نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

صفحة جزء
[ ص: 179 ] والأفضل في عامة السنن والنوافل المنزل ، هو المروي عن النبي عليه الصلاة والسلام


[ ص: 179 ] الحديث الحادي والعشرون بعد المائة : قال المصنف : والأفضل في عامة السنن والنوافل المنزل ، هو المروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت : أخرجه البخاري . ومسلم عن بسر بن سعيد عن زيد بن ثابت ، قال : { احتجر رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد حجرة من حصير في رمضان ، فصلى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ليالي ، حتى اجتمع إليه أناس ، وجاءوا يصلون بصلاته ، ثم جاءوا ليلة ، فحضروا ، وأبطأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يخرج إليهم ، فرفعوا أصواتهم ، وحصبوا الباب فخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهم : ما زال بكم صنيعكم ؟ وفي آخره : فإن خير صلاة المرء في بيته ، إلا المكتوبة }انتهى وأخرجه أبو داود والنسائي والترمذي ، مختصرا ، فلفظ أبي داود : { صلاة المرء في بيته أفضل من صلاته في مسجدي هذا ، إلا المكتوبة }انتهى ولفظ الآخرين : أفضل صلاتكم ، في بيوتكم ، إلا المكتوبة . انتهى .

قال ابن دحية في " العلم المشهور " : وقد استدل من يرى صلاة التراويح في البيوت ، وأنها لا تقام جماعة بهذا الحديث ، وأخذ الجمهور بحديث عمر ، أنه جمع الناس على أبي بن كعب ، وبحديث أبي ذر ، أن الرجل إذا قام مع الإمام حتى ينصرف ، حسب له قيام ليلة ، قال : فالحديث ضعيف ، وإن كان ابن حبان رواه في " صحيحه " وكم صحح فيه من سقيم ، ومرض من صحيح . انتهى .

وحديث أبي ذر هذا أخرجه أصحاب السنن الأربعة عن جبير بن نفير عنه ، وصححه الترمذي ، وحسنه ، وينظر الصحيحان . فائدة : قد يعارض هذا الحديث بحديث : { صلاة في مسجدي هذا ، أفضل من صلاة مفروضة في غير مسجدي هذا } ، يدل على لفظ أبي داود المتقدم : { صلاة المرء في بيته أفضل من صلاته في مسجدي هذا } ، ونظير هذا ، حديث : { عمرة في رمضان تعدل حجة } ، أخرجه البخاري . ومسلم في " الحج " عن عطاء عن ابن عباس [ ص: 180 ] مرفوعا ، مع حديث : { ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله ، من عشر ذي الحجة ، قالوا : يا رسول الله ، ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال : ولا الجهاد في سبيل الله ، إلا رجل خرج بنفسه وماله ، فلم يرجع بشيء من ذلك }. انتهى .

أخرجه البخاري في " العيدين " عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس مرفوعا ، فيحمل العمل الصالح فيه على الصوم والصلاة فقط ، ويستأنس بحديث أخرجه الترمذي . وابن ماجه عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { ما من أيام أحب إلى الله أن يتعبد له فيها ، من عشر ذي الحجة ، يعدل صيام كل يوم منها بصيام سنة ، وقيام كل ليلة منها بقيام ليلة القدر }. انتهى .

قال الترمذي : حديث غريب ، لا يعترض على هذا الحديث بما روي عن { عائشة ، قالت : ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صائما العشر قط }انتهى . أخرجوه في " الصوم " إلا البخاري ، وفي لفظ لمسلم { : لم ير رسول الله صلى الله عليه وسلم صائما العشر قط } ، ورجح الترمذي الرواية الأولى ، فإن بعض الحفاظ ، قال : يحتمل أن تكون عائشة لم تعلم بصيامه عليه السلام ، فإنه كان يقسم لتسع نسوة ، فلعله لم يتفق صيامه في نوبتها ، وينبغي أن يقرأ : لم ير ، مبنية للفاعل ، لتتفق الروايتان ، على أن حديث المثبت أولى من حديث النافي ، وقيل : إذا تساويا في الصحة ، يؤخذ بحديث هنيدة ، أخرجه أبو داود والنسائي ، عن هنيدة عن امرأة عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قالت : { كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة ، ويوم عاشوراء ، وثلاثة أيام من كل شهر ، وأول اثنين من الشهر ، والخميس } ، وهو ضعيف ، قال المنذري في " مختصره " : اختلف فيه على هنيدة ، فروي كما ذكرنا ، وروي عنه عن حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وروي عنه عن أمه عن أم سلمة ، مختصرا . انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية