الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                                        نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

                                                                                                        الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        ( ولو جامع ميتة [ ص: 13 ] أو بهيمة فلا كفارة أنزل أو لم ينزل ) خلافا للشافعي رحمه الله ، لأن الجناية تكاملها بقضاء الشهوة في محل مشتهى ، ولم يوجد ، ثم عندنا كما تجب الكفارة بالوقاع على الرجل تجب على المرأة ، وقال الشافعي رحمه الله في قول : لا تجب عليها لأنها متعلقة بالجماع وهو فعله ، وإنما هي محل الفعل ، وفي قول تجب ويتحمل الرجل عنها اعتبارا بماء الاغتسال . ولنا قوله صلى الله عليه وسلم { من أفطر في رمضان فعليه ما على المظاهر }" وكلمة " من " تنتظم الذكور والإناث ، ولأن السبب جناية الإفساد ، لا نفس الوقاع ، وقد شاركته فيها ، ولا يتحمل لأنها عبادة أو عقوبة ولا يجري فيها التحمل .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        الحديث الثالث عشر : قال عليه السلام : { من أفطر في رمضان فعليه ما على المظاهر }" ، قلت : حديث غريب بهذا اللفظ ، والمصنف رحمه الله استدل به هنا على أن الكفارة تجب على المرأة كما تجب على الرجل يعني في الجماع لأن " من " تطلق [ ص: 13 ] على المذكر والمؤنث ، خلافا للشافعي رحمه الله في أحد قوليه ، وبمذهبنا قال أحمد ، والحديث لم أجده ، ولكن استدل ابن الجوزي في " التحقيق " لمذهبنا ، ومذهبه بما أخرجاه في " الصحيحين " عن أبي هريرة رضي الله عنه { أن النبي عليه السلام أمر رجلا أفطر في رمضان أن يعتق رقبة ، أو يصوم شهرين متتابعين ، أو يطعم ستين مسكينا }انتهى . قال : ووجهه أنه علق التكفير بالإفطار ، وهو معنى صحيح حسن ، وأخرج الدارقطني في " سننه " عن يحيى الحماني ثنا هشام عن إسماعيل بن سالم عن مجاهد عن أبي هريرة { أن النبي عليه السلام أمر الذي أفطر يوما من رمضان بكفارة الظهار }انتهى .

                                                                                                        قال : والمحفوظ عن هشيم عن إسماعيل عن مجاهد عن النبي مرسلا ، وروي أيضا عن الليث عن مجاهد عن أبي هريرة ، وليس بالقوي ، ثم استدل به المصنف فيما بعد على وجوب الكفارة بالفطر العمد ، أكلا ، أو شربا ، أو جماعا ، وقال الشافعي ، وأحمد : لا تجب إلا في الجماع ، واستدل لنا ابن الجوزي في " التحقيق " بحديث أخرجه الدارقطني عن أبي معشر عن محمد بن كعب القرظي عن أبي هريرة { أن رجلا أكل في رمضان ، فأمره النبي عليه السلام أن يعتق رقبة ، أو يصوم شهرين ، أو يطعم ستين مسكينا }انتهى .

                                                                                                        وأعله بأبي معشر ، وقال : قال ابن معين : ليس بشيء ، ومن أصحابنا من احتج بحديث أبي هريرة المتقدم ، وليس فيه حجة ، لأنهم يحملونه على الجماع ، قالوا : وقد جاء مبينا [ ص: 14 ] في رواية جماعة عن الزهري نحو العشرين رجلا ، ذكرهم البيهقي ، فقالوا فيه : إن رجلا وقع على امرأته في رمضان ، قال البيهقي : ورواية هؤلاء الجماعة عن الزهري مقيدة بالوطء أولى بالقبول لزيادة حفظهم ، وأدائهم الحديث على وجهه ، كيف وقد روى حماد بن مسعدة هذا الحديث عن مالك عن الزهري نحو رواية الجماعة ، ثم أسند عن حماد بن مسعدة عن مالك عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة { أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في رجل وقع على أهله في رمضان : أعتق رقبة ، قال ما أجدها ، قال : فصم شهرين ، قال : ما أستطيع ، قال : فأطعم ستين مسكينا }" ، واستدل المصنف أيضا على أن الكفارة في هذا الباب ككفارة الظهار ، وفيما تقدم كفاية .




                                                                                                        الخدمات العلمية