نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

صفحة جزء
( وإذا ) ( حلت الصلاة بارتفاع الشمس دخل وقتها إلى الزوال ) ( فإذا زالت الشمس خرج وقتها ) ; { لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي العيد والشمس على قيد رمح أو رمحين ، ولما شهدوا بالهلال بعد الزوال أمر بالخروج إلى المصلى من الغد }.


الحديث السادس : روي { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي العيد ، والشمس على قيد رمح أو رمحين } ، قلت : حديث غريب ، والمصنف استدل به . وبالحديث الذي بعده ، على أن وقت العيد من حين ارتفاع الشمس إلى زوال الشمس .

وأخرج أبو داود وابن ماجه عن يزيد بن خمير " بضم الخاء المعجمة " ، قال : { خرج عبد الله بن بسر ، صاحب النبي صلى الله عليه وسلم مع الناس يوم عيد فطر ، أو أضحى ، فأنكر إبطاء الإمام ، وقال : إن كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم قد فرغنا ساعتنا هذه ، وذلك حين التسبيح }. انتهى .

قال النووي في " الخلاصة " : إسناده صحيح ، على شرط مسلم .

الحديث السابع : روي { أن النبي عليه الصلاة والسلام أمر بالخروج إلى المصلى من الغد ، حين شهدوا بالهلال بعد الزوال } ، قلت : روى أبو داود والنسائي ، وابن ماجه ، واللفظ لابن ماجه من حديث أبي بشر جعفر بن أبي وحشية { عن أبي عمير بن أنس ، حدثني عمومتي من الأنصار من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا : أغمي علينا هلال شوال ، [ ص: 255 ] فأصبحنا صياما ، فجاء ركب من آخر النهار ، فشهدوا عند النبي صلى الله عليه وسلم أنهم رأوا الهلال بالأمس ، فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفطروا ، وأن يخرجوا إلى عيدهم من الغد }. انتهى .

وبهذا اللفظ ، رواه الدارقطني ، وقال : إسناده حسن ، وابن أبي شيبة في " مصنفه " ، ولفظ أبي داود والنسائي فيه { : أن ركبا جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم يشهدون أنهم رأوا الهلال بالأمس ، فأمرهم أن يفطروا ، وإذا صبحوا يغدوا إلى مصلاهم }. انتهى .

ولكن يحمل اللفظ المجمل ، على اللفظ المعين ، وأخرجه ابن حبان في " صحيحه " عن سعيد بن عامر ثنا شعبة عن قتادة { عن أنس بن مالك . أن عمومة له شهدوا عند النبي صلى الله عليه وسلم على رؤية الهلال ، فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يخرجوا العيد من الغد }انتهى . قال الدارقطني في " علله " : هذا حديث اختلف فيه ، فرواه سعيد بن عامر عن شعبة عن قتادة عن أنس ، وخالفه غيره من أصحاب شعبة ، فرووه عن شعبة عن أبي بشر عن أبي عمير بن أنس عن عمومة عن النبي صلى الله عليه وسلم وكذلك رواه أبو عوانة . وهشيم عن أبي بشر ، وهو الصواب ، انتهى .

وقال ابن القطان في " كتابه " : وعندي أنه حديث يجب النظر فيه ، ولا يقبل ، إلا أن تثبت عدالة أبي عمير ، فإنه لا يعرف له كبير شيء ، وإنما حديثان أو ثلاثة ، لم يروها عنه غير أبي بشر ولا أعرف أحدا عرف من حاله ما يوجب قبول روايته ، ولا هو من المشاهير المختلف في ابتغاء مزيد العدالة على إسلامهم ، وقد ذكر الماوردي حديثه هذا ، وسماه في " مسنده " عبد الله ، وهذا لا يكفي في التعريف بحاله ، وفيه مع الجهل بحال أبي عمير كون عمومته لم يسموا ، فالحديث جدير بأن لا يقال فيه : صحيح انتهى كلامه : وقال النووي في " الخلاصة " : هو حديث صحيح ، وعمومة أبي عمير صحابة . لا يضر جهالة أعيانهم ; لأن الصحابة كلهم عدول ، واسم أبي عمير عبد الله ، وهو أكبر أولاد أنس . انتهى كلامه .

وأخرج أبو داود عن ربعي بن حراش عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال : { اختلف الناس في آخر يوم من رمضان ، فقام أعرابيان ، فشهدا عند النبي صلى الله عليه وسلم بالله ، لأهلا الهلال أمس عشية ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس أن يفطروا ، [ ص: 256 ] وأن يغدوا إلى مصلاهم }انتهى .

ورواه الدارقطني ، وقال : إسناده حسن . ثم البيهقي . وقال : الصحابة كلهم ثقات . سموا ، أو لم يسموا ، ورواه الحاكم في " مستدركه " وسمى الصحابي ، فقال : عن ربعي بن حراش عن أبي مسعود ، فذكره ، وقال : صحيح على شرطيهما ، ولم يخرجاه . انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية