نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

صفحة جزء
قال : ( وإذا فاتته ركعتا الفجر لا يقضيهما قبل طلوع الشمس ) لأنه يبقى نفلا مطلقا ، وهو مكروه بعد الصبح .

[ ص: 180 ] ( ولا بعد ارتفاعها عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى ، وقال محمد رحمه الله تعالى: أحب إلي أن يقضيهما إلى وقت الزوال ) لأنه عليه الصلاة والسلام قضاهما بعد ارتفاع الشمس غداة ليلة التعريس ، ولهما أن الأصل في السنة أن لا تقضى لاختصاص القضاء بالواجب ، والحديث ورد في قضائها تبعا للفرض ، فبقي ما رواه على الأصل ، وإنما تقضى تبعا له ، وهو [ ص: 181 ] يصلي بالجماعة أو وحده إلى وقت الزوال ، وفيما بعده اختلاف المشايخ رحمهم الله تعالى وأما سائر السنن سواها فلا تقضى بعد الوقت وحدها ، واختلف المشايخ رحمهم الله تعالى في قضائها تبعا للفرض .


الحديث الثاني والعشرون بعد المائة : روي { أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى ركعتي الفجر بعد ارتفاع الشمس غداة ليلة التعريس } ، ثم قال المصنف : والحديث ورد بقضائها ، تبعا [ ص: 181 ] للفرض ، قلت : روي من حديث أبي قتادة ، ومن حديث ذي مخبر ، ومن حديث عمران بن حصين ، ومن حديث عمرو بن أمية الضمري ، ومن حديث جبير بن مطعم ، ومن حديث بلال ، ومن حديث أنس ، ومن حديث ابن مسعود ، ومن حديث ابن عباس ، ومن حديث مالك بن ربيعة السلولي ، ومن حديث أبي هريرة ، كما أخرجه مسلم ، عن أبي حازم عن { أبي هريرة ، قال : عرسنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ، فلم يستيقظ حتى طلعت الشمس ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ليأخذ كل إنسان برأس راحلته ، فإن هذا منزل حضرنا فيه الشيطان ، قال ففعلنا ، ثم دعا بالماء ، فتوضأ ، ثم صلى سجدتين ، ثم أقيمت الصلاة ، فصلى الغداة }انتهى .

فحديث أبي قتادة : أخرجه مسلم في " صحيحه " عن ثابت البناني عن عبد الله بن رباح عن { أبي قتادة ، قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إنكم تسيرون عشيتكم ، وتأتون الماء غدا إن شاء الله ، إلى أن قال : فمال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الطريق ، فوضع رأسه ، ثم قال : احفظوا علينا صلاتنا ، فكان أول من استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم والشمس في ظهره ، قال : فقمنا فزعين ثم قال : اركبوا فركبنا ، فسرنا ، حتى إذا ارتفعت الشمس ، ثم نزل ، فدعا بميضأة ، كانت معي ، فيها شيء من ماء ، ثم قال لأبي قتادة : احفظ علينا ميضأتك ، فسيكون لها نبأ ، ثم أذن بلال بالصلاة ، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين ، ثم صلى الغداة ، فصنع كما كان يصنع كل يوم } ، الحديث بطوله ، قال البيهقي في " المعرفة " : وقد رواه خالد بن سمير عن عبد الله بن رباح عن أبي قتادة ، وفيه : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { فمن أدركته هذه الصلاة من غداة ، فليصل [ ص: 182 ] معها مثلها } ، هكذا أخرجه أبو داود في " سننه " ولم يتابع خالد على هذه الرواية معه ، وإنما اللفظ الصحيح فيه : { فإذا كان من الغداة فليصلها عند وقتها } ، كما رواه مسلم ، ولكن حمله خالد على الوهم ، وقد صرح في حديث عمران بن حصين : { أينهاكم الله عن الربا ، ويقبله منكم } ، كما سيأتي ، ونسب الشيخ في " الإمام " الوهم فيه للراوي عن خالد ، وهو الأسود بن شيبان ، ونقله عن البيهقي ، فليراجع ، وسمير : " بضم السين المهملة " ، ورباح : " بالموحدة " .

وأما حديث ذي مخبر ، فرواه أبو داود في " سننه " من حديث حريز بن عثمان حدثني يزيد بن صليح { عن ذي مخبر الحبشي وكان يخدم النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الخبر ، قال : فتوضأ يعني النبي صلى الله عليه وسلم وضوءا لم يلث منه التراب ، ثم أمر بلالا ، فأذن ، ثم قام النبي صلى الله عليه وسلم فركع ركعتين ، غير عجل ، ثم قال لبلال : أقم الصلاة ، ثم صلى ، وهو غير عجل }. انتهى ، وقد تقدم في " الأذان " .

وأما حديث عمران بن حصين ، فأخرجه أبو داود أيضا عن الحسن عن عمران بن حصين بنحوه ، ورواه أحمد في " مسنده " . وابن حبان في " صحيحه " بزيادة فيه ، ورواه الحاكم في " المستدرك " ، وقال : حديث صحيح ، على ما قدمناه من صحة سماع الحسن من عمران ، وإعادته الركعتين ، لم يخرجاه انتهى .

قال الشيخ في " الإمام " : ورواه ابن خزيمة في " صحيحه " ، ورجاله ثقات ، وليس في سماع ، الحسن من عمران ، فقد قال ابن أبي حاتم عن أبيه ، وابن معين أنهما قالا : لم يسمع منه ، وقال علي بن المديني أيضا إنه قال : لم يسمع منه انتهى . وقد تقدم في " الأذان " وأما حديث عمرو بن أمية الضمري ، فقد أخرجه أبو داود أيضا وقد تقدم أيضا .

وأما حديث جبير بن مطعم ، فأخرجه النسائي عن حماد بن سلمة ثنا عمرو بن دينار [ ص: 183 ] عن نافع بن جبير بن مطعم عن أبيه ، قال : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر ، فقال : من يكلؤنا الليلة ؟ فقال بلال : أنا ، فاستقبل مطلع الشمس ، فما أيقظهم إلا حر الشمس ، فقاموا ، فأذن بلال ، وصلوا الركعتين ، ثم صلوا الفجر ، }انتهى . ورواه أحمد في " مسنده " ، وكذا الطبراني في " معجمه " من طريق حماد بن سلمة .

وأما حديث بلال ، فرواه الطبراني في " معجمه " . والبزار في " مسنده " ، قال البزار حدثنا محمد بن عبد الرحيم أبو يحيى . والفضل بن سهيل ، قالا : ثنا عبد الصمد بن النعمان ، قال : حدثنا أبو جعفر الرازي عن يحيى بن سعيد بن المسيب عن بلال ، فذكره ، وقد تقدم . وأما حديث أنس ، فرواه البزار أيضا : حدثنا عمرو بن محمد بن محمد بن الحسن الأسدي ثنا أبي عن عتبة بن عمرو عن الشعبي عن { أنس ، قال : كنت مع رسول الله في سفر ، فقال : من يكلؤنا الليلة ؟ فقلت : أنا ، فنام ، ونام الناس ، فلم يستيقظ إلا بحر الشمس ، فقال أيها الناس ، إن هذه الأرواح عارية في أجساد العباد ، يقبضها ويرسلها إذا شاء ، فاقضوا حوائجكم على رسلكم ، فقضينا حوائجنا على رسلنا ، وتوضأنا ، وتوضأ النبي صلى الله عليه وسلم ، وصلى ركعتي الفجر قبل الصلاة ، ثم صلى بنا ، }وقال : لا نعلم رواه عن الشعبي عن أنس إلا عتبة انتهى .

وأما حديث ابن مسعود ، فرواه البيهقي في " كتاب الأسماء والصفات " أخبرنا أبو القاسم عبد الواحد بن محمد بن إسحاق البخاري المقري بالكوفة ، أخبرنا أبو جعفر محمد بن علي بن دحيم الشيباني ثنا أحمد بن حازم ثنا عمرو بن حماد عن أسباط عن سماك عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن { عبد الله بن مسعود ، قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له القوم : عرس بنا يا رسول الله ، فقال : من يوقظنا ؟ فقلت : أنا يا رسول الله ، فنمت ، وناموا ، فما استيقظنا إلا بحر الشمس في رءوسنا ، فقام النبي صلى الله عليه وسلم فتوضأ ، وتوضأ القوم ، فصلى ركعتين ، ثم صلى الفجر }انتهى .

وزاد في رواية ، { وقال : إن الله لو شاء لأيقظنا ، ولكنه أراد أن يكون لمن بعدكم ، فهكذا لمن نام ، أو نسي }انتهى .

[ ص: 184 ] وأما حديث ابن عباس ، فرواه البزار أيضا : حدثنا محمد بن مرزوق بن بكير ثنا حربي بن حفص ثنا صدقة بن عباد عن أبيه عباد عن { ابن عباس ، قال : كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في مسير ، فنمنا عن الصلاة ، صلاة الغداة ، حتى طلعت الشمس ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم مؤذنا فأذن ، كما كان يؤذن ، وصلى ركعتي الفجر ، كما كان يصلي ، ثم صلى الغداة }. انتهى . وأما حديث مالك بن ربيعة السلولي ، فرواه النسائي في " سننه " أخبرنا هناد بن السري عن أبي الأحوص عن عطاء بن السائب عن { سعيد بن أبي مريم عن أبيه ، واسمه : مالك بن ربيعة السلولي قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر ، فأسرينا ليلة ، فلما كان في وجه الصبح ، نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم فنام ، ونام الناس ، فلم يستيقظ إلا بالشمس قد طلعت علينا ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم المؤذن ، فأذن ، ثم صلى ركعتين قبل الفجر ، ثم أمره ، فأقام ، ثم صلى بالناس ، ثم حدثنا ما هو كائن ، حتى تقوم الساعة }. انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية