صفحة جزء
‏فصل‏

وأما النزول فهو ضد العلو‏ ، وما من قسم من أقسام العلو الخمسة إلا وضده قسم من أقسام النزول‏ ، فهو إذا خمسة أقسام ، وتفصيلها يدرك من تفصيل أقسام العلو على نحو ما تقدم شرحه‏ . ‏

وأما قول ‏الحاكم أبي عبد الله‏‏‏ : " لعل قائلا يقول : النزول ضد العلو ، فمن عرف العلو فقد عرف ضده ، وليس كذلك ، فإن للنزول مراتب لا يعرفها إلا أهل الصنعة‏ . . . . إلى آخر كلامه " ، فهذا ليس نفيا لكون النزول ضدا للعلو على الوجه الذي ذكرته ، بل نفيا لكونه يعرف بمعرفة العلو‏ ، وذلك يليق بما ذكره هو في معرفة العلو ، فإنه قصر في بيانه وتفصيله ، وليس كذلك ما ذكرناه نحن [ ص: 264 ] في معرفة العلو ، فإنه مفصل تفصيلا مفهما لمراتب النزول ، والعلم عند الله تبارك وتعالى . ‏

ثم إن النزول مفضول مرغوب عنه ، والفضيلة للعلو على ما تقدم بيانه ودليله‏ . ‏

وحكى‏ ‏ابن خلاد ، عن بعض أهل النظر أنه قال‏ : " التنزل في الإسناد أفضل " ، واحتج له بما معناه أنه يجب الاجتهاد ، والنظر في تعديل كل راو وتجريحه ، فكلما زادوا كان الاجتهاد أكثر‏ . ‏

وهذا مذهب ضعيف ضعيف الحجة‏ ، وقد روينا عن ‏علي بن المديني ، و‏‏أبي عمرو المستملي النيسابوري أنهما قالا‏ : " النزول شؤم‏ " . ‏

وهذا ونحوه مما جاء في ذم النزول مخصوص ببعض النزول ، فإن النزول إذا تعين - دون العلو - طريقا إلى فائدة راجحة على فائدة العلو فهو مختار غير مرذول ، والله أعلم‏‏‏‏ . ‏

التالي السابق


الخدمات العلمية