أبي رافع ، وهذا شيء لا يعرف له ، ولا ذكر به ، قال : فالأولى في ذلك أن يقال : إن وفاة أبي سعيد المقبري ، لم تكن سنة خمس وعشرين ومائة ، فإني لا أعرف أحدا قال ذلك ، إلا الطحاوي ، وإنما المعروف في وفاته ، إما سنة مائة ، كما حكاه الطبري في " كتابه ذيل المذيل " ، وقاله أبو عيسى الترمذي ، وإما في خلافة الوليد بن عبد الملك ، كما قاله الواقدي ، وغيره ، وكانت وفاة الوليد سنة ست وتسعين ، وإما في خلافة عبد الملك ، وهو قول أبي حاتم الرازي ، فلينزل على أبعد هذه الأقوال ، وهو قول من قال : سنة مائة ، حتى يكون بين وفاته ووقت حياة أبي رافع ستون سنة ، أو أكثر بقليل ، وهذا لا بعد فيه ، ولا يحتاج معه إلى تقدير سماعه من عمر ، فإنه وإن حكاه البخاري ، مشكوك فيه ، ولم يحكم بإسناده .

والذي قاله غير البخاري : إنه روى عن عمر ، وهذا لا ينكر ، فإنه قد يرسل عنه ، قال : ويؤيد ما قلناه : إن المقبري لا يبعد سماعه من أبي رافع ، أن أبا داود روى الحديث المذكور ، وقال فيه : عن أبي سعيد أنه رأى أبا رافع مر بالحسن ، ففي هذا اللفظ ، أنه رأى هذا الفعل من أبي رافع ، وشاهده ، ولكن في إسناده عمران بن موسى ، ولا أعرف ، ولا أعرف روى عنه غير ابن جريج انتهى كلامه ، قلت : قد رواه ابن ماجه أيضا ، وفيه : رأيت أبا رافع ، وقد تقدم ، ومخول بن راشد ثقة ، أخرجا له في " الصحيحين " ، وأخرج له الباقون .

أحاديث الباب : أخرج الأئمة الستة في " كتبهم " عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { أمرت أن أسجد على سبعة ، وأن لا أكف شعرا ، ولا ثوبا } ، [ ص: 109 ] انتهى .

{ حديث آخر } : أخرجه مسلم عن مسلم عن كريب { أن عبد الله بن عباس رأى عبد الله بن الحارث يصلي ، ورأسه معقوص من ورائه ، فقام وراءه ، فجعل يحله ، فلما انصرف ، أقبل على ابن عباس ، فقال : ما لك ولرأسي ؟ قال : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إنما مثل هذا مثل الذي يصلي ، وهو مكتوف }انتهى . ( حديث آخر ) : رواه عبد الرزاق : أخبرنا الحسن بن عمارة عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { لا تعقص شعرك في الصلاة ، فإنه كغل الشيطان }انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية