نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

صفحة جزء
قال ( أو ترك قراءة الفاتحة ) ; لأنها واجبة . [ ص: 198 - 199 ] ( أو القنوت ، أو التشهد ، أو تكبيرات العيدين ) ; لأنها واجبات ، فإنه عليه الصلاة والسلام واظب عليها من غير تركها مرة ، وهي أمارة الوجوب ، ولأنها تضاف إلى جميع الصلاة ، فدل على أنها من خصائصها ، وذلك بالوجوب ، ثم ذكر التشهد يحتمل القعدة الأولى والثانية والقراءة فيهما ، وكل ذلك واجب وفيها سجدة [ السهو ] ، هو الصحيح .

( ولو جهر الإمام فيما يخافت أو خافت فيما يجهر تلزمه سجدتا السهو ) ; لأن الجهر في موضعه والمخافتة في موضعها من الواجبات ، واختلفت الرواية في المقدار ، والأصح قدر ما تجوز به الصلاة في الفصلين ; لأن اليسير من الجهر والإخفاء لا يمكن الاحتراز عنه ، وعن الكثير ممكن ، وما تصح به الصلاة كثير ، غير أن ذلك عنده آية واحدة وعندهما ثلاث آيات ، وهذا في حق الإمام ، دون المنفرد ; لأن الجهر والمخافتة من خصائص الجماعة .


الحديث الحادي والثلاثون بعد المائة : روي أن النبي صلى الله عليه وسلم واظب على فاتحة الكتاب والقنوت والتشهد وتكبيرات العيدين ، من غير تركها مرة ، قلت : هذا معروف ، ولم ينقل الترك . [ ص: 200 - 201 ]

الحديث الثاني والثلاثون بعد المائة : حديث نهيه عليه السلام عن البتيراء ، قلت : رواه أبو عمر بن عبد البر في " التمهيد " حدثنا عبد الله بن محمد بن يوسف ثنا أحمد بن محمد بن إسماعيل بن الفرج ثنا أبي ثنا الحسن بن سليمان قبطية ، ثنا عثمان بن محمد بن ربيعة بن أبي عبد الرحمن ثنا عبد العزيز ثنا ابن محمد الدراوردي عن عمر بن يحيى عن أبيه عن أبي سعيد { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن البتيراء ، أن يصلي الرجل [ ص: 202 ] واحدة ، يوتر بها }. انتهى وذكره عبد الحق في " أحكامه " من جهة ابن عبد البر .

وقال : الغالب على حديث عثمان بن محمد بن ربيعة الوهم انتهى . وقال ابن القطان في " كتابه " : ليس دون الدراوردي من يغمض عنه ، والحديث شاذ ، لا يعرج عليه ما لم يعرف عدالة رواته وعثمان بن محمد بن ربيعة ، الغالب على حديثه الوهم . انتهى .

وقوله : ليس دون الدراوردي من يغمض عنه ، فيه نظر ، فإن عبد الله بن محمد بن يوسف شيخ ابن عبد البر ، هو ابن الفرضي الإمام الثقة الحافظ ، والحسن بن سليمان بن سلامة البزاري أبو علي الحافظ يعرف ، بقبطية ، قال فيه ابن يونس : كان ثقة حافظا انتهى .

قال ابن الجوزي في " التحقيق " : والمروي عن ابن عمر أنه فسر البتيراء : أن يصلي الرجل ركعتين يتم إحداهما ركوعا وسجودا ، ولا يتم الأخرى . انتهى .

وهذا الذي أشار إليه من قول ابن عمر ، رواه البيهقي في " المعرفة " عن الحكم بسنده عن محمد بن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي منصور مولى سعد بن أبي وقاص ، قال : سألت عبد الله بن عمر عن وتر الليل ، فقال : يا بني ، هل تعرف وتر النهار ؟ قلت : نعم ، وهو المغرب ، قال : صدقت ، ووتر الليل واحدة ، لذلك أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : يا أبا عبد الرحمن ، إن الناس يقولون : هي البتيراء ، قال : يا بني ، ليس تلك البتيراء ، إنما البتيراء : أن يصلي الرجل الركعة ، يتم ركوعها وسجودها وقيامها ، ثم يقوم في الأخرى ، ولا يتم لها ركوعا ولا سجودا ولا قياما ، فتلك البتيراء . انتهى .

وهذا إن صح ، ففي حديث النهي ما يرد هذا ، وتفسير راوي الحديث ، يقدم على تفسير غيره ، بل الظاهر أنه من كلام النبي صلى الله عليه وسلم وقد تقدم في الوتر عن الطحاوي ما يؤيده ، والله أعلم ، وتقدم أثر ابن مسعود أيضا ، وقال النووي في " الخلاصة " : حديث محمد بن كعب القرظي في النهي عن البتيراء ، ضعيف ، ومرسل ، ولم أجده

التالي السابق


الخدمات العلمية