نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

صفحة جزء
( ويستحب في يوم الفطر أن يطعم قبل الخروج إلى المصلى ، ويغتسل ويستاك ، ويتطيب ) لما روي { أنه صلى الله عليه وسلم كان يطعم في يوم الفطر قبل أن يخرج إلى المصلى ، وكان يغتسل في العيدين }ولأنه يوم اجتماع فيسن فيه الغسل والطيب كما في الجمعة .

[ ص: 251 - 252 ] ( ويلبس أحسن ثيابه ) { لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان له جبة فنك أو صوف يلبسها في الأعياد }( ويؤدي صدقة الفطر ) إغناء للفقير ليتفرغ قلبه للصلاة . ( ويتوجه إلى المصلى ، ولا يكبر عند أبي حنيفة رحمه الله في طريق المصلى ، وعندهما يكبر ) اعتبارا بالأضحى ، وله أن الأصل في الثناء الإخفاء ، والشرع ورد به في الأضحى ; لأنه يوم تكبير ، ولا كذلك يوم الفطر . [ ص: 253 ] ( ولا يتنفل في المصلى قبل صلاة العيد ) لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعل ذلك مع حرصه على الصلاة . [ ص: 254 ] ثم قيل : الكراهة في المصلى خاصة ، وقيل : فيه وفي غيره عامة ; لأنه صلى الله عليه وسلم لم يفعله .


الحديث الثالث : روي { عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يطعم في يوم الفطر ، قبل أن يخرج [ ص: 251 ] إلى المصلى ، وكان يغتسل في العيدين } ، قلت : هما حديثان : فالأول : أخرجه البخاري في " صحيحه " عن أنس ، قال : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات }.

قال : وقال مرجى بن رجاء : حدثني عبيد الله بن أبي بكر ، قال : حدثني أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم ، { ويأكلهن وترا }. انتهى .

{ حديث آخر } : أخرجه الترمذي وابن ماجه عن ثواب بن عتبة عن عبد الله بن بريدة عن أبيه { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يخرج يوم الفطر ، حتى يأكل ، وكان لا يأكل يوم النحر ، حتى يصلي } ، ولفظ ابن ماجه : { حتى يرجع }. انتهى .

قال الترمذي : حديث غريب ، وقال محمد : لا أعرف لثواب بن عتبة غير هذا الحديث . انتهى .

ورواه ابن حبان في " صحيحه " . والحاكم في " المستدرك " ، وقال : صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه ، وثواب بن عتبة قليل الحديث ، ولم يجرح بشيء يسقط به حديثه . انتهى .

وعن الحاكم ، رواه البيهقي في " المعرفة " ، ورواه الدارقطني في " سننه " ، وزاد : { حتى يرجع ، فيأكل من أضحيته }.

قال ابن القطان في " كتابه " : وهذا الحديث عندي صحيح ، فإن ثواب بن عتبة المهري ، بصري ثقة ، وثقه ابن معين ، روى عنه عباس وإسحاق بن منصور ، وزيادة الدارقطني أيضا صحيحة . انتهى كلامه . ورواه أحمد بالزيادة .

{ حديث آخر } : روى الطبراني في " معجمه الأوسط " حدثنا أحمد بن أبي خالد ثنا إسحاق بن عبد الله التميمي الأودي ثنا إسماعيل ابن علية عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس ، قال : { من السنة أن لا يخرج يوم الفطر ، حتى يطعم ، ولا يوم النحر ، حتى يرجع }. انتهى .

وأما حديث الاغتسال في العيدين فقد تقدم في " الطهارة " . [ ص: 252 ]

الحديث الرابع : روي { أنه عليه السلام كان له جبة فنك ، أو صوف ، يلبسها في الأعياد } ، قلت : غريب ، وروى البيهقي في " سننه " من طريق الشافعي ، أخبرنا إبراهيم بن محمد الأسلمي أخبرني جعفر بن محمد عن أبيه عن جده { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يلبس برد حبرة في كل عيد }. انتهى .

وروى الطبراني في " معجمه الأوسط " حدثنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن شاذان ثنا أبي ثنا سعد بن الصلت عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده علي بن الحسين عن ابن عباس ، قال : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبس يوم العيد بردة حمراء }. انتهى .

وأخرجه البيهقي في " المعرفة " عن الحجاج بن أرطاة عن أبي جعفر عن جابر بن عبد الله ، قال : { كان للنبي صلى الله عليه وسلم برد أحمر يلبسه في العيدين . والجمعة }. انتهى .

قوله : ولا يكبر ، عند أبي حنيفة في طريق المصلى " يعني جهرا في عيد الفطر " ، وعندهما يكبر ، اعتبارا بالأضحى ، وله أن الأصل في الثناء الإخفاء ، والشرع ورد به في الأضحى ; لأنه يوم تكبير ، ولا كذلك الفطر ، قلت : لم أجد له شاهدا ، وأخرج الدارقطني ، ثم البيهقي في " سننهما " عن نافع عن ابن عمر أنه كان إذا غدا يوم الفطر . ويوم الأضحى يجهر بالتكبير ، حتى يأتي المصلى ، ثم يكبر حتى يأتي الإمام انتهى .

قال البيهقي : الصحيح وقفه على ابن عمر ، وقد روي مرفوعا ، وهو ضعيف انتهى .

وروى الحاكم في " المستدرك " مرفوعا بلفظ { : إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكبر في الطريق } ، لم يذكر : الجهر ، وقال : غريب الإسناد . والمتن ، ثم رواه موقوفا ، والمرفوع أخرجه [ ص: 253 ] الدارقطني في " سننه " عن موسى بن محمد بن عطاء ثنا الوليد بن محمد الموقري ثنا الزهري ثنا سالم بن عبد الله بن عمر أخبره { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكبر يوم الفطر من حين يخرج من بيته حتى يأتي المصلى }انتهى وضعفه ابن القطان في " كتابه " ، فقال : قال أبو حاتم ، في موسى بن محمد بن عطاء أبي الطاهر المقدسي : كان يغرب ، ويأتي بالأباطيل .

وقال أبو زرعة : كان يكذب ، وقال ابن عدي : منكر الحديث ، روى عن الموقري عن الزهري أحاديث مناكير وأبو الطاهر والموقري ضعيفان . انتهى كلامه .

الحديث الخامس : قال المصنف : ولا يتنفل في المصلى ، قبل صلاة العيد ، لأنه عليه السلام لم يفعل ذلك ، مع حرصه على الصلاة ، قلت : أخرج الأئمة الستة في " كتبهم " عن سعيد بن جبير عن ابن عباس { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج ، فصلى بهم العيد ، لم يصل قبلها ولا بعدها } ، انتهى .

{ حديث آخر } : أخرجه الترمذي عن أبان بن عبد الله البجلي عن أبي بكر بن حفص { عن ابن عمر أنه خرج في يوم عيد ، فلم يصل قبلها ولا بعدها ، وذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم فعله }انتهى .

وقال : حديث حسن صحيح . ورواه أحمد في " مسنده " . والحاكم في " مستدركه " ، وصححه . وأبان بن عبد الله البجلي ، وثقه ابن معين .

وقال أحمد : صدوق ، صالح الحديث ، وقال ابن حبان : كان ممن فحش خطؤه ، وانفرد بالمناكير ، وقال ابن عدي : لم أجد له حديثا منكر المتن ، وأرجو أنه لا بأس به . انتهى .

{ حديث آخر } : رواه ابن ماجه في " سننه " أخبرنا محمد بن يحيى عن الهيثم بن جميل [ ص: 254 ] عن عبيد الله بن عمرو الرقي عن عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري ، قال : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصلي قبل العيد شيئا ، فإذا رجع إلى منزله صلى ركعتين }. انتهى .

وقوله : ثم قيل : الكراهة في المصلى خاصة ، وقيل فيه ، وفي غيره : لأنه عليه السلام لم يفعله ، قلت : هذا يشهد له حديث أبي سعيد المذكور ; لأنه نفي مطلق ، بخلاف ما قبله ، فإن الراوي هناك أخبر أنه شاهده في المصلى لم يصل شيئا ، وقد يكون صلى في منزله .

التالي السابق


الخدمات العلمية