نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

صفحة جزء
[ ص: 164 ] فصل في القراءة ( القراءة في الفرض واجبة في الركعتين ) وقال الشافعي رحمه الله : في الركعات كلها ، لقوله عليه الصلاة والسلام { لا صلاة إلا بقراءة }وكل ركعة صلاة ، وقال مالك رحمه الله : في ثلاث ركعات إقامة للأكثر مقام الكل تيسيرا . ولنا قوله تعالى{ فاقرءوا ما تيسر من القرآن }والأمر بالفعل لا يقتضي التكرار ، وإنما أوجبنا في الثانية استدلالا بالأولى ، لأنهما يتشاكلان من كل وجه ، فأما الأخريان فيفارقانهما في حق السقوط بالسفر ، وصفة القراءة وقدرها ، فلا يلحقان بهما ، والصلاة فيما روي مذكورة صريحا فتنصرف إلى الكاملة وهي الركعتان عرفا ، كمن حلف لا يصلي صلاة ، بخلاف ما إذا حلف لا يصلي . [ ص: 165 ] ( وهو مخير في الأخريين ) معناه إن شاء سكت ، وإن شاء قرأ ، وإن شاء سبح ، كذا روي عن أبي حنيفة رحمه الله ، وهو المأثور عن علي وابن مسعود وعائشة رضي الله عنهم ، إلا أن الأفضل أن يقرأ ; لأنه عليه الصلاة والسلام داوم على ذلك ، ولهذا لا يجب السهو بتركها في ظاهر الرواية .


الحديث الثالث عشر بعد المائة : قال عليه السلام : { لا صلاة إلا بقراءة } ، قلت : أخرجه مسلم عن عطاء بن رباح عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { : لا صلاة إلا بقراءة } ، قال أبو هريرة : فما أعلن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلناه ، وما أخفاه أخفيناه لكم ، [ ص: 165 ] انتهى . والمصنف استدل به للشافعي على وجوب القراءة في كل ركعة ، ونحن نقول بوجوبها في الركعتين الأوليين ، وليس الحديث بصريح فيه ، وأصرح منه حديث : المسيء صلاته ، أخرجاه في " الصحيحين " عن أبي هريرة ، وفيه : أنه عليه السلام ، قال له : { إذا قمت إلى الصلاة ، فكبر ، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن } ، وفي آخره : { ثم افعل ذلك في صلاتك كلها }.

وحديث رفاعة بن رافع أيضا ، كما رواه أحمد في " مسنده " ، وفيه أنه عليه السلام قال له : { إذا استقبلت الصلاة ، فكبر ، ثم اقرأ بأم القرآن ، ثم اقرأ بما شئت } ، وفي آخره ، { ثم اصنع ذلك في كل ركعة وسجدة }.

وقد ذكرناه بتمامه في حديث : { لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب ، وسورة معها } ، وهو في السنن الأربعة ، ليس فيه : { ثم اصنع ذلك في كل ركعة } ، والله أعلم .

قوله : وهو مخير في الأخريين إن شاء قرأ ، وإن شاء سبح ، وإن شاء سكت ، هو المأثور عن علي وابن مسعود وعائشة .

قلت : روى ابن أبي شيبة في " مصنفه " عن شريك عن أبي إسحاق السبيعي عن علي وابن مسعود ، قالا : اقرأ في الأوليين ، وسبح في الأخريين ، وفيه انقطاع ، وهو عن عائشة غريب .

الحديث الرابع عشر بعد المائة : روي { أنه عليه السلام داوم على ذلك }يعني [ ص: 166 ] القراءة في الأخريين " ، قلت : يشهد له حديث أبي قتادة ، رواه الجماعة إلا الترمذي [ ص: 167 ] { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الظهر في الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب ، وسورتين ، وفي الركعتين الأخريين بفاتحة الكتاب ، ويطيل في الركعة الأولى ما لا يطيل في الثانية ، وكذلك في العصر ، وهكذا في الصبح }انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية