نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

صفحة جزء
( فإن ذرعه القيء لم يفطر ) لقوله صلى الله عليه وسلم { من قاء فلا قضاء عليه ، ومن استقاء عامدا فعليه القضاء }" ويستوي فيه ملء الفم فما دونه ، فلو عاد وكان ملء الفم فسد عند أبي يوسف رحمه الله لأنه خارج حتى انتقض به الطهارة وقد [ ص: 11 ] دخل . وعند محمد رحمه الله لا يفسد ; لأنه لم توجد صورة الفطر وهو الابتلاع وكذا معناه لأنه لا يتغذى به عادة ، وإن أعاده فسد بالإجماع ، لوجود الإدخال بعد الخروج فتتحقق صورة الفطر ، وإن كان أقل من ملء الفم فعاد لم يفسد صومه ، لأنه غير خارج ولا صنع له في الإدخال ، وإن أعاده فكذلك عند أبي يوسف رحمه الله ، لعدم الخروج . وعند محمد رحمه الله [ ص: 12 ] يفسد صومه ، لوجود الصنع منه في الإدخال ( فإن استقاء عمدا ملء فيه ) ( فعليه القضاء ) لما روينا ، والقياس متروك به . ولا كفارة عليه لعدم الصورة ، وإن كان أقل من ملء الفم فكذلك عند محمد رحمه الله ، لإطلاق الحديث . وعند أبي يوسف رحمه الله لا يفسد ، لعدم الخروج حكما ، ثم إن عاد لم يفسد عنده لعدم سبق الخروج ، وإن أعاده فعنه أنه لا يفسد لما ذكرنا ، وعنه أنه يفسد ، فألحقه بملء الفم لكثرة الصنع .


الحديث الثاني عشر : قال عليه السلام : { من قاء فلا قضاء عليه ، ومن استقاء عامدا فعليه القضاء }" ، قلت : أخرجه أصحاب السنن الأربعة عن عيسى بن يونس عن هشام بن [ ص: 11 ] حسان عن ابن سيرين عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { من ذرعه القيء وهو صائم فليس عليه قضاء ، وإن استقاء عمدا فليقض }" انتهى .

قال أبو داود : سمعت أحمد بن حنبل يقول : ليس من ذا شيء ، قال الخطابي : يريد أن الحديث غير محفوظ ، وقال الترمذي : حديث حسن غريب ، لا نعرفه من حديث هشام عن ابن سيرين عن أبي هريرة عن النبي عليه السلام إلا من حديث عيسى بن يونس ، وقال محمد يعني البخاري : لا أراه محفوظا ، وقد روي عن أبي الدرداء ، وثوبان ، وفضالة بن عبيد { أن النبي عليه السلام قاء فأفطر } ، ومعناه أن النبي عليه السلام كان صائما متطوعا ، فقاء ، فضعف ، فأفطر لذلك ، هكذا روي في الحديث مفسرا انتهى .

ورواه ابن حبان في " صحيحه " ، والحاكم في " المستدرك " ، وقال : صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه ، ورواه الدارقطني في " سننه " ، وقال : رواته كلهم ثقات انتهى .

ورواه أحمد ، وإسحاق بن راهويه في " مسنديهما " ، وزاد إسحاق : قال عيسى بن يونس : زعم أهل البصرة أن هشاما وهم في هذا الحديث انتهى .

طريق آخر : أخرجه ابن ماجه في " سننه " عن حفص بن غياث حدثنا هشام بن حسان به ، ورواه الحاكم في " المستدرك " ، وسكت عنه .

[ ص: 12 ] طريق آخر : أخرجه أبو يعلى الموصلي في " مسنده " عن حفص بن غياث عن عبد الله بن سعيد عن جده عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { من ذرعه القيء فلا قضاء عليه ، ومن استقاء فعليه القضاء }" انتهى .

ورواه ابن أبي شيبة في " مصنفه " حدثنا أبو بكر بن عياش عن عبد الله بن سعيد عن جده به ، وعبد الله بن سعيد هذا هو عبد الله بن سعيد بن أبي سعيد المقبري ، وفيه مقال ، ورواه النسائي من حديث الأوزاعي عن أبي هريرة موقوفا ، ورواه مالك رضي الله عنه في " الموطأ " موقوفا على ابن عمر : أن نافع عن ابن عمر ، فذكره .

وعن مالك رواه الشافعي في " مسنده " ، ووافقه عبد الرزاق في " مصنفه " على ابن عمر أيضا ، وعلى علي ، والمفسر الذي أشار إليه الترمذي رواه ابن ماجه من حديث أبي مرزوق قال : سمعت فضالة بن عبيد الأنصاري يحدث { أن النبي عليه السلام خرج عليهم في يوم كان يصومه فدعا بإناء ، فشرب ، فقلنا : يا رسول الله إن هذا يوم كنت تصومه ، قال : أجل ، ولكني قئت }" انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية